اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في واحدة من صور الانتهاك الإنساني والقانوني، يواصل الاحتلال الإسرائيلي امتهان كرامة الشهداء الفلسطينيين حتى بعد موتهم، في خرق واضح للقوانين والمواثيق الدولية التي تضمن احترام الموتى وصون جثامينهم من الإهانة أو التشويه أو الإخفاء.
فبدل أن يتعامل الاحتلال مع الجثامين وفق القواعد الدولية التي تحفظ إنسانيتها، تعامل معها بقسوة وإهمال متعمد، محولا أجساد الشهداء إلى أدلة دامغة على انتهاكاته. هذا السلوك، كما يقول الحقوقيون، لا يعد مخالفة قانونية فحسب، بل جريمة تمس جوهر الكرامة الإنسانية وتكشف عقلية انتقامية تصر على إذلال الفلسطينيين أحياء وأمواتا.
انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني
يؤكد علاء سكافي، مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بالمعايير التي يقرها القانون الدولي الإنساني، وخاصة المادة (130) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزمه بتسليم الجثامين بطريقة تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم، وتوثيق أسمائهم وهوياتهم وأماكن وتواريخ وفاتهم.
ويوضح سكافي لـ 'فلسطين أون لاين'، أن الاحتلال تجاهل أيضا البروتوكولات الإضافية لاتفاقية جنيف لعام 1977، التي توجب الكشف عن مصير المفقودين وتزويد عائلاتهم بالمعلومات اللازمة لتسهيل عملية البحث، معتبرا أن غياب هذه البيانات انتهاك لحقوق العائلات وعرقلة متعمدة لأي جهد إنساني لتحديد مصير أحبائهم.
وأشار إلى أن الاحتلال سلم جثامين شهداء من قطاع غزة في الأيام الأخيرة، في أكياس بلاستيكية غير مخصصة للحفظ، ومن دون تقارير طبية أو وثائق هوية، ما يشكل إهانة صريحة للشهداء واستهانة بكرامتهم الآدمية. مضيفا أن طريقة التسليم تعكس سياسة ممنهجة هدفها طمس هوية الضحايا وتحويلهم إلى أرقام بلا أسماء.
شهادات تكشف فظاعة المشهد
من جانبه، قال سامح حمد، عضو اللجنة المركزية لإدارة الجثامين المفرج عنها، إن الاحتلال سلم عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر 195 جثمانا وصلت إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس بحالة تجميد شديدة بلغت نحو 180 درجة تحت الصفر، وكانت معظمها في مراحل متقدمة من التحلل، ما صعب عملية الفحص والتعرف عليها.
وأوضح حمد في حديث سابق لـ 'فلسطين أون لاين'، أن المعاينات الطبية الشرعية أثبتت أن عددا من الشهداء تعرضوا لعمليات إعدام ميداني بعد اعتقالهم، في خرق صارخ للقانون الدولي.
وأشار إلى أن عشرات الجثامين كانت مكبلة الأيدي، معصوبة الأعين، وتحمل آثار إطلاق نار من مسافات قريبة، ما يدل على عمليات تصفية متعمدة نفذها جنود الاحتلال بحق الأسرى.
وبين حمد أن وضع الجثامين في أكياس غير مخصصة أدى إلى إذابة الطبقة الجلدية وتشويه الملامح، ما جعل التعرف عليها مهمة شبه مستحيلة. وأكد أن الاحتلال تعمد هذا الأسلوب لإخفاء آثار التعذيب والتنكيل، التي ظهرت في شكل كسور بالجمجمة والصدر وجروح قطعية في الرقبة والبطن.
تنصل من الالتزامات
ويؤكد سكافي أن الاحتلال تنصل من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ولم يسلم نتائج الفحوص الجينية المرافقة للجثامين، في مخالفة صريحة للبروتوكولات الدولية. مشددا على ضرورة أن يتم التوثيق بإشراف لجنة أممية مستقلة ترفع تقاريرها إلى المحكمة الجنائية الدولية، معتبرا أن غياب هذا الإشراف يسهل على الاحتلال إخفاء الأدلة وإعادة إنتاج الجريمة.
وأوضح الحقوقي الفلسطيني، أن الاحتلال لم يلتزم بالمعايير الدولية لحفظ العينات البيولوجية وفق قواعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتي تلزم جميع الأطراف المتحاربة باتخاذ تدابير تحافظ على هوية الموتى وكرامتهم.
وأشار إلى أن الصمت الدولي عن هذه المخالفات يشكل تواطؤا ضمنيا يشجع الاحتلال على الاستمرار في خرق القانون دون مساءلة.
دعوات للمحاسبة الدولية
وطالب سكافي بضرورة تشكيل لجنة تقصّي حقائق أممية وفتح تحقيق جنائي دولي في جرائم الاحتلال المتعلقة بإعدام الأسرى والتنكيل بجثامينهم، مؤكدا أن هذه الأفعال تمثل جريمة ضد الإنسانية وفق نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية.
وشدد على أن الجثامين التي أعيدت إلى غزة ليست مجرد رفات، بل أدلة قانونية وإنسانية على جريمة ممنهجة، قائلا إن الاحتلال 'لم يكتف بإزهاق أرواح الفلسطينيين، بل صادر حقهم في الدفن الكريم'.

























































