اخبار فلسطين
موقع كل يوم -راديو بيت لحم ٢٠٠٠
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
بيت لحم 2000 -أكد المحلل السياسي سعيد أبو رحمة، في مداخلة عبر الهاتف من قطاع غزة، اليوم الخميس،أن قرار الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق شارع الرشيد يشكل تصعيدًا خطيرًا، تتجاوز أبعاده الطابع الأمني إلى أهداف استراتيجية أوسع تهدف إلى إفراغ مدينة غزة من سكانها، وتعزيز الحصار والتجويع الممنهج.
وأوضح أبو رحمةفيحديث خلال برنامج 'يوم جديد' مع الزميلة سارة رزق، الذي يبث عبر أثير راديو 'بيت لحم 2000': أن شارع الرشيد ليس مجرد شارع عادي، بل يعد شريانًا حيويًا يمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، ويُستخدم لنقل المواد الغذائية، المياه، والوقود إلى مدينة غزة. وقال: 'إغلاق هذا الشارع يقطع الإمدادات الأساسية عن عشرات آلاف المواطنين، ويحوّل حياتهم إلى مأساة إنسانية مكتملة الأركان.'
وأضاف أن كثيرًا من الأهالي غير قادرين على النزوح نحو الجنوب بسبب ظروفهم المالية القاسية، أو لأسباب إنسانية واجتماعية قاهرة، ما يجعل بقاءهم في المدينة محفوفًا بالمخاطر، سواء نتيجة القصف أو الحصار. واعتبر أن الاحتلال يسعى من خلال هذا الإجراء إلى فرض سياسة تهجير قسري بغطاء أمني، تمهيدًا لإعادة رسم الواقع الديموغرافي والسياسي لقطاع غزة.
وبيّن أبو رحمة أن القرار الإسرائيلي يحمل عدة رسائل، أبرزها الرسالة العسكرية التي يحاول الاحتلال من خلالها الإيحاء بأنه حقق اختراقًا ميدانيًا في عمق القطاع، وأنه يفرض عزلاً محكمًا على مدينة غزة، إضافة إلى الرسالة السياسية التي تهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض من خلال تقسيم القطاع إلى شمال وجنوب، وتهيئة الأجواء لاحتمال وجود قوات دولية لاحقًا بذريعة الإغاثة والإعمار. وأكد أن هذه الخطوات تأتي ضمن سياسة الضغط المركّب، التي تشمل القصف، الحصار، الترهيب، والتجويع، وصولاً إلى التهجير.
وأشار أبو رحمة إلى أن الوضع الإنساني في مدينة غزة يتدهور بسرعة، حيث انقطعت المياه عن السكان منذ أيام نتيجة تدمير البنية التحتية الخاصة بالضخ والتوزيع، إضافة إلى إغلاق مقار منظمات الإغاثة الدولية وانسحابها من المدينة، ما جعل الأهالي يواجهون مصيرهم بمفردهم. وقال إن إغلاق شارع الرشيد قطع آخر منفذ لإدخال الغذاء والدواء والمياه إلى المدينة، ما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، خصوصًا مع تسجيل ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين. وأضاف: 'أسعار الوجبات الأساسية أصبحت خيالية بالنسبة للعائلات الفقيرة، وهو ما يدفع البعض للتفكير جديًا بمغادرة المدينة رغم تمسكهم ببيوتهم وقبور أحبائهم.'
وخلال حديثه، وجّه أبو رحمة نداء عاجلًا للمؤسسات الخيرية والمجتمع المدني بضرورة إرسال مساعدات غذائية ومالية عاجلة إلى سكان غزة، لمساعدتهم على الصمود أو حتى تمكينهم من النزوح الآمن إذا اضطروا لذلك. وقال: 'الناس في غزة محاصرون، بلا غذاء أو دواء، وحتى إذا فكروا بالخروج فإنهم لا يملكون القدرة المادية أو الصحية للسير لمسافات طويلة تحت ظروف قاسية.'
ورأى أبو رحمة أن هذا السلوك الإسرائيلي يعكس عجز الآلة العسكرية عن تحقيق أهدافها عبر القوة المباشرة، فلجأت إلى أساليب الحصار والتجويع لإفراغ المدينة وضرب بنيتها الاجتماعية والوطنية. واعتبر أن استهداف غزة، باعتبارها العاصمة الرمزية والسياسية للقطاع، يندرج في إطار محاولة تدمير أي مشروع وطني فلسطيني.
أما عن السيناريوهات المتوقعة، فقد حذر أبو رحمة من أن القادم سيكون أكثر صعوبة على سكان غزة، متوقعًا تصعيدًا في سياسة الخنق المعيشي وقطع المواد الأساسية، بما قد يؤدي إلى نزوح جماعي قسري. وختم بالقول: 'للأسف، المستقبل القريب يحمل مخاطر جسيمة، وإذا لم تتحرك المؤسسات الدولية بسرعة، فإن غزة مقبلة على كارثة إنسانية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.'
المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي التالي: