اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
تقرير – شهاب
أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة جديدة للتعامل مع الوضع في غزة، والمعروفة إعلاميًا باسم خطة الـ21 نقطة، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، بين من يراها فرصة لوضع حد نهائي للحرب الدائرة منذ قرابة عامين، ومن يعتبرها محاولة لتكريس واقع يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية.
وتتضمن الخطة، وفق ما نشرته وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية، عدة بنود أساسية أهمها وقف دائم لإطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من قطاع غزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وإنشاء إدارة جديدة للقطاع من دون حركة حماس، بمشاركة فلسطينيين وشركاء إقليميين عرب وإسلاميين، والتزام أميركي بالضغط على 'إسرائيل' لوقف أي خطوات لضم الضفة الغربية.
كما صدرت عدة مواقف متباينة للخطة، حيث يرى عددًا من المحللين أنها قد تشكل أرضية لإنهاء الحرب، خصوصًا أنها تربط بين وقف القتال وإعادة إعمار غزة، مع ضمانات أميركية وإقليمية، فيما يعتبرها آخرون أنها محاولة لتصفية القضية الفلسطينية عبر استبعاد حركة 'حماس' أو أي فصيل فلسطيني مقاوم، وفرض وصاية خارجية على القطاع، وفتح الباب أمام تغييرات ديمغرافية قسرية.
فيما لم تعلن حكومة الاحتلال موقفًا رسميًا بعد، لكن محللين إسرائيليين أشاروا إلى أن الخطة تتماشى مع هدفها الاستراتيجي المتمثل في إضعاف حركة حماس وإعادة تشكيل حكم غزة بما لا يشكل تهديدًا لأمنها.
يبقى السؤال الأساسي ما إذا كانت هذه الخطة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وما إذا كانت ستقود فعلًا إلى وقف نهائي للحرب، أم أنها ستُستخدم كورقة ضغط جديدة تصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي؟
مقترحات إسرائيلية
المحلل السياسي وسام عفيفة قال إن المقترحات الأميركية المتعلقة بوقف الحرب وخطط المنطقة لا تُصاغ في البيت الأبيض، بل في مكتب وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو، رون دريمر.
وأشار عفيفة إلى أن الصحفي الإسرائيلي عميت سيجل أكد أن 'من صفقة القرن وحتى خطط وقف الحرب، كلها خطط إسرائيلية'، تمررها تل أبيب بلسان واشنطن، لأن أي مبادرة تحمل الطابع الإسرائيلي مباشرة تواجه خطر الفشل.
وذكر عفيفة أن مسؤولين أميركيين من بينهم ستيف ويتكوف، ومبعوث الرئيس الأميركي السابق جاريد كوشنر، يجتمعون مع قيادات إسرائيلية في فندق نتنياهو، بينما كشفت صحيفة 'هآرتس' عن خطة أميركية لما بعد الحرب تقضي بتسليم إدارة غزة مؤقتًا لتوني بلير، مع إقصاء واضح للسلطة الفلسطينية في المرحلة الأولى.
وأكد المحلل السياسي أن الخطة توضح أن إسرائيل تكتب المبادرات، وأميركا تسوق لها، في حين تُستدعى شخصيات قديمة مثل بلير لتولي دور 'الحاكم المؤقت'، ما يضع غزة مجددًا في موقف تجريبي مع استمرار عدم وضوح الدور العربي والمسلم في فرض رؤيته على هذه المقترحات.
قيود غير مسبوقة على 'إسرائيل'
ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، إن الاحتلال الإسرائيلي يخوض منذ 7 أكتوبر 2023، حربًا طويلة استنزفتها سياسيًا وعسكريًا، فيما عجز رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن تقديم رؤية مقنعة للمجتمع الدولي، مع تصاعد الضغوط الإنسانية والانتقادات الغربية.
وأضاف القرا، أنه 'في هذا المناخ انتقلت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب من موقع الداعم المبدئي للحرب إلى ممارسة ضغط مباشر لإجبار تل أبيب على إنهائها سريعًا، انطلاقًا من حسابات استراتيجية وإقليمية تخص المصالح الأمريكية'.
ولفت إلى أن مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف وصهره رسائل جاريد كوشنير لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كانت حاسمة، مطالِبة بجدول زمني محدد لوقف العمليات العسكرية، مع رفض قاطع لأي خطوة لضم أراضٍ في الضفة.
وأكد القرا على أنه هذا التحرك استثمر حالة الضعف الداخلي الإسرائيلي، سواء ضغوط عائلات الأسرى أو الانقسام داخل المؤسسة الأمنية، ليفرض على الحكومة الإسرائيلية قيودًا غير مسبوقة.
وشدد على أن واشنطن باتت تمسك بزمام القرار، لتتحول 'إسرائيل' لأول مرة منذ 7 أكتوبر من فاعل مستقل إلى طرف يتلقى الإملاءات الأمريكية ويخضع لمسار نهاية تحدده الإدارة الأمريكية.
مناورة سياسية
ومن جانبه، رأى الخبير العسكري أسامة خالد أن الطروحات التي يقدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحرب على غزة ليست جديدة، وإنما تأتي في إطار 'المناورة وتبادل الأدوار' مع الحكومة الإسرائيلية، لتوفير الغطاء السياسي والعسكري لتل أبيب ومنح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هامشًا أوسع لكسب الوقت وتحقيق أهدافه المعلنة.
وقال خالد، في تقدير موقف، إن 'إسرائيل' ما تزال تتمتع بحرية العمل السياسي والعسكري على الرغم من العزلة الدولية التي فرضها هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، معتبرًا أن الحديث عن وقف الحرب 'ضعيف وهش'، وأن الضمانات الأمريكية في هذا السياق غير مؤكدة.
وأضاف أن ما يُطرح حاليًا يتم بالتوازي مع توافق غربي ودعم عربي رسمي على ضرورة القضاء على حركة حماس، التي تُعد – وفق الرؤية الغربية – 'معرقلًا للسلام في المنطقة وأحد العقبات أمام مسار التطبيع'.
وأوضح الخبير العسكري أن الحرب المستمرة منذ نحو عامين أحدثت أزمات سياسية وتغييرات جيوسياسية بالمنطقة، انعكست سلبًا على صورة 'إسرائيل' ومصالح الولايات المتحدة، إلا أن تل أبيب – بحسب تقديره – ما زالت تسعى إلى تحويل 'محنة السابع من أكتوبر' إلى فرصة لترسيخ وجودها واندماجها في المنطقة ضمن استراتيجية 'شرق أوسط جديد'.
وأشار خالد إلى أن أهداف 'إسرائيل' تتجاوز غزة إلى ساحات أخرى تشمل سوريا ولبنان وإيران، فضلًا عن السعي لإضعاف دول مثل مصر والأردن والعراق، وحتى محاصرة قوى إقليمية كتركيا وباكستان، في إطار إعادة صياغة الواقع السياسي والأمني بالمنطقة وفق رؤيتها.
وشدد على أن أي اتفاق قد يُبرم مع 'إسرائيل'، سواء برعاية ترامب أو غيره، سيكون 'اتفاقًا مرحليًا وضعيفًا'، نظرًا للوضع السياسي والأمني الحرج الذي يعيشه الكيان بعد تداعيات عملية 'طوفان الأقصى' واستمرار ارتداداته الإقليمية والدولية.