اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
نفّذت طائرة مسيّرة إسرائيلية، مساء أول أمس، غارة استهدفت سيارة مدنية في مخيّم النصيرات، وسط قطاع غزة، زعم الناطق باسم جيش الاحتلال أنها كانت تقلّ قائد لواء المنطقة الوسطى في «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، وذلك بذريعة تخطيطه لتنفيذ مهمّات عسكرية في وقت قريب، تشكّل تهديداً للقوات العاملة في القطاع. وتُعدّ تلك الحادثة، أول خرق من دون سردية تبرير تستند إلى حدث أمني، منذ وُقّع اتفاق وقف إطلاق النار، في العاشر من تشرين الأول الجاري.
وعقّبت حركة «الجهاد الإسلامي» على الواقعة الاستثنائية، بالقول إنّ «ادّعاء جيش الاحتلال بأنّ كوادر من سرايا القدس في النصيرات، كانوا يعدّون لعمل وشيك، هو محض ادّعاء كاذب وافتراء، يسعى الاحتلال من ورائه إلى تبرير عدوانه وخرقه لوقف إطلاق النار. إنّنا نحمّل العدو المجرم مسؤولية هذا الخرق، وندعو الوسطاء إلى تحمّل مسؤولياتهم والوفاء بالتزامات وقف إطلاق النار وإلزام جيش الاحتلال بالتوقّف عن مثل هذه الاعتداءات التي تؤدّي إلى ردود فعل عليها».
وبعملية الاغتيال التي نُفّذت، يرتفع عدد الشهداء، منذ سريان وقف إطلاق النار، إلى 93، نحو 30 منهم قضوا في الردّ على حدث أمني زعم الاحتلال وقوعه في منطقة رفح، إلى جانب إصابة 324، في عمليات قصف جوي وإطلاق نار بدعوى الاقتراب من الخطّ الأصفر. وفي هذا الوقت، يواصل جيش العدو، بشكل يومي، قصف مناطق تقع تحت سيطرته الأمنية في الأجزاء الشرقية من القطاع، منفّذاً عمليات نسف وتدمير لمبانٍ سكنية، من بينها ما أقدم عليه أول أمس، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
تلك الأحداث المتلاحقة، لا تُقرأ في سياق رغبة العدو في استدامة وتيرة منخفضة من التصعيد، إنّما في إعادة استنساخ النموذج اللبناني في غزة، وإن بوتيرة أخفّ زخماً، ما يعني أنّ حادثة الاغتيال الأخيرة، مثّلت اختباراً دمويّاً لهدنة ترامب، وللخطوط المسموح بها أميركيّاً في غزة.
واختلفت التقديرات حول الرسالة المفضوحة لحادثة الاغتيال، إذ قرأها محلّلون إسرائيليون على أنها «تدخُّل جراحي من وزير الخارجية الأميركي لتخفيف حدّة التوتّر الذي أحدثته زيارة كوشنر وويتكوف، والتي بدت فيها إسرائيل وكأنها ولاية أميركية»، أي أنها تمّت أصلاً بإذن أميركي، ما يعقّد مشهد الاستقلالية الإسرائيلية ويزيده حرجاً، فيما رأت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنّ مجال المناورة الإسرائيلية في غزة، محدود، وأنّ السعي إلى جعل القطاع كساحة لبنان عبر اغتيال عناصر وقادة يومياً، «لن ينجح». وتابعت: «الفارق الرئيس أنّ حماس في غزة هي الحكومة أيضاً، بينما في لبنان هناك حكومة منفصلة تَعتبر حزب الله عدوّاً. وإذا لم يكن العالم يهتمّ كثيراً بما تفعله إسرائيل في لبنان، فإنّ كل قصف وحركة في غزة، تُتابَع عن كثب دوليّاً».
وفي سياق ذي صلة، استغلّت حكومة الاحتلال العقبات اللوجستية والتعقيدات الميدانية التي تعترض عملية البحث عن جثامين القتلى الإسرائيليين، لتعلن، أول أمس، عن خطوات للضغط على حركة «حماس»، من بينها تأخير دخول بعض السلع والبضائع التجارية، ومواصلة إغلاق معبر رفح، في وجه المسافرين والجرحى. وفي محاولة لنزع فتيل هذا الملف، سُمح لأوّل مرّة منذ بدء الهدنة، بإدخال فرق مصرية للبحث عن جثامين القتلى الإسرائيليين؛ إذ دخلت إلى القطاع، أمس، 12 آلية ثقيلة، من بينها «بواجر» وجرّافات، يرافقها فريق مصري، وآخر من منظمة «الصليب الأحمر الدولي».
وعقد الفريقان لقاءً مع «كتائب القسام» التي سلّمت بدورها إحداثيات وخرائط لجثامين عدد من القتلى، فيما ذكرت قناة «كان» العبرية، أنّ جيش الاحتلال انسحب من مناطق تُجري فيها «حماس»، عمليات بحث عن جثث الأسرى في داخل الخط الأصفر، ما يعني، وفق التوصيف الإسرائيلي، أنّ الحركة نقلت جزءاً من عبء ملفّ الجثامين إلى جهة إقليمية، وسحبت مؤقّتاً ذرائع إسرائيل الراغبة - على ما يبدو - في استغلال تأخّر التسليم لتفجير اتفاق التهدئة، أو حتى تقليص هامش المساحة المتاحة للمساعدات الإنسانية، بما يعرقل الوصول إلى المرحلة الثانية من المخطّط الأميركي. وإزاء التطوّر المذكور، تراجعت حكومة الاحتلال عن إعلانها تقليص دخول شاحنات البضائع والمساعدات إلى القطاع.
بالنتيجة، تقف خطّة ترامب، أمام 30 يوماً حاسماً، تتنازعها فيها العشرات من العقبات والإرادات المتناقضة؛ إذ ثمّة ملفات شائكة من شأنها تفجير الموقف برمّته، وأهمّها سلاح المقاومة الذي ترفض الفصائل حتى اللحظة الموافقة على نزعه، من دون تحصيل ثمن سياسي يتمثّل في إقامة الدولة الفلسطينية.

























































