اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
في خضم الكارثة الإنسانية المتفاقمة بقطاع غزة، أعلنت مؤسسة تُعرف باسم 'مؤسسة غزة الإنسانية'، مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، عن بدء توزيع مساعدات إنسانية داخل القطاع قبل نهاية مايو/أيار الجاري. وتخطط المؤسسة لتوزيع المساعدات من خلال مراكز خاصة تحظى بحماية شركات أمنية، وبمعزل عن المؤسسات الأممية والدولية العاملة تقليديًا في المجال الإنساني، وعلى رأسها 'الأونروا'.
وقالت 'مؤسسة غزة الإنسانية'، في ورقة نشرتها بوقت سابق من الشهر الجاري، إنها ستقيم 4 مراكز توزيع مساعدات بغزة، بحراسة شركات أمنية خاصة، بحيث يوزع كل مركز مساعدات على نحو 300 ألف شخص.
الخطوة، التي تتماشى مع قرارات سابقة للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، تُعد محاولة أولى لتغيير نمط توزيع الإغاثة وسط حرب إبادة شاملة تستهدف نحو 2.4 مليون فلسطيني، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر منذ 2 مارس، ما أدخل القطاع في دائرة المجاعة، حسب تقارير رسمية وحقوقية.
وتثير هذه الخطوة مخاوف واسعة لدى المجتمع الفلسطيني والمؤسسات الإنسانية من تحويل المساعدات إلى أداة سياسية وعسكرية، وتجاوز الدور الأممي التاريخي، في وقت يتكدّس فيه آلاف الأطنان من المساعدات عند حدود غزة دون إذن عبور، بينما يُحرم نحو 1.5 مليون نازح من أبسط مقومات الحياة.
وقد قوبلت هذه الخطوة برفض واسع من مكونات المجتمع الفلسطيني، لا سيما القطاع الخاص وشركات النقل، التي اعتبرت المشروع محاولة سياسية للالتفاف على دور الأونروا وتقويض السيادة الوطنية، وتوظيف العمل الإنساني لخدمة أجندات خارجية تتناقض مع الحقوق الفلسطينية.
القطاع الخاص: 'الأونروا تمثلنا.. ولسنا غطاءً لأجندات خارجية'
بدوره، أكد علي الحايك، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، أن القطاع الخاص يرفض رفضًا قاطعًا أي تعاون مع الشركة الأمريكية المقترحة لتوزيع المساعدات. 'هذه الشركة لا تمثلنا، ولا تعكس احتياجاتنا، بل تحاول الالتفاف على دور الأونروا والمؤسسات التي خدمت شعبنا لعقود'، قال الحايك.
وأشار إلى أن وكالة الأونروا ليست مجرد جهة إغاثة، بل 'رمز سياسي وإنساني، يتجاوز مجرد توفير المعونات، إلى الدفاع عن الهوية الفلسطينية وحق العودة'.
وفي موقف موازٍ، أعلن ناهض شحيبر، رئيس جمعية النقل الخاص في غزة، رفض شركات النقل التعامل مع 'إغاثة غزة'، مؤكدًا أن إدخال مثل هذه الشركات يمهد لـ'نموذج إغاثي تابع، يخضع للرقابة الأمنية، ويمس الكرامة الوطنية'.
وأضاف: 'نحن لسنا قطيعًا يُساق لتلقي المساعدات، بل شعب ينهض من تحت الركام. ولن نقبل بأن يتم تفتيشنا ونحن نتلقى خبزًا، أو أن يُفرض علينا من يوزع الطعام في بيوتنا وكأننا مستعمرة'.
شركات محلية تنسحب: 'اكتشفنا الخلفية السياسية للمشروع'
أحمد لبيب الحلو، صاحب شركة نقل محلية، كشف بدوره انسحابه من أي علاقة بالمشروع الأمريكي بعد أن تبيّن له 'الطابع السياسي والجهات المشبوهة التي تقف خلفه'. وأضاف: 'رفضت أن أكون جزءًا من مشروع يحمل في طيّاته مخططات للتهجير والتفريغ السكاني تحت غطاء الإغاثة'.
وفي وقت سابق، حذّرت الهيئة العليا لشؤون العشائر في قطاع غزة من محاولات إدخال شركة 'إغاثة غزة' الأميركية لتولي مهام توزيع المساعدات الإنسانية، معتبرة ذلك انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية، ومخططًا يلتف على دور المؤسسات الدولية المعترف بها، وفي مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'.
وجددت العشائر بغزة، في بيان صحافي، اليوم الأحد، رفضها لما وصفته بعسكرة العمل الإنساني، مؤكدة أن 'الشركة المذكورة لا تحمل أي صفة شرعية، ولا تحظى بقبول شعبي أو عشائري في قطاع غزة'.
وأشارت الهيئة إلى أن هذه الخطوة تمثل 'خطًا أحمر' يهدد بتقويض الثقة الوطنية والمجتمعية، ويُمهّد لإنهاء الدور الأممي التاريخي في القطاع واستبداله بجهات تحمل أجندات سياسية خطيرة..
الموقف الفلسطيني المحلي جاء منسجمًا مع تحذيرات الأمم المتحدة التي أكدت أن لديها خطة واضحة وعادلة لتوزيع المساعدات، رافضة أي 'طرق بديلة' تفتقر للشرعية والحياد، وتخدم أجندات سياسية، مؤكدة أن لديها خطة متكاملة لتقديم المساعدات، تستند إلى مبادئ الحياد والاستقلالية.
وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة توم فليتشر قد أكد في بيان له، أن الأمم المتحدة وشركاءها يملكون الخبرة والعزيمة والوضوح الأخلاقي اللازم لتقديم المساعدات بالقدر الكافي لإنقاذ الأرواح في غزة.
وحذرت الأمم المتحدة من استخدام إسرائيل المساعدات في غزة 'طُعمًا' لإجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه.
كما حذر مكتب الإعلام الحكومي بغزة، في 7 مايو/ أيار الجاري، من مخططات إسرائيلية لإنشاء مخيمات عزل قسري للفلسطينيين على غرار 'الغيتوهات النازية'، عبر آلية توزيع المساعدات التي تروج لها تل أبيب.
واعتبر مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أن هذه المخططات 'امتداد للإبادة الجماعية' المتواصلة في قطاع غزة منذ 19 شهرًا.
وأسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عن نحو 173 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وتأتي هذه التحذيرات في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي، ومنع دخول المساعدات الإغاثية والطبية والبضائع، وهو ما تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة وفق تقارير محلية ودولية، وأدى لتدمير حياة 2.2 مليون فلسطيني، ودمار شبه كامل للبنى التحتية الحيوية في قطاع غزة.