اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
كم حجم الإصدار المقوّم باليورو الذي أطلقه الصندوق السيادي السعودي؟
بلغ 1.65 مليار يورو (نحو 1.79 مليار دولار).
ما الهدف من طرح السندات الخضراء ضمن خطة الصندوق؟
تمويل مشاريع الطاقة المتجددة والنقل النظيف والبنية التحتية المستدامة.
يواصل صندوق الاستثمارات العامة السعودي توسيع استراتيجيته التمويلية عبر دخول أسواق الدين العالمية، في خطوة تعكس رهانه على أدوات الاقتراض طويلة الأجل لتنويع مصادر التمويل وتعزيز قدرته على تنفيذ مشاريع 'رؤية 2030'.
ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الضغوط المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وارتفاع الإنفاق الاستثماري، ما يدفع الصندوق إلى استخدام أدوات الدين كوسيلة لتغطية احتياجات السيولة ودعم برامج التحول الاقتصادي.
إصدار باليورو
وفي أول طرح من نوعه، أعلن صندوق الثروة السيادي السعودي عن بيع سندات مقومة باليورو بقيمة 1.65 مليار يورو (نحو 1.9 مليار دولار)، في إطار خطة أوسع لتنويع أدوات الاقتراض وتوسيع قاعدة المستثمرين الدوليين.
وأوضحت وكالة 'بلومبيرغ' الأمريكية (7 أكتوبر 2025) أن الإصدار يتوزع على شريحتين: الأولى بقيمة 800 مليون يورو (نحو 934 مليون دولار) لأجل 3 سنوات، والثانية 850 مليون يورو (نحو 993 مليون دولار) لأجل 7 سنوات، وسط إقبال استثماري تجاوز 8.7 مليار يورو (نحو 10 مليار دولار)، ما يعكس قوة الطلب على الديون السعودية رغم زيادة الإصدارات وتراجع العوائد النفطية.
كما حصل الإصدار على تصنيفين ائتمانيين عند (Aa3) من وكالة 'موديز' و(+A) من وكالة 'ستاندرد آند بورز'.
ويأتي هذا الإصدار بعد بيع سندات بالدولار الشهر الماضي، ما يعكس اتجاهاً واضحاً لدى الصندوق نحو تنويع أدوات الدين وتوسيع حضور المملكة في أسواق رأس المال العالمية.
وأطلق الصندوق برنامج الأوراق التجارية قصيرة الأجل لتأمين التمويل المرحلي، إلى جانب بيع حصص في بعض شركات محفظته الاستثمارية لتوفير السيولة.
وتقدّر بيانات صندوق النقد الدولي أن الصندوق السيادي سينفق ما لا يقل عن 40 مليار دولار سنوياً على الاستثمارات المحلية، ضمن خطة طويلة الأمد لتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية الصناعية.
كما يمثل هذا الإصدار إضافة إلى موجة الإصدارات السعودية هذا العام، إذ جمعت الحكومة نحو 20 مليار دولار من السندات المقومة بالدولار، لتصبح من بين أكبر المصدرين للسندات في الأسواق الناشئة بحسب'بلومبيرغ'.
رهان أخضر
ويمضي صندوق الاستثمارات العامة السعودي بخطوات متسارعة نحو دمج الاستدامة في سياساته التمويلية، عبر طرح سندات خضراء (7 أكتوبر) مقومة باليورو جذبت طلبات تجاوزت 6.5 مليار يورو (نحو 7.5 مليار دولار)، في إصدار يوصف بأنه بالحجم القياسي وفق 'رويترز'.
كما يهدف هذا الطرح إلى تنويع مصادر التمويل ودعم التحول الاقتصادي منخفض الكربون الذي تتبناه المملكة، إذ تسعى إلى خفض الانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2060، بما يتماشى مع إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود عام 2021.
وتُخصَّص عائدات السندات الخضراء لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، والبنية التحتية المستدامة، بما في ذلك المبادرات التابعة لشركات الصندوق المتوافقة مع مستهدفات رؤية 2030.
ويُعد دخول الصندوق إلى سوق أدوات الدين الخضراء عام 2022 نقطة تحول في مسار التمويل السيادي السعودي، إذ أطلق آنذاك إطار عمل للتمويل الأخضر مكّنه من إصدار عدة سندات بالدولار، قبل أن يتجه الآن إلى اليورو لتوسيع قاعدة المستثمرين الأوروبيين المتخصصين في تمويل المشاريع المستدامة.
وبذلك يصبح التمويل الأخضر أحد أهم قنوات تمويل البنية التحتية والطاقة المتجددة والتحول الرقمي، ضمن توجه سعودي أوسع نحو اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله أن توجه صندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو اليورو ليس تحولاً عاطفياً، بل هو نوع من أنواع التنويع الاستراتيجي للبحث عن أسواق تمويل جديدة، مضيفاً فيحديثه مع 'الخليج أونلاين':
- هذا التحول يمثل رسالة سوقية للسعي حول مصادر تمويل جديدة من حيث العملة وقاعدة المستثمرين وآلية التسعير.
- إصدار السندات الخضراء يهدف إلى توسيع قاعدة المستثمرين، عبر التوجه نحو القاعدة الأوروبية التي تضم الصناديق التقليدية وصناديق الاستدامة.
- هذا التوجه يقلل من الاعتماد على الأسواق الدولارية التقليدية، مما يخلق ما يمكن تسميته 'ملاذات تمويل احتياطية' بتكاليف أقل، وقد يستثمر فروق الأسعار ويسعى لشرائح تمويلية بآجال أكبر وشروط أفضل.
- يمثل هذا التوجه أيضاً نوعاً من الاندماج مع معايير التمويل المستدام الأوروبية، وسيعزز من الشفافية والمصداقية، حيث ستضطر الحكومة السعودية إلى الاعتماد على جودة الحوكمة وتحديد مشروعات قابلة للقياس مما يخلق لها موقعاً تنافسياً.
- التمويل الأخضر يمكن أن يحسن مكانة السعودية في أسواق الدين العالمية الأوروبية، ولكن بشرط التوجه نحو البنية المؤسسية والشفافية القوية، وسيكون الأثر الإيجابي محدوداً إذا لم يتم الالتزام بهذه المعايير.
- التوسع في الاقتراض قد يرفع مخاطر الاعتماد المحتملة، رغم أن الأثر على خفض التصنيف الائتماني سيكون ضعيفاً طالما أن الصندوق قادر على إدارة السيولة وتحقيق عائد.
- هذا العائد لن يتحقق إلا إذا تم ربط الإنفاق بمصادر إيرادات مستدامة، لكنالتعرض المتزايد للمخاطر قد يستمر في حال استمرار عجز الموازنة العامة للدولة، خاصة مع تزايد الإنفاقات العامة إلى حد كبير.
- الإصدارات الخضراء تمثل تحركاً مهماً في دعم أهداف الحياد الكربوني، ولكنها عنصر واحد فقط يجب أن يندرج ضمن حزمة من السياسات والاستثمارات الأوسع لتحقيق خطة عام 2060.