القواسمة يفتح أبواب النقد على فضاءات السرد القصير

صدر حديثًا في عمّان كتاب نقدي جديد للروائي والناقد الأردني الدكتور محمد عبد الله القواسمة بعنوان 'فضاء القصة القصيرة والقصيرة جدًا'، ويقع في 172 صفحة من القطع المتوسط.

يضمّ الكتاب دراسات وقراءات نقدية معمّقة في فضاءات القصة القصيرة والقصيرة جدًا لمبدعين من مختلف أنحاء العالم العربي، وقد توزّعت على أربعة فضاءات رئيسية تناولت تجارب متنوّعة من الأدب العربي والعالمي.

فضاء القصة القصيرة

يضم هذا الفصل قراءات نقدية لعدد من المجموعات القصصية البارزة، منها 'عصافير المساء تأتي سرًا' لمحمد عارف مشة، 'قهوة رديئة' لجمعة شنب، 'أنفاس مكتومة' لزياد أبو لبن، 'الدرجات' لجميلة عمايرة، 'الوديعة' لمحمود الريماوي، و'ذو القرنين' لقاسم توفيق، وغيرها من الأعمال التي عالجها القواسمة برؤية تحليلية تربط بين جمالية النص ومضامينه الإنسانية والاجتماعية.

فضاء القصة القصيرة والقصيرة جدًا

يتناول القواسمة في هذا الفضاء حركة السرد في مجموعة 'يدفنون النهر' لنهلة الجمزاوي، كما يناقش قلق الأنثى والنص في مجموعة 'مزيدًا من الوحشة' لبسمة النسور، ويقدّم قراءة تأملية في مجموعة 'لم يعد لي إلاّ أنا' لمحاسن الحمصي، مبرزًا خصوصية صوت المرأة في القصة القصيرة العربية.

فضاء القصة القصيرة المترجمة

يُخصص المؤلف هذا القسم لقراءة نقدية في قصص عالمية، أبرزها 'قناع الموت الأحمر' لإدجار ألن بو، إلى جانب مجموعة القصص التي ترجمتها نسرين أبو زيد بعنوان 'الحوريّة'.

ويُبرز القواسمة هنا أهمية الترجمة كجسرٍ تواصلي بين الثقافات، ودورها في إثراء المشهد القصصي العربي.

فضاء القصة القصيرة جدًا

في هذا الجزء، يقدّم القواسمة دراسة موسّعة بعنوان 'أثر التكنولوجيا في القصة القصيرة جدًا'، كما يقرأ عشر قصص قصيرة جدًا للكاتب محمد مشّة، إضافة إلى مجموعة 'كل شيء للبيع' لصبحي فحماوي، موضحًا كيف تسهم التقنيات الحديثة في إعادة تشكيل هذا الجنس الأدبي المكثّف.

رؤية المؤلف النقدية

في مقدمة الكتاب، يوضح القواسمة أن اختياره للنصوص والمجموعات لم يستند إلى معيار القيمة الأدبية أو العلاقات الشخصية، بل إلى دوافع نفسية وثقافية واجتماعية آنية.

ويؤكد أن النقد عنده هو عملية فكرية إبداعية تقوم على النص أولًا، ولا تستعين بخارجه إلا بالقدر الذي يفرضه سياق العمل وظروفه، معتبرًا أن جوهر اهتمامه النقدي يتمحور حول ما يقوله النص وما يخفيه من دلالات ومعانٍ.

مؤلفات القواسمة وإسهاماته الأدبية

يأتي هذا الكتاب امتدادًا لمسيرة القواسمة الغنية في النقد والإبداع القصصي، إذ أصدر في القصة القصيرة مجموعات مثل:'التوقيع' (1994)، 'خطوات' (2003)، و'القيثارة' (2024).

أما في مجال النقد، فأصدر 'جماليات القصة القصيرة' (2005) إلى جانب العديد من الكتب التي تناولت الرواية، القصة، الشعر، المسرح.

يحمل الدكتور القواسمة درجة الدكتوراة في النقد الروائي، وهو عضو في رابطة الكتّاب الأردنيين واتحاد الكتّاب العرب، وعضو مؤسس في جمعية النقاد الأردنيين، وله مقال أسبوعي في جريدة الدستور الأردنية.

كما أغنى المكتبة العربية بسلسلة طويلة من الإصدارات في مجالات متعددة، نذكر منها على سبيل المثال: الكنزة الخضراء (قصة، 1971)، عبدالله بن الزبير في بيروت (شعر، 1986)، شارع الثلاثين (رواية، 1994)، الغياب (رواية، 1999)، الخطاب الروائي في الأردن (نقد، 2000)، وقع الرؤية (أبحاث ودراسات، 2009)، سوق الإرهاب (رواية، 2010)، وجع الفراشة (رواية، 2016)، الشمس والظلال (2020)، في سجن كورونا (رواية، 2022)، غيوم على الشيخ جراح (رواية، 2023)، جماليات الشعر (2024)، حول ما كتب الآخرون (2025).

بهذا الإصدار الجديد، يواصل الدكتور محمد عبد الله القواسمة جهوده في تعميق التجربة النقدية العربية، مؤكدًا حضوره كأحد الأصوات المتميزة التي تربط بين الإبداع والبحث الجمالي في القصة القصيرة والقصيرة جدًا.