اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢١ أب ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
يُظهر تتبع نشاط الصندوق خلال السنوات الأخيرة نمواً متواصلاً من حيث حجم التمويل وعدد الدول والقطاعات المستفيدة
يشكل الصندوق السعودي للتنمية منذ تأسيسه عام 1974 أي قبل 51 عاماَ، أحد أبرز الأدوات التي استخدمتها المملكة لتعزيز حضورها الدولي عبر تمويل مشاريع تنموية في دول نامية.
ومع مرور الوقت، لم يعد دوره مقتصراً على تقديم القروض للدول المحتاجة، بل تحول إلى ذراع مالية متقدمة تترجم توجهات الرياض في بناء شراكات طويلة الأمد مع دول العالم بما ينسجم مع طموحاتها الاقتصادية والسياسية.
وخلال العقد الأخير، اتجه نشاط الصندوق إلى مساحات جغرافية أبعد من محيطه التقليدي في آسيا وأفريقيا، ليشمل دولاً في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية والبحر الكاريبي، وهذا التوسع لا يقتصر على زيادة عدد الاتفاقيات، بل يعكس اتجاهاً سعودياً إلى ربط التنمية بالمصالح الاستراتيجية، عبر مشاريع للبنية التحتية والطاقة والاتصالات.
أرقام في 2024
في هذا السياق، كشف التقرير السنوي للصندوق لعام 2024 عن توقيع 17 اتفاقية قرض مع 13 دولة، بقيمة إجمالية بلغت 3.7 مليارات ريال (987 مليون دولار).
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تمويل مشاريع تنموية ذات أولوية في مجالات حيوية تشمل الصحة والتعليم والبنية التحتية والطاقة المتجددة، في إطار التزام الصندوق بدعم مسارات التنمية المستدامة.
كما توزعت القروض جغرافياً على أربع قارات، حيث نالت أفريقيا قرضين بقيمة 337.5 مليون ريال (90 مليون دولار)، فيما حصلت آسيا والمحيط الهادئ على خمسة قروض بقيمة 1.15 مليار ريال (306 ملايين دولار).
وفي أوروبا، وُقعت أربع اتفاقيات بقيمة 821.75 مليون ريال (219 مليون دولار)، أما أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي فقد استحوذت على ستة قروض بلغت قيمتها 1.4 مليار ريال (372 مليون دولار).
ومن بين الدول المستفيدة هذا العام، برزت خمس دول جديدة تدخل لأول مرة ضمن نطاق نشاط الصندوق، هي سانت كيتس ونيفيس، والسلفادور، ونيكاراغوا، ودومينيكا، وصربيا، حيث يعكس دخول هذه الدول اتجاهاً سعودياً واضحاً نحو تنويع الشراكات التنموية، وتعزيز النفوذ الاقتصادي في مناطق لم تكن تقليدياً ضمن دوائر التمويل السعودي.
نشاط متنام
منذ تأسيسه مول الصندوق السعودي للتنمية أكثر من 800 مشروع وبرنامج إنمائي في أكثر من 100 دولة، بإجمالي تمويل تجاوز 75 مليار ريال (20 مليار دولار) حتى عام 2024، وفقاً لأحدث التقارير المتاحة.'
وتركزت المشاريع تاريخياً في مجالات البنية التحتية الأساسية مثل الطرق والجسور والمطارات وشبكات الكهرباء والمياه، إلى جانب المستشفيات والمدارس، وقد ساهم ذلك في ترسيخ مكانة الصندوق كأحد أبرز مؤسسات التمويل التنموي في العالم النامي.
ففي عام 2022 على سبيل المثال، وقع الصندوق 12 اتفاقية بقيمة 2.5 مليار ريال (667 مليون دولار)، شملت دولاً في أفريقيا وآسيا، فيما ارتفع في 2023، عدد الاتفاقيات إلى 15 بقيمة 3 مليارات ريال (800 مليون دولار).
ويُظهر أيضاً أن عام 2024 شهد زيادة جديدة في حجم التمويل وعدد الدول المستفيدة، ما يعكس اتجاهاً تصاعدياً في نشاط الصندوق على مدى السنوات الثلاث الأخيرة.
وإلى جانب القروض التنموية، شارك الصندوق في تمويل مبادرات لدعم الطاقة النظيفة ومشاريع مواجهة التغير المناخي، بما في ذلك برامج للطاقة الشمسية في دول أفريقية وآسيوية، حيث يُنظر إلى هذه المشاركة بوصفها جزءاً من التوجه السعودي نحو دعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ولا سيما الهدف السابع المتعلق بالطاقة النظيفة والمتجددة.
كما يُظهر تتبع نشاط الصندوق خلال السنوات الأخيرة نمواً متواصلاً من حيث حجم التمويل وعدد الدول والقطاعات المستفيدة أبرزها:
- في أفريقيا
- في آسيا
- في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي
أما في العالم العربي، فقد شملت مساهمات الصندوق مشاريع في الأردن مثل تطوير شبكات الطرق السريعة والبنية التحتية للمياه، وفي اليمن عبر دعم مشاريع للطرق في وادي حضرموت، إضافة إلى تمويل مشروعات إسكان ومياه في المغرب، كما لعب دوراً في دعم مشاريع تنموية في فلسطين، بينها إعادة تأهيل شبكات الكهرباء.
ترسيخ حضور المملكة
في حديثه لـ'الخليج أونلاين' يقول المحلل الاقتصادي محمد سلامة، إن نشاط الصندوق السعودي للتنمية 'لم يعد مجرد أداة لتمويل مشاريع في دول نامية، بل تحول إلى رافعة أساسية لرؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى ترسيخ الحضور الدولي للمملكة وتوسيع مجالات نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي'.
وأوضح أن الأرقام الأخيرة التي سجلها الصندوق في 2024، تؤكد أن المملكة تستخدم التمويل التنموي كجزء من استراتيجيتها الكبرى لتعزيز مكانتها عالمياً مضيفاً:
- الصندوق لم يعد يقتصر على المحيط التقليدي في آسيا وأفريقيا، بل بات ينفتح على مناطق جديدة مثل أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، حيث يشهد العالم منافسة شديدة بين مؤسسات التمويل التقليدية والقوى الاقتصادية الصاعدة.
- هذا التوجه يوضح رغبة السعودية في تنويع خارطة شراكاتها، والوصول إلى اقتصادات ناشئة تبحث عن بدائل خارج الإطار الغربي التقليدي.
- دخول صربيا ضمن قائمة المستفيدين من قروض الصندوق يشير إلى توسع استراتيجي نحو أوروبا الشرقية، وهو ما يمنح المملكة مجالاً إضافياً لتوطيد العلاقات الاقتصادية في منطقة طالما اعتُبرت ساحة نفوذ لقوى أخرى.
- هذه الخطوة تتجاوز مجرد تمويل مشاريع لتصبح جزءاً من رسم ملامح جديدة للعلاقات السعودية الأوروبية.
- هذه التحركات تؤكد أن الصندوق السعودي للتنمية بات أداة مزدوجة تجمع بين البعد المالي والتنموي من جهة، والدور السياسي والاستراتيجي من جهة أخرى.
- الاستمرار في هذا النهج سيعزز من قدرة المملكة على لعب دور فاعل في إعادة تشكيل مشهد التمويل التنموي الدولي، بما يضعها في موقع أكثر تأثيراً خلال السنوات المقبلة.