إرشادات للنساء بعد التعافي من سرطان الثدي

انتهاء رحلة علاج سرطان الثدي لا يعني نهاية القصة، بل بداية مرحلة جديدة تتطلب من المرأة عناية خاصة بجسدها وصحتها النفسية. فبعد المرور بتجربة صعبة مليئة بالتقلبات، تبدأ رحلة التعافي التي تحتاج إلى وعي ومتابعة مستمرة.

كثير من النساء ينجحن في تجاوز هذه التجربة القاسية، لكن ما بعد العلاج لا يخلو من تحديات. فرغم أن الشفاء يعد انتصارًا كبيرًا، إلا أن هذه المرحلة قد ترافقها مخاوف من عودة المرض أو ظهور مضاعفات مرتبطة بالعلاجات السابقة.

ولذلك يصبح من الضروري أن تضع المرأة لنفسها خطة واضحة تساعدها على استعادة توازنها والاعتناء بصحتها، سواء عبر المتابعة الطبية المنتظمة أو الاهتمام بنمط حياة صحي.

كيف تعتني بنفسك بعد علاج سرطان الثدي؟

بعد تجاوز تجربة سرطان الثدي الصعبة، تبدأ مرحلة جديدة تتطلب اهتماما خاصا بالجسم والنفس. تعرفي على أبرز الإرشادات العملية التي تساعدك على الحفاظ على صحتك وقوتك بعد الشفاء، استنادًا إلى توصيات المعهد الوطني للسرطان (NCI) والمعلومات المنشورة على موقع Susan G. Komen.

المتابعة الطبية المنتظمة

خلال السنوات الخمس الأولى بعد العلاج، يُنصح بمراجعة طبيب الأورام أو الفريق الطبي المختص بين مرة إلى أربع مرات سنويا، بحسب حالتك الصحية. بعد هذه الفترة، غالبا تصبح الزيارات مرة واحدة سنويا.

وتهدف هذه المتابعات إلى الكشف المبكر عن أي تكرار موضعي أو انتشاري، إدارة المشكلات المرتبطة بالأدوية (مثل العلاج الهرموني)، التحقق من الآثار المتأخرة للعلاج، ورصد أي علامات ليمفاوية أو مشاكل في العظام.

إذا خضعت المرأة لاستئصال جزئي للثدي مع علاج إشعاعي، يُنصح بإجراء تصوير ماموغرافي بعد 6 إلى 12 شهرا من انتهاء الإشعاع، ثم مرة سنويا بعد ذلك. أما في حال الاستئصال الكامل للثدي، فتكون المتابعة للثدي المتبقي أو للثدي الآخر حسب توصية الطبيب وحالتك الصحية.

كما ينبغي أن تشمل المتابعات الطبية فحص ضغط الدم، مستويات الكوليسترول، والفحوصات العامة، بالإضافة إلى مراقبة صحة القلب والعظام، خصوصًا للنساء اللواتي يتلقين علاجا هرمونيا أو يقتربن من سن اليأس.

تبني نمط حياة صحي

أول خطوة مهمة بعد التعافي هي الإقلاع التام عن التدخين؛ إذ إن الاستمرار في التدخين بعد الإصابة بالسرطان يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض جديدة أو أنواع أخرى من السرطان.

التغذية والوزن الصحي

للحفاظ على صحة أفضل بعد التعافي من سرطان الثدي، ركّزي على تناول الفواكه والخضروات، والحبوب الكاملة، والبروتينات الصحية، مع الحد من السكريات والدهون المشبعة.

الحفاظ على وزن صحي يعد أيضا أمرا أساسيا؛ إذ أن السمنة قد تزيد من احتمالية عودة السرطان أو ظهور مضاعفات صحية أخرى.

إلى جانب الغذاء، يُنصح بممارسة نشاط بدني معتدل مثل المشي، السباحة، أو ركوب الدراجة لمدة حوالي 150 دقيقة أسبوعيا، أي نحو 30 دقيقة في معظم أيام الأسبوع، مع مراعاة التدرج وفق قدرتك واستشارة الفريق الطبي قبل البدء.

الدعم الاجتماعي والنفسي

بعد التعافي من سرطان الثدي، قد تواجه المرأة القلق، الاكتئاب، أو اضطرابات النوم، وهي أمور شائعة. من المهم السعي للحصول على استشارة نفسية عند الحاجة، أو المشاركة في مجموعات الدعم، أو اللجوء إلى العلاج السلوكي المعرفي إذا لزم الأمر.

وجود شبكة دعم من العائلة، الأصدقاء، أو نساء نجين من السرطان يمكن أن يخفف كثيرا من الضغوط النفسية. كوني صريحة مع طبيبك وشاركيه مخاوفك وأسئلتك من دون تحفظ.

مارسي تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، التنفس العميق، اليوغا أو الهوايات التي تريحك لتقليل التوتر وتحسين الحالة النفسية.

إعداد خطة بقاء (Survivorship Care Plan)

اطلبي من فريقك الطبي صياغة خطة بقاء تتضمن: تاريخ التشخيص والعلاج، مواعيد الفحوصات المستقبلية، أهداف صحة نمط الحياة، وكيفية مراجعة الأعراض.

احرصي على الاحتفاظ بنسخ من جميع التقارير الطبية، فهي قد تكون ضرورية عند التعامل مع أطباء جدد أو في حالات الطوارئ.

راجعي الخطة سنويا مع طبيبك وعدّليها حسب التغيرات الصحية في جسمك أو توصيات جديدة في الطب.

الانتباه لأعراض تستدعي مراجعة فورية

لا داعي للقلق عند كل عرض بسيط، لكن هناك علامات تستدعي التوجه للطبيب فورا، وتشمل:

ظهور كتلة جديدة في الثدي أو تحت الإبط.

تغيّر في مظهر الجلد أو ملمسه في منطقة الثدي.

ألم مستمر في العظام أو المفاصل أو ظهور تورم في الذراع.

سعال مستمر أو ضيق تنفس غير مبرّر.

نزيف مهبلي غير معتاد أو تغير في الدورة الشهرية.

فقدان وزن مفاجئ غير مفسّر أو تعب يزداد مع الزمن.

ظهور أي من هذه الأعراض يُعد إشارة مهمة ويستلزم تقييما سريعا.

ما بعد علاج سرطان الثدي يمثل بداية رحلة جديدة للرعاية الذاتية، ومن خلال المتابعة المنتظمة، نمط الحياة الصحي، الدعم النفسي، وخطة بقاء منظمة، يمكنكِ تحويل مرحلة ما بعد السرطان إلى حياة مليئة بالقوة والشجاعة.