اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ شباط ٢٠٢٥
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يسابق تجار قطاع غزة الزمن لتجهيز محالهم وبسطاتهم استعدادًا للموسم التجاري، الذي يشهد عادةً زيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية.
غير أن هذه الاستعدادات تصطدم بواقع اقتصادي وأمني متأزم، حيث يعاني التجار من الكساد التجاري، وقيود الاستيراد، ونقص التمويل، إضافة إلى التخوف من تجدد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
ويواجه التجار صعوبات كبيرة في تأمين البضائع، إذ يقول محمد البابا، بائع مواد غذائية: 'نحاول تجهيز المحل بأكبر كمية ممكنة من البضائع، لكن القيود المفروضة على الاستيراد تحد من قدرتنا على توفير المنتجات المطلوبة. نأمل أن تصل الشحنات في الوقت المناسب لتلبية احتياجات الزبائن قبل رمضان'.
ويشير البابا إلى أن مرتادي الأسواق يعيشون حالة من الترقب الحذر، حيث يخشى كثيرون من تجدد العدوان في أي لحظة، ما يدفعهم إلى التروي في الشراء وعدم إنفاق مدخراتهم دفعة واحدة.
وأضاف لـ 'فلسطين أون لاين' أنه يلاحظ انخفاض الطلب على المعلبات نظرًا لتوزيعها في السلال الغذائية، في حين يرتفع الإقبال على الزيوت والسكر والأرز باعتبارها سلعًا أساسية خلال الشهر الفضيل.
ورغم أن بعض التجار يحاولون تقديم عروض وتخفيضات لتنشيط المبيعات، فإن القدرة الشرائية للمواطنين تبقى محدودة بسبب ارتفاع معدلات البطالة والفقر في القطاع، ما يجعل كثيرًا من العائلات تركز مشترياتها على الأساسيات فقط.
تبعات الحرب
ويؤكد التاجر رفعت عبد السلام أن تبعات الحرب الأخيرة لا تزال تؤثر بشكل كبير على النشاط التجاري، حيث تعرضت العديد من المحال والمخازن للتدمير، مما أجبر بعض التجار على إعادة بناء أعمالهم بالاعتماد على ما تبقى لديهم من أموال أو عبر الاقتراض.
وأضاف لـ 'فلسطين أون لاين': 'الأسعار بدأت بالانخفاض، لكن الرؤية لا تزال ضبابية. نحن ملزمون بشراء المنتجات المطلوبة لشهر رمضان، إلا أننا نخشى تجدد الحرب، مما قد يعرض متاجرنا للقصف ويفقدنا كل شيء من جديد'.
ولا يقتصر التأثير على التجار فقط، بل يمتد ليشمل قطاعات أخرى مثل النقل والتوزيع، حيث يعاني السائقون وأصحاب الشاحنات من ارتفاع تكاليف الوقود وصعوبة التنقل بين المناطق المختلفة بسبب القيود المفروضة.
ويشير تجار ومحللون اقتصاديون إلى أن الأوضاع السياسية والأمنية أثرت بشكل كبير على الإنتاج المحلي، حيث أدى تدمير المنشآت الاقتصادية إلى توقف العديد من المصانع عن العمل، ما جعل السوق الغزي يعتمد بشكل متزايد على السلع المستوردة، خاصة من الضفة الغربية ودولة الاحتلال.
ويقول محمود أبو صقر، صاحب وحدة انتاج اجبان : قبل الحرب، كنا قادرين على إنتاج جزء كبير من احتياجات السوق المحلي، لكن تدمير المصانع وارتفاع تكاليف المواد الخام جعلنا غير قادرين على المنافسة'.
ويضيف لـ 'فلسطين أون لاين' أن غياب الدعم والقيود المفروضة على إدخال المواد الخام يزيدان من صعوبة إعادة تشغيل المصانع، مما يساهم في تفاقم البطالة ويدفع السوق نحو مزيد من الاعتماد على المنتجات المستوردة.
إلى جانب التحديات التجارية، يعاني التجار من صعوبة الحصول على التمويل اللازم لتجهيز محالهم، إذ أوضح أحمد أبو سمرة، تاجر أدوات منزلية، أن البنوك في غزة لا توفر القروض بسهولة، مما يزيد من الضغوط المالية على التجار. وقال: 'نحن بحاجة ماسة إلى تسهيلات ائتمانية لشراء البضائع، لكن غياب الدعم المالي يحد من قدرتنا على الاستعداد للموسم التجاري'.
ويؤكد تجار آخرون أن القيود المفروضة على حركة الأموال والتحويلات المالية بين غزة والخارج تعيق إمكانية استيراد المنتجات بكميات كافية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في بعض الأحيان.
في ظل هذه التحديات، يؤكد الخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس أن بائعي غزة يواجهون أوضاعًا صعبة، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية لتقديم الدعم المالي والتسهيلات الاقتصادية.
كما شدد في حديثه مع 'فلسطين أون لاين' على ضرورة ضمان استقرار الأوضاع الأمنية، حتى يتمكن التجار من الاستفادة الكاملة من موسم رمضان، الذي يشكل فرصة مهمة لتعويض جزء من خسائرهم.
ويضيف أبو الروس: 'إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم الأسواق المحلية، فإن التجار والمستهلكين على حد سواء سيواجهون أوضاعًا أكثر صعوبة، خاصة مع استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض الدخل لدى معظم العائلات'.