اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعمّد الاحتلال الإسرائيلي استهداف المستشفيات في قطاع غزة، لتكون هدفًا رئيسًا له تحت ذرائع واهية، ضاربًا عرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية التي تحظر المساس بالمرافق الطبية خلال الحروب.
طال القصف الإسرائيلي غالبية المستشفيات والمراكز الصحية في جميع محافظات القطاع، ما أدى إلى تدمير معظمها كليًا، وإلحاق أضرار جزئية في أخرى، الأمر الذي تسبب في انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، خاصة في ظل عدم توفر الأدوية والمستهلكات الطبية بسبب استمرار إغلاق المعابر منذ أكثر من 70 يومًا.
وكان مستشفى غزة الأوروبي في محافظة خانيونس آخر الضحايا، حيث تعرّض للقصف 'دون سابق إنذار'، ما ألحق أضرارًا بالغة في معظم أقسامه، وأدى إلى استشهاد عددٍ من المرضى والمرافقين وإصابة العشرات، قبل أن تُعلن وزارة الصحة عن خروجه الكامل عن الخدمة.
وفي جريمة مزدوجة، استهدفت طائرات الاحتلال قسم الحروق في مجمع ناصر الطبي أول من أمس، ما أدى إلى استشهاد الزميل الصحفي حسن أصليح، الذي كان يتلقى العلاج فيه.
وبحسب إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي، فقد استهدف الاحتلال 37 مستشفى و80 مركزًا صحيًا، أُخرجت جميعها من الخدمة، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة صحية.
ومن أبرز المستشفيات التي طاولها التدمير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، وهو الأكبر في فلسطين، حيث اقتحمه جيش الاحتلال ثلاث مرات، كان آخرها في مارس/ آذار 2024، واستمر الاقتحام لمدة أسبوعين، خلّف خلالها دمارًا واسعًا، شمل حرق الأقسام وتدمير الأجهزة والمستلزمات الطبية.
كما تعرض مجمع ناصر الطبي في محافظة خانيونس للاستهداف عدة مرات منذ 7 أكتوبر، كان آخرها في 23 مارس 2025، حين قُصف قسم الجراحة، تلاه استهداف قسم الحروق قبل يومين.
وارتكب الاحتلال مجزرة في مستشفى الأهلي العربي 'المعمداني' في 17 أكتوبر 2023، أسفرت عن استشهاد نحو 500 من المرضى والجرحى والنازحين. وبعد 18 شهرًا من ذلك التاريخ، قصف الاحتلال مبنى الاستقبال والطوارئ فيه بصاروخين، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة.
وتكرر استهداف مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال القطاع، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024، اقتحمه الاحتلال بعد ساعات من حصاره، وأحرق مرافقه، وأجبر الطواقم الطبية والمرضى على خلع ملابسهم في برد قارس، قبل اقتيادهم إلى جهة مجهولة.
وفي مارس 2024، اقتحم الاحتلال مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وأخرجه عن الخدمة، بعدما أجبر الطواقم الطبية على الإخلاء، وأغلق مداخله بسواتر ترابية، ثم انسحب في أبريل لاحقًا.
وفي نوفمبر 2023، قصف الاحتلال مستشفى الصداقة التركي المتخصص في علاج مرضى السرطان، وأخرجه عن الخدمة بعد تضرر المبنى وتعطل الأنظمة الكهروميكانيكية.
منهجية مروعة
من جانبه، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، د. إسماعيل الثوابتة: 'منذ اليوم الأول لحرب الإبادة، ينتهج الاحتلال سياسة ممنهجة تستهدف المنظومة الصحية بكل مكوناتها، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية'.
وأوضح لـ'فلسطين' أن 38 مستشفى وعشرات المرافق الصحية تعرّضت للتدمير الكلي أو الجزئي، وعلى رأسها مجمع الشفاء ومجمع ناصر الطبي وغيرهما.
وأضاف: 'ما جرى في مستشفى ناصر، ثم في مستشفى غزة الأوروبي، يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، حيث تم قصف المستشفيات بشكل مباشر، واقتحامها بالدبابات، وارتكبت بحقها انتهاكات تضمنت قتل واعتقال الكوادر الطبية، واحتجاز المرضى دون علاج، وتدمير أجهزة حيوية كحاضنات الأطفال وأجهزة التنفس'.
وشدّد على أن 'هذه الجرائم ليست عشوائية، بل تُنفّذ ضمن خطة منظمة لتفكيك البنية الصحية وضرب العمق الإنساني للمجتمع الفلسطيني'.
وبيّن أن الاحتلال يسعى من خلال استهداف المستشفيات إلى كسر صمود الشعب الفلسطيني، من خلال تقويض قدرة القطاع الصحي على إنقاذ الأرواح، وإجبار المدنيين على النزوح القسري، عبر تدمير مراكز الإيواء والعلاج.
وأضاف أن الاحتلال يهدف أيضًا إلى بث الرعب في المجتمع الفلسطيني، وتحويل المستشفيات من أماكن يُفترض أن تكون آمنة إلى أهداف عسكرية، في محاولة منه لطمس الأدلة على جرائم الحرب، والتخلص من التوثيق الطبي وشهادات الضحايا، وصولًا إلى تصفية المنظومة الصحية والمؤسسية في غزة.
واختتم الثوابتة حديثه بالتأكيد أن الواقع الصحي في غزة أصبح كارثيًا بكل المقاييس، مع خروج أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة، واستشهاد واعتقال المئات من الكوادر الطبية، والعجز التام في تقديم الخدمات الصحية.
ودعا إلى تحرك دولي عاجل، عبر فتح تحقيقات مستقلة في استهداف المرافق الطبية، ومحاسبة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتفعيل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بحماية المنشآت المدنية.
كما طالب بتوفير حماية دولية للمستشفيات والطواقم الطبية، وإرسال فرق مراقبة دولية، وفرض منطقة آمنة صحية تُستثنى من الاستهداف العسكري.
وناشد بدعم عاجل للقطاع الصحي، عبر تسيير قوافل طبية تحتوي على أدوية ومعدات، وإجلاء الحالات الحرجة للعلاج خارج القطاع، وفتح المعابر لهذا الغرض.