اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة قدس الإخبارية
نشر بتاريخ: ٤ تموز ٢٠٢٥
ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: كشفت صحيفة 'هآرتس' العبرية في تقرير مطول عن حجم الانهيار النفسي والجسدي الذي يعانيه جنود جيش الاحتلال خلال العدوان المستمر على قطاع غزة، مشيرة إلى شهادات صادمة لجنود خدموا في رفح وخان يونس وشمال القطاع، حيث تحدثوا عن الإرهاق، والصدمات، وفقدان الثقة بقيادة الجيش، وانعدام جدوى العمليات العسكرية المتكررة.
ونشرت صحيفة 'هآرتس' العبرية اعترافات خمسة من جنود جيش الاحتلال: يوناتان، أور، عومير، يائير، وأوري. جميعهم أُرسلوا إلى غزة فور إنهائهم المرحلة الثانوية، وظلوا منذ 21 شهرًا داخل أحياء مدمّرة، في قتال يوميّ أرهقهم وكشف زيف الشعارات التي يُجبرون على ترديدها.
وفق 'هآرتس'، فإن هؤلاء الجنود جرى إرسالهم إلى غزة مباشرة بعد إنهاء دراستهم الثانوية، وما زالوا حتى اليوم ضمن الوحدات التي تقاتل في رفح وخان يونس وبيت لاهيا ومخيم جباليا. وبحسب وصفهم، فإنهم يعيشون أوضاعًا 'مريرة ومرهقة'، تسودها مشاعر الغضب واليأس والخوف المشلول.
هؤلاء الجنود أكدوا أن ما يُعرض في الإعلام العبري ليس سوى عروض تمثيلية. الضباط يختارون من يتحدث، ويُملون عليه ما يقول، بينما تُمنع الكاميرات من التقاط الواقع. الصحفيون لا يشاهدون إلا واجهة كاذبة، فيما الجنود الحقيقيون ممنوعون من الكلام.
يوناتان (21 عامًا، من لواء كفير)، تحدّث عن اقتحامهم منزلًا في جباليا، حيث انفجرت عبوة ناسفة قذفته في الهواء وأغرقته بدماء صديقه الذي قُتل أمام عينيه. قال إنه لم يستطع النوم أو الأكل بعدها. لاحقًا، عندما ترك نقطة الحراسة بضع دقائق ليلًا، عوقب بالسجن 28 يومًا، فهرب من القاعدة إلى شاطئ البحر لا يعرف إن كان يجب أن يعود أم يختفي.
أور (20 عامًا، من وحدة استطلاع المظليين) روى مشهدًا في خان يونس، حيث عثروا على جثث أطفال بين الأنقاض تنهشها الكلاب، وقال إن الرائحة التصقت بجسده حتى بعدما عاد إلى بيته. في مطعم مع عائلته، تقيأ أمام الجميع، عاجزًا عن تفسير ما يحدث له، وهو لا يزال يطارد تلك الرائحة في ذاكرته.
عومير (21 عامًا، من لواء جفعاتي) قال إن الحرب تبدو له وكأنها مستمرة منذ عشر سنوات، لا عشرين شهرًا. دفن الكثير من أصدقائه، بعضهم بسبب أخطاء الضباط، ولم يُسمح له حتى بحضور جنازاتهم. صار يكتب وصيته على هاتفه، ويتخيّل من سيحضر جنازته. 'لا أحد يهتم'، قال.
يائير (21 عامًا، من وحدة استطلاع ناحال) وصف لحظة كمين فاشل قرب بيت لاهيا، عندما نام الجميع، بمن فيهم الضابط، في الثانية فجرًا. استيقظ مذعورًا، أيقظ القائد الذي فقد أعصابه، ثم طلب منه لاحقًا ألّا يُخبر أحدًا. تحدّث عن انهيار علاقته بصديقته، وعن نوبات غضب وصراخ، وتساقط شعره بفعل التوتر المستمر.
أوري (22 عامًا، من وحدة يهلوم الهندسية) أعلن أنه فقد أي إيمان بما يفعلونه. قال: 'نحن لا نحقق شيئًا. لا نعيد الأسرى، لا نمنع الخطر. فقط نعيد الدخول إلى الأماكن ذاتها، ونخاطر بحياتنا مرارًا لأسباب سياسية بحتة'. وأضاف: 'الذين ماتوا لن يعودوا. لكن هناك من يمكن إنقاذهم. متى ستفهمون أن الوقت قد حان للتوقف؟'.
اعترافات هؤلاء الجنود، رغم صدورها من داخل جيش الاحتلال، تكشف عن واقع الانهيار والفشل الذي تحاول المؤسسة العسكرية والسياسية إخفاءه. ليست فقط جرائم الاحتلال هي ما يُطمس، بل كذلك هشاشته الداخلية، وتآكل ثقة جنوده بأنفسهم، وبمن يقودهم.