اخبار سوريا
موقع كل يوم -هاشتاغ سورية
نشر بتاريخ: ١٧ نيسان ٢٠٢٥
الناجون بلا مأوى.. مجازر الساحل تفتح باب نزوح جديد ولا ضوء في آخر النفق
هاشتاغ – حسن عيسى
لم تكن مجازر الساحل السوري في آذار/مارس الماضي مجرد لحظة دموية في تقويم مرحلة ما بعد سقوط النظام، بل محطة مفصلية تسببت بموجة تهجير قاسية طالت آلاف العائلات.
وبينما انشغل الرأي العام بتفاصيل الجريمة ومن يقف خلفها، كان هناك من يخوض معركة يومية مختلفة: البحث عن مأوى، لقمة، وكرامة مفقودة.
في المدن البعيدة عن ساحات المجازر، لا يسمع الناس سوى الأرقام، لكن خلف هذه الأرقام وجوه متعبة، وأطفال محرومون من الدفء، وأمهات يحاولن النجاة بما تبقّى.
من الجحيم إلى المجهول
في مدرسة مهجورة بريف طرطوس تحوّلت إلى مركز إيواء مؤقت، تجلس أم سليم (42 عاماً)، تحتضن ابنتها الصغيرة بثياب خفيفة لا تقي من برد الليل.
تقول لـ'هاشتاغ': 'لم يكن هناك وقت لارتداء شيء. سمعنا الصراخ وإطلاق النار، فحملت ابنتي وهربت. كنا أربع نساء وخمسة أطفال، سرنا ليلتين في الغابة، من دون طعام أو ماء، فقط لننجو'.
أم سليم، مثل كثيرين، لم تكن مستعدة لترك بيتها، لكن الخوف سبقها إلى القرار. اليوم، تعيش في غرفة بلا كهرباء، تتقاسمها مع ثلاث عائلات أخرى، وكل ما تملكه هو كيس فيه صور أولادها ودفتر عائلي ممزّق.
بين الرفض والخذلان
في مركز إيواء آخر، يروي منذر (36 عاماً) حكايته لـ'هاشتاغ'، وهو موظف حكومي سابق من إحدى بلدات ريف جبلة: 'خرجنا بعد أن بدأ القصف والقتل. توقّعنا أن نجد من يحمينا أو على الأقل من يستقبلنا'.
ويضيف: 'لكن الحقيقة أن الناس خافت منا، وكأننا نحن من ارتكب المجزرة، لا من نجا منها. الواقع بعد الحادثة كان أصعب من وقوعها'.
ويشير منذر إلى أن بعض العائلات واجهت صعوبات في تأمين مأوى، بسبب مخاوف أمنية أو طائفية، وأحيانًا بسبب شحّ الموارد والإمكانات ومقوّمات الحياة.
ويتابع: 'أصبحنا محسوبين على أزمة لا أحد يريد أن يتحمّلها. كأنك زائر غير مرغوب فيه، مع أنك لم تغادر بيتك إلا لأنه صار رماداً، وأهلك بين من مات ومن لا نعلم أين انتهى به المطاف'.
من نجا.. لم ينجُ فعلاً
الناجون من المجازر لا يحملون جروحاً جسدية فقط، بل ندوباً نفسية أعمق قد تستمر معهم لسنوات، نتيجة حدث سيبقى أثره عالقاً في أذهانهم بالصوت والصورة.
نور (25 عاماً)، معلمة لغة فرنسية من القرداحة، تقول لـ'هاشتاغ': 'لم أعد أنام. كل صوت مرتفع يعيدني إلى اللحظة التي اقتحموا فيها الحيّ وقتلوا جاري أمام عيني'.
وتتابع: 'لم أعد أملك طاقة لأشرح ما حدث أو لماذا نحن هنا، لأنني حتى الآن لا أستوعب ذلك. نحن بالتأكيد بحاجة إلى دعم نفسي بعد كل ما مررنا به، لكن هذا لا يعني أننا نجونا. نحن لا نزال في قلب الكارثة'.
نور تسكن اليوم مع أقاربها في بيت ضيق بمصياف، لكنها تؤكّد أن المساحة الأهم التي خسرتها لم تكن منزلها، بل شعورها بالأمان.
غياب التنسيق
لا توجد حتى اليوم جهة رسمية أو دولية تتولى بشكل منظم ملف المهجّرين من مجازر الساحل، بحسب ما يؤكده المحامي والناشط الحقوقي حسام زيود.
يقول لـ'هاشتاغ': 'الناس تعيش على المساعدات الفردية. هناك غياب تام لأي خطة إغاثية واضحة، لا من الدولة ولا من المنظمات، ومن يتحرك إنما يتحرك بمزاجية أو من خلال مبادرات فردية'.
ويشير زيود إلى أن غياب التوثيق الدقيق لعدد المهجّرين وأماكن وجودهم يعرقل أي جهد حقيقي لتقديم الدعم. ويضيف: 'لا توجد خريطة واضحة، ولا حتى اعتراف كامل بحجم الكارثة. الأهم أصبح الصراع السياسي، وضاعت الناس بين التفاصيل'.
ويتابع: 'كثيرون اضطروا لقبول مساكن غير صالحة، أو التوسل للحصول على بطانية، أو الوقوف في طوابير المساعدات لساعات طويلة فقط للحصول على ربطة خبز. ووسط كل ذلك، لا تزال الخطة الواضحة لإنقاذ هؤلاء من النزيف البطيء غائبة بالكامل'.
بسبب الجفاف.. تدهور الوضع الزراعي للوردة الشامية في سوريا
'إعادة توزيع'.. وزارة الدفاع الأمريكية تنفي انسحاب قواتها من سوريا
استئناف الدوري.. محاولة لإنقاذ الموسم الكروي