اخبار سوريا
موقع كل يوم -قناة حلب اليوم
نشر بتاريخ: ١٨ حزيران ٢٠٢٥
عقد سياسيون وناشطون “المؤتمر العام” في مدينة السويداء، أمس الثلاثاء، بهدف الخروج بتوصيات ومطالب لعرضها على الحكومة السورية، والتنسيق من أجل حل الملفات العالقة بالمحافظة.
ولم تصدر حتى لحظة تحرير الخبر مخرجات عن الاجتماع، الذي حضره نحو 120 شخصية، من ضمنهم ممثلون عن شخصيات دينية، أبرزها شيخا عقل الطائفة الدرزية، يوسف جربوع وحمود الحناوي، وممثل عن الرئيس الروحي للطائفة، حكمت الهجري، إلى جانب شخصيات من الطائفة المسيحية، وممثلين عن تيارات سياسية في المحافظة.
وقال الكاتب والصحفي السوري، أيمن الشوفي، لحلب اليوم، 'مع الأسف فقد جاء المؤتمر برعاية ودعم من بعض الشخصيات الدينية النافذة في السويداء، وفي مقدمتهم الهجري، وهناك شريحة ناضجة سياسيًا في السويداء تريد سوريا واحدة وتنتمي إليها، ولا ترضى بأن تكون السويداء إلا جزءًا من الخريطة السياسية السورية، ومع ذلك، عندما تقوم هذه الشريحة بممارسة النقد على السلطة السياسية الحالية، فإنها تذهب باتجاه معارضتها'.
ورأى أن 'هناك أصواتا كثيرة خانت هذه الشريحة الاجتماعية السياسية، بسبب وجود ذهنية خاطئة وتصور سياسي خاطئ، وهو أن من يعارض السلطة الحالية مرتبط بمشاريع انفصالية، وهذا غير صحيح على الإطلاق. القسم الأكبر في السويداء يريد أن تكون جزءًا من سوريا، لكن لا يوجد ما يمنع من ممارسة النقد على أداء السلطة السياسية، ولا يعني ذلك أي شبهة تخص الانفصال'.
وجرت جولتان للنقاش، انبثقت عنهما “أمانة عامة” مكونة من 31 شخصا، ستكون مهمتها 'التنسيق مع دمشق وتنظيم العلاقة بين المحافظة والحكومة، والتأكيد على مشاركة السويداء ضمن بناء الدولة السورية والمساهمة بشكل فعال'.
وانسحبت “حركة رجال الكرامة” من المؤتمر العام في السويداء، معلنة عن مقاطعتها له، ورفض 'أي مسار يقوم على إقصاء الصوت الوطني الحر واحتكار القرار”، وأوضحت أن سبب انسحابها يعود إلى تلقيها دعوةً لحضور المؤتمر بصفة “ضيف” دون حق الترشح أو التصويت للأمانة العامة.
كما أبلغت اللجنة الحركة بعدم تخصيص كلمة لها ضمن أعمال المؤتمر، وهو ما اعتبرته تحكما بمسار المؤتمر، من قبل 'جهة تعمل على إقصاء الكلمة الحرة، واحتكار القرار'.
وقال الشوفي إنه 'من الصعب بمكان تقييم نجاح المؤتمر السياسي بناءً على المعطيات القائمة على الأرض. فمن الصعب توحيد كل الاتجاهات السياسية في السويداء، حيث تختلف القوى السياسية والفصائل المسلحة في مواقفها وتطلعاتها. كما هو معروف، هناك تباين في المواقف من التجربة السياسية الجديدة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، واختلاف في قراءة مكونات ورؤية السلطة السياسية الحالية'.
واعتبر أن 'المؤتمر حاول، ضمن المعطيات القائمة، تقديم منظور متماثل وعبر عن شريحة واسعة من القوى السياسية في السويداء والشخصيات السياسية المستقلة، والتي تنافس أي مشروع انفصالي يبتعد بالسويداء عن سوريا الواحدة، لكنه استثنى في الدعوة بعض الأطراف، وهناك ملاحظات على المستوى التنظيمي وعلى مستوى عمل اللجنة التحضيرية'.
ولفت الشوفي إلى أن 'محاور المؤتمر تهدف إلى تقديم صيغة أو إطار عام يمكن التوافق عليه من قبل معظم المكونات السياسية في السويداء، حيث انتخب المؤتمر أمانة عامة، وكأنه يقدم نموذجًا للحراك السياسي في المنطقة، ويحاول أن يقدم نفسه كتجربة سياسية يمكن الاحتذاء بها في باقي المناطق، وقد جاء على رافعة سياسية لا يمكن تجاهلها، وهي التجربة السياسية في السويداء بعد انتفاضة أغسطس عام 2023 التي استمرت حتى سقوط نظام بشار الأسد'.
ومضى بالقول: 'خلال انتفاضة السويداء، تراخت القبضة الأمنية بشكل ملحوظ، حيث لم يقم نظام بشار الأسد بقمع الانتفاضة بقوة، مما أتاح فرصة لظهور تجربة سياسية فريدة في المنطقة، تشكلت خلال هذه الفترة العديد من التشكيلات السياسية، بعضها لا يزال حتى الآن يتمتع بمستوى عالٍ من التجريب السياسي، وفي آخر عامين من عمر النظام البائد، استفادت السويداء من هذا التراكم في التجربة السياسية، واستمرت بعد سقوط النظام بهذا المستوى من الحراك والعمل على مشاريع سياسية، بعضها وطني التوجه وينتمي إلى سوريا الواحدة، وبعضها للأسف أخذ طابعًا انفصاليًا أو مناطقًا، مما قد يؤدي إلى حدوث فارق على الأرض'.
واعتبر الكاتب السوري أنه 'من الأجدى أن يتم التفكير في المؤتمر كتجربة سياسية يمكن تعميمها من أجل فتح المجال للنقاش السياسي، رغم أنه ما زال هناك تجاذب في المشهد السياسي العام بالسويداء، حيث توجد وجهتا نظر سياسيتان: الأولى ترى أن السويداء يجب أن تظل جزءًا من سوريا، بينما تحاول الأخرى البحث عن صيغ للإدارة الذاتية في السويداء وتقدم مسوغات لوجهة نظرها'.
في نفس الوقت – يضيف الكاتب – 'هناك تيار انفصالي واضح لا يريد الانتماء إلى الحالة السياسية الحالية في سوريا ويبحث عن بدائل، وهذا الاتجاه السياسي يرفضه معظم الناس في السويداء. لا يمكن القبول بدولة درزية مسيجة مكونة من لون واحد تعيش في جبل منزوي في أقصى الجنوب، فلا يمكن لأي محاكمة عقلية أو تصور عقلي أو منطق أن يقبل بصيغة هذه الحالة الانعزالية التي يروج لها هذا التيار السياسي، ومع ذلك، هناك ممارسات من السلطة القائمة يجب أن تنتقد ويجب الإضاءة عليها، وواجب تصحيحها'.
أما عن مستقبل الوضع في السويداء، فهو 'جزء مما تخطط له أو تخبئه الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، وما تضمره لسوريا بشكل خاص، أعتقد أن السويداء ستظل ضمن هذه المعادلة التي يتنازع فيها طرفان: طرف يريد حلولًا فردية تخص السويداء، ويريد جذبها وإقصائها، وجعلها تعيش حالة من الانزواء والحالة المناطقية الضيقة، أيا كانت النتائج، والتيار الآخر، الذي لا يزال منقسمًا، حيث هناك من لا ينتقد السلطة القائمة ويريد السويداء جزءًا من سوريا، وهو موالٍ للسلطة القائمة، وهناك من يريد السويداء جزءًا من سوريا، لكن لديه اعتقادات سياسية مشروعة للسلطة القائمة، إذا جاز التعبير'.
وفي النتيجة: 'لدينا ثلاثة تيارات سياسية: تياران يريدان سوريا، لكن يمارسان عملًا سياسيًا مختلفًا، أو لديهما موقفان سياسيان مختلفان، أحدهما السلطة والآخر معارض للسلطة، وهناك تيار انفصالي ضيق، يريد السويداء منفصلة، وستبقى هذه التيارات الثلاثة بانتظار أن يحسم المشهد في المنطقة، فالكل ينتظر انتهاء الحرب بين إسرائيل وإيران. المسألة في السويداء لا يمكن الحديث عنها بشكل منفصل عن هذه العوامل الخارجية'، وفقا للشوفي.
كما أنه 'لا يوجد مستقبل للسويداء بمعزل عن مستقبل كل سوريا، وأتمنى أن تبقى سوريا واحدة، حتى ولو كان هناك في الأفق مشاريع ربما لها علاقة بالفيدرالية في سوريا، أو ما تروج له إسرائيل من معبر ديفيد الذي يصل إلى مناطق الشمال الشرقي.. لا نأمل أن يبتعد السوريون عن كونهم شعبًا واحدًا، بعد صراع طويل للخلاص من النظام السابق'.