اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٩ نيسان ٢٠٢٥
تتسع عرائض الموقعين داخل دولة الاحتلال لإعادة الأسرى مقابل وقف الحرب في غزة لتقترب من نحو 130 ألف موقع، وسط الخشية الداخلية الإسرائيلية من أن تكون هذه العرائض تمهيدًا لمرحلة من التمرد والعصيان العسكري داخل الجيش والامتناع عن الخدمة، مع زيادة مشاركة أعداد كبيرة من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال فيها.
وعلى الرغم من أن للعرائض أسبابًا عديدة، من بينها المناكفات الداخلية الإسرائيلية، فإن الحرب على غزة وإنهاك جنود الاحتياط هما سببها الأساسي، وهو ما يفسره سبب ازدياد أعداد الموقعين عليها من جنود الاحتياط، حيث بلغ عددهم نحو 10 آلاف من الموقعين، وهم من وحدات النخبة في سلاح الجو والسايبر والعمليات الخاصة، فضلاً عن جنود سابقين في لواء غولاني وسلاح البحرية، ما يشكل تصعيدًا وضغطًا داخليًا كبيرًا على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وتعمق اتساع العرائض من أزمة التجنيد التي يعاني منها جيش الاحتلال منذ عدة أشهر، في وقت لا يلتزم فيه نسبة كبيرة من جنود الاحتياط بوحداتهم، ما يعني أن تطورها وتحولها إلى مواقف معلنة باتجاه التمرد يضرب معنويات الجيش.
ويعزز تأثير العرائض انخراط شرائح أخرى كالأكاديميين والمعلمين والمهندسين، إذ وقع نحو 3500 أكاديمي إسرائيلي وأكثر من 3 آلاف من العاملين في مجال التعليم وأكثر من ألف من أولياء الأمور على عرائض تطالب بإعادة الأسرى وإنهاء الحرب في قطاع غزة.
الجيش في قلب التناقضات
ما يحدث، وفق الخبير في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، هو تطور مهم سواء على الصعيد الداخلي الإسرائيلي أو على الصعيد الفلسطيني، من حيث انتشارها واتساعها لتشمل كل الأذرع العسكرية والأمنية الإسرائيلية ثم انتقالها لمرافق ودوائر مدنية.
وقال شديد لصحيفة 'فلسطين': 'هذه العرائض تشكل تطورًا خاصة أن أعداد الموقعين تقترب من 130 ألفًا، 10% منهم ممن تنطبق عليهم معايير الخدمة الاحتياطية الحالية'، لافتًا إلى أن الخشية الإسرائيلية تكمن في أنه لأول مرة بتاريخ دولة الاحتلال يُقحم الجيش في الخلافات والتناقضات الداخلية وأصبح جزءًا من الأزمة.
وأضاف أن الخشية الإسرائيلية الأخرى تكمن في أن تتطور الحالة وتؤدي إلى رفض الخدمة، مما يعني التمرد على المستوى العسكري والسياسي، مشددًا على أن لهذه العرائض تأثيرات مهمة، إذ تضعف شرعية دعم المجتمع اليهودي للحرب، وأن الأصوات المطالبة بوقف الحرب واستعادة الأسرى ليست قليلة.
كما أن توسع العرائض، وفق شديد، من الممكن أن يُحرِج الإدارة الأمريكية التي لا تزال تدعم الحرب، فالمجتمع الإسرائيلي لم يعد مقتنعًا باستمرار الحرب، مشددًا على أن الأصل هو أن يحدث تحول في الموقف الدولي تجاه دعم وقف الحرب.
ومن جهة أخرى، يقلل شديد من تأثر نتنياهو وشركائه سموتريتش وبن غفير بالعرائض، إلا إذا حدثت تغيرات أخرى لتشمل قطاعات أخرى في التعليم والعمل والاقتصاد.
ويعتقد أن السبب وراء العرائض هو أنها جزء من حالة مناكفات داخلية إسرائيلية تطالب بإسقاط الحكومة، والأمر الثاني هو إنهاك جنود الاحتياط الذين ضاعت أعوام من دراستهم، وهناك من انفصلوا عن زوجاتهم، وانهارت مشاريعهم الاقتصادية، وقناعة المجتمع أن استمرار الحرب سيؤدي لمقتل الأسرى، مما دفع هؤلاء المبادرين والموقعين للمشاركة فيها.
ولفت إلى وجود أوساط داخل الجيش تطالب بالتوقيع على العرائض لوقف الحرب، مشيرًا إلى أن رئيس الأركان زامير حاول بالبداية اتخاذ إجراءات من بينها الفصل، لكنه تراجع خشية من فقدان السيطرة على الجنود.
إنهاك الجنود
أما الكاتب في الشأن العسكري والسياسي أحمد عبد الرحمن، فيشير إلى أن الخلافات بين المستويين العسكري والسياسي الإسرائيلي قديمة وليست جديدة، وأنه منذ تشكيل الحكومة المتطرفة كانت هناك خلافات بالرؤى والتعامل مع قطاع غزة والضفة الغربية وقضايا إقليمية، وقد زادت هذه الخلافات بعد طول أمد الحرب والخسائر والإنهاك الذي أصاب الجنود، ومعظم الذين يقاتلون هم من الاحتياط.
وبحسب عبد الرحمن، لدى الاحتلال 600 ألف جندي احتياط، مقابل 150 ألف جندي نظامي في جميع الوحدات، أي أن الاعتماد الأساسي ينصب على الاحتياط الذين تم تجنيدهم في بداية الحرب وبلغ عددهم نحو 300 ألف جندي، وهم لديهم مصالحهم بعد انتهاء الخدمة العسكرية الإلزامية البالغة ثلاث سنوات، بالتالي يبقى القليل منهم بالخدمة، في حين ينتقل المعظم للعمل الخاص أو السوق الحر.
وقال عبد الرحمن لـ'فلسطين': 'استمرار الحرب يؤدي إلى تعطيل مصالح هؤلاء الجنود وتوقف أعمالهم، بعدما أمضى الكثير منهم فترات طويلة في قطاع غزة، مما أثار نوعًا من الغضب واليأس، والتي ألقت بظلالها على علاقة الجنود بالمؤسسة العسكرية والسياسية'.
وعن سبب العرائض، يرى أن المجتمع الإسرائيلي لا يدعو للسلام، لكنهم يختلفون على التكتيك، فيطالبون بإنهاء موضوع الأسرى ثم العودة للقتال، لافتًا إلى أن تأثير العرائض على نتنياهو ضعيف، فهو لا يُلقي بالًا لها بعدما أقال رئيس الشاباك رونين بار، ويريد إقالة المستشارة القضائية، وقبل ذلك أقال وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، ويقوم بتصفية لكل الوجوه التي تعارضه.
كما رأى أن العرائض ستبقى محدودة التأثير، باعتبار أن مئات الآلاف نزلوا للشوارع للتظاهر في قضية قانون الإصلاحات القضائية ولم يلقِ لها نتنياهو بالًا، كونه يتمترس خلف اليمين المتطرف مع إمكانية المناورة بأنه يحاول استعادة الأسرى.
ويؤكد أن الحرب هي السبب الأساسي في هذه العرائض نتيجة حجم الخسائر والعبء، خصوصًا في صفوف جنود الاحتياط أو تخصصات أخرى، وتؤججها الخلافات الداخلية وتؤدي إلى ازديادها مع مشاركة شخصيات أمنية وعسكرية فيها.