إعادة إعمار الانسان في غزة

خلال هذه الحرب كانت هناك خطة ممنهجة من الاحتلال الإسرائيلي لتدمير كل شئ بما فيها (الانسان) في غزة وهذا ما يفسر هجومه الوحشي والتدميري على ' الجامعات، والمدارس، و المساجد، والمراكز الدينية والثقافية، والمؤسسات التنموية.. الخ'، هو يريد بذلك القضاء على البيئة التي توفر للانسان سبل المعرفة، والفهم، والإدراك، والتطوير، وتزرع فيه القيم والمثُل العُليا، وتصوب من سلوكه بصورة دائمة ليسير على الطريق المستقيم، ليس هذا فحسب بل تزرع فيه أعظم قيمة وهي الانتماء لدينه ومن ثم لوطنه وقضيته في وجه الاحتلال والعدوان.

ما فعله الاحتلال كان له بالغ الاثر في انحراف البعض سواء كانوا شباب أو شيوخ أو أطفال خلال هذه الحرب فظهرت سلوكيات خطيرة ومؤسفة ومنها: (حمل الالات الحادة، والأسلحة الرشاشة، وكثرة الاعتداءات على الغير، والسرقات، والتلفظ بالالفاظ النابية، والاعتداء على النظام العام، والانضمام لتشكيلات عصابية، و الاستيلاء على المساعدات الانسانية، وتعاطي أو ترويج المخدرات)، ولكن الأكثر خطورة هي تورط البعض في مخالفات أمنية كان أبرزها: التخابر مع الاحتلال، وسرقة مقدرات المقاومة والاتجار بها.

 وقد ساعد في ذلك اعلام الاحتلال الموجه الذي يبث السموم لاستدراج الشباب نحو هذا الغرض والهدف الخبيث وفي مقدمته تدمير الانسان في غزة وتجريده من كل القيم (التربوية، والوطنية والدينية)، وجعله أداة في يد الاحتلال يبطش بها كيفما يشاء ووقت ما يشاء، صحيح أن هذه الحملات الممنهجة نجحت نسبيا مع البعض، لكنها فشلت فشلا ذريعا مع أعداد ونسب كبيرة من أبناء شعبنا لاسباب عدة ومنها:

1/ الالتزام الديني والوعي الوطني.

 2/ وجود بيئات أسرية متعلمة وواعية شكلت جدار حماية للأبناء.

3/ التقيد بالتوجيهات والارشادات الأمنية المستمرة من أمن المقاومة.

4/ بعد الاجتهادات التربوية في بعض المناطق في المخيمات وبعض المدارس المستجدة أو الذي تم ترميمها.

5/النشرات والتوجيهات المستمرة من الاعلام الوطني المحلي سواء عبر الاذاعة، أو المواقع الالكترونية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتحديد الصفحات التي تتبع لجهات حكومية أو لاستخبارات وأمن المقاومة.

6/ الخطب والمحاضرات الدينية في بعض المساجد والمخيمات وبعض التجمعات المتاحة والفتاوى المنشورة عبر المواقع والمنصات.

هذه التداعيات أو بالأحرى هذه العدوى المرضية التي مست سلوك بعض الأفراد تتطلب وطنيا التحرك وبصورة جادة للقيام بما يلي:

أولا: وضع برامج وطنية طارئة لإجراء المعالجات اللازمة ( تربوية، وثقافية، ودينية، وأمنية) تستهدف معظم شرائح المجتمع ويمكن تنفيذها بصورة دائمة ومنظمة على أن تكون بالتوازي والتنسيق بين ' المدرسة، والجامعة، والمسجد، والمراكز الثقافية، والجهات الأمنية'.

ثانيا: أن يتم استثمار وسائل الاعلام في غزة بالشكل الامثل عبر ( الاذاعة، التلفزيون، الصحف، المجلات، منصات التواصل، النشرات ..الخ)، لرفع مستوى الوعي الوطني.

ثالثا: اتخاذ المقتضى القانوني بحق كل المتورطين في مخالفات أمنية وجنائية على أن يتم تفعيل تدابير استثنائية عاجلة وفورية لمنع كل المتورطين من السفر خارج البلاد؛ لضمان عدم افلاتهم من المسؤولية والعقاب المشروع.

رابعا: أن يتم توجيه نسب كبيرة من الدعم باتجاه المدارس والجامعات والمساجد باعتبارها الحواضن التربوية الهامة التي تحمي وتحصن المجتمع ويمكنها أن تضطلع بالمسؤولية الأكبر في العلاج واعادة إعمار الانسان.