اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
في الوقت الذي كان فيه صاحب العقل في السويداء يستقوي بالعدو الصهيوني كقوة أجنبية؛ لأنه يرفض بشكل قاطع دخول قوات الأمن التي تنتمي لبلده، ثم يقوم هذا العدو اللدود للعرب والمسلمين، استجابة لصاحب العقل إياه، بقصف دمشق، العاصمة العربية العريقة؛ كان نفس هذا العدو في مكان آخر يقصف الفلسطينيين في غزة، الذين كانوا ينتظرون شاحنات الأمم المتحدة المحمّلة بالغذاء. تخيّل أن تكون واقفاً ومعك آنية فارغة في حشد من البشر، نساء وأطفال ورجال، يتضورون جوعاً وينتظرون مثلك، ثم يتعرّض هذا الحشد لإطلاق نار كثيف ذهب ضحيته يوم الأحد فقط، وقت كتابة هذا المقال، أكثر من 79 شخصاً بالإضافة إلى الجرحى والمصابين الذين كانوا ينتظرون الغذاء والدواء. ما يقوم به هذا العدو، سواء كان ذلك في غزة أو دمشق، جرائم يندى لها الجبين وانتهاكات صارخة للقوانين الدولية أمام العالم والأمم المتحدة. أصبح الإنسان المسلم والعربي يقلّب ناظريه نحو غزة تارة، ونحو دمشق تارة أخرى، ويشعر بالمرارة والغضب، وهو يرى عاصمة عربية عريقة مثل دمشق تتعرّض للقصف من العدو الصهيوني، الذي يستغلّ الطائفية في السويداء؛ لتحقيق مآربه وأهدافه الخبيثة في صناعة الفوضى داخل الدولة السورية الجديدة، وربما زيادة الأراضي المحتلة تحت حجج وذرائع واهية؛ مثل إنشاء مناطق عازلة؛ لضمان أمن الكيان الصهيوني، أو حماية بعض الطوائف الذين استنجدوا بهم. كم هو مهين أن تستقوي بالعدو ضد وطنك!
وفي غزة التي تتعرّض لإبادة جماعية أمام العالم، يمارس العدو الصهيوني كل أنواع الجرائم دون حسيب أو رقيب، ثم يصرّ في الوقت نفسه في مفاوضات وقف إطلاق النار على أن تتوقّف الحرب لشهر أو شهرين في مقابل تسليم الرهائن، ثم يعود بعدها للعربدة والقتل من جديد. وهذا ما فعله طيلة الحرب الظالمة على غزة منذ السابع من أكتوبر في 2023 التي ذهب ضحيتها أكثر من 198 ألف فلسطيني أكثرهم من الأطفال والنساء. لا يريد العدو وقفاً نهائياً لإطلاق النار.
وتزداد مأساة المشاهد العربي والمسلم وهو يتابع إخوانه الفلسطينيين وهم يسقطون جوعى أمام شاشات التلفزيون وفي شبكات التواصل الاجتماعي، دون أن تتحرّك القوى الدولية. استمرار العدو الصهيوني في إغلاق المعابر ومنع وصول الغذاء إلى قطاع غزة أدّى بالمؤسسات الدولية إلى التحذير بأن قطاع غزة يمرّ بمجاعة شديدة؛ إذ كشفت إحصائية يوم واحد فقط استشهاد 19 شخصاً بسبب الجوع وسوء التغذية. العدو الصهيوني يستخدم التجويع كسلاح آخر لا يقل قذارة عن القصف بالطائرات والصواريخ.
كل الطرق في غزة مغلقة أو تؤدي إلى الموت. هكذا أرادها الصهاينة دون أدنى رادع أو رقيب. بسبب الهلع والرعب الذي عاشوه في يوم واحد، الطريق الوحيدة التي يسمح بها هؤلاء هي خروج الفلسطينيين من غزة. لكن هيهات. أثبت الفلسطينيون أنهم باقون ولن يتركوا أرضهم، والدليل هذه الأيام الطويلة التي صبروا فيها. لقد بلغت القلوب الحناجر، ولا شك. قد يمهل الله الظالمين، لكن عقابه أليم شديد في الدنيا قبل الآخرة.
khaledalawadh @