اخبار سوريا
موقع كل يوم -تلفزيون سوريا
نشر بتاريخ: ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٤
تشهد العاصمة السورية دمشق حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق، يعيد تشكيل ملامح العلاقات الإقليمية والدولية مع سوريا بعد سنوات من العزلة السياسية، وفود سياسية ودبلوماسية رفيعة المستوى تصل تباعاً إلى العاصمة في إطار تحركات متسارعة تُنذر بمرحلة جديدة قد تعيد لسوريا دورها المحوري في المنطقة.
لعل أبرز التطورات تكمن في وصول وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى دمشق ولقاء أحمد الشرع، واللافت أن هذه الزيارة تأتي في سياق موجة من التفاهمات الدبلوماسية الجديدة التي بدأت تتبلور بين دول المنطقة، فبعض العواصم التي أغلقت سفاراتها في دمشق منذ انطلاق الثورة بدأت الآن تعيد النظر في الأمر بعد إسقاط نظام الأسد، معلنة فتح صفحة جديدة من العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة.
وزير الخارجية التركي في دمشق
قالت مصادر تلفزيون سوريا اليوم الأحد، إن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان التقى في العاصمة دمشق مسؤولين من الإدارة السورية الجديدة، على رأسهم أحمد الشرع، القائد العام للإدارة.
وبحسب وكالة 'الأناضول'، شارك في الاجتماع نائب وزير الخارجية نوح يلماز، والقائم بالأعمال المؤقت للسفارة التركية في دمشق بورهان كوروغلو، وأسعد حسن الشيباني الذي تم تعيينه وزيراً للخارجية في الحكومة السورية الجديدة.
وكانت وسائل إعلام محلية قد أفادت في وقت سابق اليوم بدخول رتل أمني كبير من تركيا، يضم نحو 100 سيارة، وتوجهه من الشمال السوري إلى دمشق.
وأكد وزير الخارجية هاكان فيدان، في تصريحات أمس، وجود خطط لزيارة دمشق ولقاء مسؤولين من الإدارة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن 'هيئة تحرير الشام' لم تشارك في أي أعمال إرهابية منذ عقد.
جنبلاط يلتقي أحمد الشرع
في صباح اليوم، وصل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى قصر الشعب في دمشق برفقة وفد لبناني رفيع المستوى. وأفاد مراسل تلفزيون سوريا بأن الوفد يضم وائل أبو فاعور، وسامي أبي المنى، وتيمور جنبلاط.
وأكد جنبلاط أن زيارته إلى دمشق تعد حجر الأساس لإعادة العلاقات بين سوريا ولبنان إلى طبيعتها.
من جهته، أشار الشرع إلى الدور الذي لعبه أهالي السويداء في العملية العسكرية التي أدت إلى إسقاط النظام السوري، مؤكداً على الترابط التاريخي بين الجانبين.
وتعهد الشرع بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً 'سلبياً' في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور.
جنبلاط: زيارة دمشق خطوة نحو إعادة العلاقات الطبيعية بين سوريا ولبنان
وأضاف أن النظام السوري السابق لم يكتفِ بقمع السوريين، بل امتد ذلك إلى اللبنانيين، مشيراً إلى عمليات اغتيال طالت قادة من البلدين، مؤكداً تطلع الإدارة الجديدة في سوريا إلى إعادة بناء علاقات أخوية متينة بين الشعبين السوري واللبناني.
حراك دبلوماسي متسارع
إلى جانب اللقاءات رفيعة المستوى، أعادت عدة دول تمثيلها الدبلوماسي في دمشق، واستأنفت عمل سفاراتها بعد سقوط نظام الأسد.
وبحسب مصادر خاصة لتلفزيون سوريا، وصل وفد سعودي اليوم إلى دمشق والتقى أيضاً بقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع.
من جانب آخر، رفع وفد رسمي من الخارجية القطرية، أمس السبت، علم قطر على السفارة القطرية بالعاصمة دمشق، وهي الدولة الثانية بعد تركيا التي تعيد فتح سفارتها عقب إسقاط نظام بشار الأسد المخلوع.
وكانت الدوحة قد أعلنت، الأحد الماضي، إعادة فتح سفارتها في سوريا بعد إغلاقها لنحو 13 عاماً.
عبر سوريا.. سقوط 'الأسد' يحيي مشروع خط الغاز القطري إلى أوروبا
سبق ذلك إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان استئناف سفارة بلاده عملها في دمشق، وتعيين برهان كور أوغلو قائماً بالأعمال للسفارة.
وفد أميركي في دمشق
وقبل يومين، عقد القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع في دمشق لقاءً مع وفد دبلوماسي أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، ناقش فيه الطرفان العديد من القضايا المتعلقة بسوريا بعد سقوط الأسد.
وإلى جانب باربرا ليف، ضمّ الوفد الزائر كلاً من المبعوث الرئاسي لشؤون الرهائن روجر كارستينز، والمستشار المعين حديثاً دانيال روبنشتاين، الذي كُلف بقيادة جهود الخارجية الأميركية في سوريا، ليكونوا بذلك أول دبلوماسيين أميركيين يسافرون إلى دمشق منذ أن أطاحت المعارضة السورية ببشار الأسد.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط للصحافيين بعد اللقاء، إنها ناقشت مع ممثلي السلطة المؤقتة، بمن فيهم أحمد الشرع، 'المبادئ التي اتفقنا عليها مع شركائنا في العقبة'، موضحة أن الإدارة الأميركية 'تدعم بالكامل عملية سياسية بقيادة سورية وملكية سورية تؤدي إلى حكومة جامعة وتمثيلية تحترم حقوق جميع السوريين، بما في ذلك المرأة والمجتمعات السورية المتنوعة عرقياً ودينياً'.
وأضافت ليف أن الشرع 'تعهد بمكافحة الجماعات الإرهابية وضمان عدم تمددها داخل سوريا'، وأكدت له أن واشنطن لن تُبقي على المكافأة بشأنه مقابل مكافحة تنظيم الدولة.
في إطار استئناف العلاقات مع الحكومة الجديدة.. وفد أميركي يزور دمشق
ووصفت الشرع بأنه 'رجل عملي، والمناقشات معه كانت جيدة ومثمرة ومفصلة. وهو شخص براغماتي. سمعنا منه تصريحات عملية معتدلة للغاية حول المرأة والحقوق المتساوية'.
تعيين وزيري خارجية ودفاع
في سياق منفصل، كلّفت القيادة العامة في دمشق، السبت، أسعد حسن الشيباني بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السورية الجديدة.
ونشرت 'القيادة العامة' بياناً أكدت من خلاله تكليف أسعد حسن الشيباني بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السورية الجديدة، مرفقة ذلك بصورة له.
كما نشرت 'القيادة العامة' بروفايلاً يعرّف بالشيباني، وهو من مواليد محافظة الحسكة عام 1987. عاش في دمشق وتخرج من جامعتها عام 2009 في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.
أسعد الشيباني وزيراً للخارجية في الحكومة السورية الجديدة.. ما مهامه السابقة؟
ووفق التعريف، فإن الشيباني حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الخارجية من جامعة صباح الدين زعيم في تركيا عام 2022، ثم درجة الدكتوراه في التخصص ذاته عام 2024.
ويدرس الشيباني حالياً المرحلة الأخيرة من ماجستير إدارة الأعمال (MBA). وبحسب التعريف الرسمي، شارك الشيباني في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية عام 2017، كما أسس إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ وكان على رأسها منذ بدايتها وحتى الآن.
وقالت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا، السبت، إن إدارة العمليات العسكرية عينت مرهف أبو قصرة، القائد العسكري لـ 'هيئة تحرير الشام'، وزيراً للدفاع في حكومة تسيير الأعمال.
أهداف بارزة للحكومة الجديدة
أكدت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا أن الحكومة السورية الجديدة وضعت عدة أهداف في سياستها الداخلية والخارجية، تتصدرها إنهاء المشروع الإيراني في سوريا والعمل على إيقاف تمدده.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة تسعى إلى إنهاء ملف اللاجئين السوريين في تركيا ودول أخرى، بالإضافة إلى وقف عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن ودول الخليج.
كما تضمنت أهداف الحكومة الجديدة تبديد مخاوف الأمن القومي التركي، خاصة تلك المتعلقة بالمشاريع الانفصالية في الشمال السوري، في محاولة لتعزيز استقرار المنطقة وتخفيف التوترات.
الشرع: سوريا لن تكون منصة لمهاجمة أي دولة عربية أو خليجية
وكان الشرع قد قال إن سوريا يجب أن تمر بثلاث مراحل على الأقل، أولها استلام الحكومة الجديدة لمهامها، والثانية الدعوة إلى مؤتمر وطني جامع لكل السوريين، ومن خلال المؤتمر يُصوّت على بعض المسائل الهامة، مثل حل الدستور والبرلمان، وتشكيل مجلس استشاري يملأ الفراغ الدستوري والبرلماني إلى حين تجهيز الظروف للانتخابات.
وأضاف الشرع في مقابلة مع قناة 'بي بي سي'، أن من حق الشعب أن يختار ممثليه في مجلس الشعب والنواب، مشيراً إلى أن المجتمع السوري يعيش مع بعضه ولا يمكن لأحد أن يلغي الآخر، مع إمكانية إيجاد عقد اجتماعي يحمي حقوق الجميع.
إيران ممتعضة
بعد سقوط نظام الأسد، برر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تدخل بلاده في سوريا بأنه 'معركة الإيمان'، معتبراً أن هذا الدور كان ضرورياً لمواجهة ما وصفه بالتهديدات التي تمس المصالح الإسلامية والإقليمية.
واتهم خامنئي الولايات المتحدة بالسعي إلى نشر الفوضى والشغب في سوريا، ورأى أن الأحداث الجارية في البلاد قد تؤدي إلى ظهور 'مجموعة من الشرفاء الأقوياء'، بحسب تعبيره.
وأضاف خامنئي: 'مخطط أميركا في سوريا يعتمد على نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار بهدف فرض هيمنتها (...) وهذه السياسة ليست جديدة، بل تمثل أسلوباً معتمداً لتأمين مصالحها في المنطقة'.
ويأتي ذلك بعدما قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن سوريا باتت خارج 'محور المقاومة' بعد سقوط رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، زاعماً أن ما شهدته البلاد يأتي 'ضمن مخطط أميركي - إسرائيلي'.
وأكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، أن الولايات المتحدة ترى أن إيران لن يكون لها أي دور في مستقبل سوريا بعد تغيير السلطة فيها، ووصفت النفوذ الإيراني في سوريا بأنه 'سلبي للغاية'.
'قسد' لا تريد فيدرالية
في سياق التطورات التي تشهدها سوريا، نفى مظلوم عبدي، زعيم قوات سوريا الديمقراطية 'قسد'، المطالبة بحكم فيدرالي في شمال شرقي سوريا، زاعماً أن قواته ليست امتداداً لـ'حزب العمال الكردستاني/ PKK'، وأنها فتحت قنوات تواصل مع القيادة الجديدة في دمشق.
غولر: السلطات السورية ستخرج التنظيمات 'الإرهابية' من البلاد
وقال عبدي في تصريحات لقناة 'فرانس 24'، إنهم لا يريدون فيدرالية، وإن 'قسد' مستعدة لإخراج المقاتلين غير السوريين فور التوصل إلى هدنة مع تركيا.
وزعم أنه يرغب في أن تكون 'قسد' جزءاً من جيش وطني سوري في حال تشكيله، مؤكداً أنه مستعد لبحث ذلك مع الحكومة الجديدة في دمشق. وقال إن 'قسد' لم تتفاوض بعد مع القيادة الجديدة في دمشق بشأن مستقبل سوريا، لكنها مستعدة لذلك.
يشار إلى أن وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، دعت إلى نزع سلاح 'قسد' ودمجها ضمن قوات الأمن الحكومية الجديدة، مؤكدة أن 'أمن الأكراد ضروري لسوريا حرة، ولكن يجب أيضاً معالجة المخاوف الأمنية التركية لضمان الاستقرار'.