اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٥
لم تكن مفاجِئةً مسارعةُ دولة الاحتلال إلى الموافقة على مقترح المبعوث الأمريكي ويتكوف، إذ يتبنى المقترح بشكل كامل المطالب الإسرائيلية، في الوقت الذي يتجاهل جميع مطالب الشعب الفلسطيني بوقف الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال، وإدخال المساعدات الإغاثية.
وحتى في بنوده التفصيلية، لم يتضمن المقترح أي ضمانات ملزمة لإدخال المساعدات أو حتى لوقف العمليات العسكرية خلال فترة الهدنة المقترحة البالغة 60 يومًا، كما لا يضمن انسحاب جيش الاحتلال، ولم يحمل سوى وعود أمريكية أثبتت خلال مجريات الحرب مشاركتها الفاعلة في إبادة الشعب الفلسطيني عبر تزويد الاحتلال بكميات ضخمة من الصواريخ والأسلحة.
وقال المتحدث باسم حركة حماس جهاد طه: إن 'المقترح لا يراعي التفاهمات التي قدمتها الحركة للوسطاء، لكن الحركة تناقشه بجدية'، مؤكدًا انفتاح الحركة على كل المقترحات والأفكار التي من شأنها إنهاء العدوان وضمان الانسحاب من قطاع غزة، مشددًا على أن أي اتفاق لا بد أن يتضمن الانسحاب الكامل من القطاع، وأن ورقة ويتكوف لا تتضمن أي تعهد قريب بوقف الحرب، لا بشكل جزئي ولا مرحلي.
بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحماس د. باسم نعيم، أن رد الاحتلال في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة (حتى في فترة التهدئة المؤقتة)، ولا يستجيب لأي من مطالب الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها وقف الحرب والمجاعة. ومع ذلك، تدرس قيادة الحركة بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح.
استثمار الضغوط
ورأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن ما ورد في اقتراح ويتكوف يتبنى الرؤية الإسرائيلية بالكامل، مشيرًا إلى أن ذلك ليس مفاجئًا، فثمة تبادل وتكامل في الأدوار بين أمريكا و(إسرائيل).
وأكد عوكل لصحيفة 'فلسطين' أن المقترح يحاول استثمار الضغوط الإسرائيلية، لا سيما سياسة التجويع، لإرغام حركة حماس على قبول اشتراطات تمكّن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من الزعم بأن الضغط العسكري هو السبيل للإفراج عن الرهائن.
وشدد على أن المشكلة ليست فقط في أن الاتفاق لا يضمن وقف الحرب، بل أيضًا لا يضمن انسحاب جيش الاحتلال، ولا يوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين، ولا يوفر ضمانات جدية لتنفيذ بنوده، لافتًا إلى أن الشراكة الأمريكية في هذه الحرب لم تعد محل شك، بل أصبحت واضحة ومستمرة.
كما أشار إلى وجود ضغوط غير مسبوقة على حماس، خاصة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية بفعل القتل والتجويع، ما يضعها أمام موقف مصيري صعب، في وقت يمر بثمن باهظ لا يحتمله بشر.
الراعي الرسمي للمقتلة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن المقترح يؤكد أن أمريكا هي الراعي الرسمي للمجزرة والفاعل الحقيقي فيها، مشددًا على أنه لو كانت تسعى لوقف الحرب لفعلت ذلك منذ اتفاق 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، الذي هلّل له الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، قبل أن يتراجع الاحتلال عن تطبيقه ولم يلتزم ببنوده، خاصة ما يتعلق بالبروتوكول الإنساني ووقف إطلاق النار لمدة 42 يومًا.
وقال الصباح لـ'فلسطين': 'لو أراد ترمب وقف الحرب لما رفع الحظر عن أنواع معينة من الصواريخ والقنابل، ولما أعد حزبه ومجلس النواب الأمريكي قوانين لمعاقبة الدول والأشخاص والكيانات التي – بحسب اعتقادهم – تعادي السامية، ولقر قانونًا لمساعدة الاحتلال بـ14 مليار دولار، ولما تراجع عن مقترح ويتكوف الأول الذي وافقت عليه حماس'.
وأشار إلى أن المقترح الأول كان ينص على الإفراج عن خمسة أسرى إسرائيليين في اليوم الأول للتهدئة، وخمسة في اليوم الأخير، ما كان يمنح المقاومة أوراق ضغط في حال عدم التزام الاحتلال بالاتفاق. أما المقترح الحالي، فيتحدث عن سبعة أيام للإفراج عن الأسرى دون أي ضمانات مقابلة.
وأضاف: 'هناك تجربة سابقة، حيث أخر الاحتلال الإفراج عن الأسرى ووضع عراقيل عديدة. أما المقترح الحالي فقد ألغى كل شيء، ويُستخدم فيه التجويع والمساعدات كسلاح للضغط على المقاومة'.
ضمانات أمريكية معلنة
وتساءل الصباح: 'لماذا ستوافق حماس؟'، مشيرًا إلى أن الحركة قد تقول 'نعم مشروطة'، لكنها تشترط وجود ضمانات أمريكية معلنة، لأن لا مصر ولا قطر ولا أوروبا ستقبل بهذا المقترح، الذي 'يبدو وكأنه كتب بقلم نتنياهو ولا علاقة لويتكوف به'.
وأكد أن حماس تصر على ضمانات أمريكية مكتوبة ومعلنة، لأنه في اتفاق يناير لم يُكتب أي نص بهذا الخصوص، ولا حتى إعلان رسمي عن ضمانة أمريكية، وهو ما تراه الحركة شرطًا لازمًا لإلزام الاحتلال.
وبشأن تطابق المقترح مع المطالب الإسرائيلية، شدد الصباح على أن هذا التطابق دليل على أن أمريكا صاحبة مشروع الإبادة والتطهير، وتسعى للسيطرة على غزة، مشيرًا إلى أن المقاومة ناقشت المقترح مع شركائها في السلاح من منطلق وطني، لكنها تدرك أن القبول به في ظل المجازر والمجاعة يُدخل الشعب الفلسطيني في مخاطرة كبيرة، خاصة أن تجربة تسليم الأسرى في نوفمبر 2023 ويناير 2024 أثبتت أنه بمجرد تسلمهم يعود الاحتلال للقتل.
وختم بالقول: 'بدلًا من لوم حماس، يجب تشكيل حالة ضغط دولي على أمريكا والاحتلال لإنهاء الحرب'، مستغربًا من أن الأمم المتحدة تطالب بإدخال المساعدات دون السعي لوقف الحرب، وكذلك من تقاعس روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا عن إصدار قرار بمجلس الأمن لوقف الحرب، مؤكدًا أن مثل هذا القرار – في حال إصداره – لن تعارضه أمريكا.