اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ نيسان ٢٠٢٥
قرب مصرف محلي في قطاع غزة، يجلس رجل أربعيني على طاولة خشبية بسيطة، وأمامه أدوات غير معتادة في عالم المال: مقص، مشرط، ألوان مائية، وغراء أبيض.
لم يكن فنانًا، بل مصلّح عملات ورقية، يحاول إعادة الحياة لأوراق نقدية مهترئة رفضها التجار والبائعون، في ظل منع سلطات الاحتلال إدخال عملات جديدة وسحب التالف، في إطار حرب الإبادة المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.
يقول الرجل الذي اكتفى بذكر كنيته 'أبو وليد'، وهو يطابق أطراف ورقة نقدية ممزقة من فئة 50 شيقلًا ويلصقها بعناية: 'كل ورقة مالية أرممها، أتحصل على ثلاثة شواقل من صاحبها، بغض النظر عمّا إذا كانت قيمتها قليلة أو كبيرة'.
ويضيف لصحيفة 'فلسطين': 'بعض النقود يصعب لصقها، فأعتذر لصاحبها لأن ترميمها يعني هلاكها. أخلط ألوانًا قريبة من الأصل، وأمررها على الأجزاء الملصقة، ثم أعرّضها للهواء الطلق أو لأشعة الشمس'.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أغلقت البنوك أبوابها، ما تسبب في عدم ضخ السيولة النقدية في الأسواق. وامتنعت المصارف عن جمع العملات المتداولة واستبدالها بذريعة منع سلطات الاحتلال إدخال العملات الجديدة، وخشية من استهداف اللصوص للمركبات التي تنقل تلك الأموال في حال تمت الموافقة على إدخالها.
المواطن فتحي عمار رأى أن المصارف، خلال فترات وقف إطلاق النار، لم تقم بدورها الحقيقي، بل اكتفت بدور المكاتب الإلكترونية التي تقدم التوجيهات والاستشارات، مما أتاح الفرصة لمستغلين للربح من أزمة المواطنين.
وأضاف لصحيفة 'فلسطين' أن بجوار المصارف ينتشر شباب وكبار في السن، يقدمون خدمات سحب نقدي مقابل عمولات وصلت أحيانًا إلى 50%.
واقع اقتصادي جديد
ومع تفاقم أزمة السيولة النقدية، اضطر المواطنون للجوء إلى التطبيقات البنكية.
ورغم أنها وفرت وسيلة للتعامل، إلا أنها فرضت واقعًا اقتصاديًا جديدًا، حيث بات المستخدم مجبرًا على الشراء من محلات محددة بأسعار مرتفعة، أو دفع عمولة ضخمة للحصول على أمواله نقدًا، ما يُعد تجاوزًا للأنظمة المصرفية.
قال المواطن سامح الطويل: 'ليست كل المحلات تتعامل مع التطبيق البنكي، خاصة صغار البائعين أنا أريد شحن جوال، أو إعطاء أولادي مصروفًا فاحتاج إلى السيولة النقدية وليس التطبيق'.
رغم توفر التطبيقات، لم تلقَ قبولًا واسعًا لدى البائعين والتجار، بذريعة توقف النشاط التجاري، خصوصًا بعد خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار.
فالتجار عادوا للمطالبة بالدفع نقدًا، ما زاد الوضع سوءًا، مع شح النقد المتوفر، ورداءته.
في ظل الأزمات المتراكمة، أطلقت الغرف التجارية في قطاع غزة حملة بعنوان 'الكاش ما بلزمناش'، حثّت فيها التجار والموردين على التعامل بالتطبيقات البنكية، ولكن ضمن تسعير عادل ومراعاة للظروف المعيشية الصعبة.
وقال د.ماهر الطبّاع من غرفة تجارة وصناعة غزة: 'نحن ندعو إلى تسعير منطقي وعادل داخل التطبيقات البنكية، ونشجع على استخدامها لأنها توفر حلاً مؤقتًا، ولكن لا يمكن أن تكون على حساب المواطن البسيط هدفنا هو التوازن وتخفيف الضغط في ظل انعدام السيولة'.