اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٢ كانون الثاني ٢٠٢٥
اتفق محللان سياسيان على أن طلب السلطة الفلسطينية تمويلاً بقيمة 680 مليون دولار من الولايات المتحدة لتعزيز قدراتها الأمنية يعكس انزلاقها نحو دور أمني يخدم الاحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق الفلسطينيين ومقاومتهم.
وأكدا أن هذا التوجه يُبرز أولويات غير متزنة، حيث تُستخدم الأجهزة الأمنية لقمع المقاومة في جنين ومناطق أخرى، بينما تواصل المستوطنات التوسع دون رادع، وهو أمر يؤدي إلى إضعاف الثقة الشعبية بالسلطة ويُحولها إلى أداة لحماية المستوطنين وقمع النضال الفلسطيني، بدلاً من الدفاع عن المشروع الوطني.
وكشف موقع 'ميدل إيست آي' البريطاني أن السلطة طلبت تمويلاً بقيمة 680 مليون دولار من الولايات المتحدة، في إطار خطة أمنية تهدف للقضاء على المقاومة في مخيم جنين. ويشير التقرير إلى أن طلب السلطة يشمل تدريب القوات الخاصة وتزويدها بالذخيرة والمركبات المدرعة، في محاولة لفرض سيطرتها الأمنية على جنين.
ويأتي هذا الطلب بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة مع المقاومة، ما يعكس استمرار الدور الأمني المثير للجدل للسلطة في الضفة الغربية، والذي يطرح العديد من التساؤلات حول أبعاده السياسية والأمنية.
سياسات أمنية مريبة
وقال المحلل السياسي حسن أيوب لـصحيفة 'فلسطين'، إن السلطة في رام الله باتت تنفذ سياسات أمنية تُرضي الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة على حساب حقوق الفلسطينيين ومقاومتهم.
ورأى أن طلب السلطة مبلغ 680 مليون دولار من الولايات المتحدة، بحجة تعزيز قدراتها الأمنية، ليس مجرد طلب مالي، بل خطوة تعكس انزلاقها نحو دور أمني يخدم الاحتلال بشكل مباشر.
وأضاف: 'عندما تصبح السلطة أداة لقمع المقاومة في مخيم جنين وقُرى الضفة الغربية، فإنها تفقد مشروعيتها الوطنية. الأصل أن تكون السلطة في صف شعبها، تدافع عنه في وجه الاحتلال، لا أن تعمل كذراع أمنية لحماية المستوطنين وقمع الفلسطينيين'.
ويشير أيوب إلى أن هذا التمويل، الذي يهدف إلى تدريب القوات الخاصة وتزويدها بالذخائر والمركبات المدرعة، هو امتداد لسياسة التنسيق الأمني، التي وصفها بأنها 'وصمة عار'.
وتابع: 'التنسيق الأمني لم يعد مجرد آلية للحفاظ على النظام في الضفة، بل تحول إلى شراكة مع الاحتلال في قمع كل صوت مقاوم، وكأن السلطة تقول للمجتمع الدولي إنها مستعدة لبيع أي شيء مقابل الحفاظ على وجودها'.
الأخطر في نظر أيوب، أن هذه السياسة تُسهم في تعزيز الاستيطان الإسرائيلي، 'المفارقة أن السلطة تعمل على توفير الأمن للمستوطنات التي تقضم أراضي الفلسطينيين، وللمستوطنين الذين يقتحمون قرى الضفة ويحرقون ممتلكات الفلسطينيين. في الوقت ذاته، تُرسل عناصرها لملاحقة الشباب الذين يدافعون عن أراضيهم'، وفق قوله.
أولويات غير متزنة
فيما يرى هاني المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، أن طلب السلطة الفلسطينية تمويلاً بقيمة 680 مليون دولار لتعزيز قدراتها الأمنية يثير الكثير من التساؤلات حول الأولويات الوطنية في هذه المرحلة الحرجة.
وأكد المصري لـ'فلسطين' أن من حق السلطة السعي لتعزيز أمنها وقدراتها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ولكن المشكلة تكمن في كيفية استخدام هذا الدعم وأهدافه الحقيقية.
وأضاف: 'الأمن الفلسطيني يجب أن يكون في خدمة الشعب الفلسطيني وحمايته من الاحتلال، لا أن يُوظَّف لقمع المقاومة أو إرضاء أطراف خارجية، سواء كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل'. وأضاف أن تكثيف التنسيق الأمني وعمليات السلطة في مناطق مثل جنين وقُرى الضفة يعكس اختلالاً في الأولويات، 'من غير المقبول أن يتحول دور السلطة إلى أداة لفرض السيطرة على مناطق المقاومة الشعبية، بينما يتصاعد العنف الاستيطاني ضد الفلسطينيين دون رادع حقيقي'.
وشدد المصري على ضرورة أن تعيد السلطة النظر في سياساتها الأمنية بحيث تحقق التوازن بين تعزيز الاستقرار الداخلي وحماية المشروع الوطني الفلسطيني، 'لا يمكن أن نستمر في السير نحو نموذج أمني منفصل عن تطلعات الشعب، لأن هذا النهج يُضعف ثقة الناس بالسلطة ويُهدد مستقبلها السياسي'.
يبدو أن طلب السلطة الفلسطينية تمويلاً أمريكياً لتعزيز قدراتها الأمنية يفتح الباب أمام تساؤلات كبيرة حول دورها الحقيقي في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. ففي الوقت الذي تُستخدم فيه الأجهزة الأمنية لقمع المقاومة الفلسطينية، يتسع نطاق الاستيطان الإسرائيلي دون أي ردع، مما يضع السلطة في موقف حرج أمام شعبها الذي يتطلع إلى قيادة تدافع عن حقوقه الوطنية بدلاً من أن تكون أداة لقمعها.