اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
حذّر أطباء في قطاع غزة من خطر وشيك يهدد حياة مئات الأطفال الرضع، في ظل نقص حاد في حليب الأطفال، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود مشددة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ما فاقم أزمة الجوع وسوء التغذية التي تضرب السكان منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر بخان يونس: “لا أستطيع وصف مدى سوء الوضع. لدينا الآن ما يكفي من الحليب الصناعي لأسبوع تقريبًا. لكن لدينا أيضًا رضع خارج المستشفى لا يحصلون على الحليب. إنه وضع كارثي.”
وأوضح الفرا أن مخزون المستشفى من حليب الأطفال الخدج قد نفد، ما اضطر الأطباء لاستخدام حليب الأطفال العادي وتوزيعه على الحالات الحرجة، رغم أنه لا يلبي احتياجات الأطفال المولودين قبل الأوان.
وأضاف: “يجب أن ترى الأطفال يصلون إلينا. إنهم مجرد جلد على عظم. إنه أمر مروع. الحل الحقيقي هو إنهاء الحرب، وفتح المعابر، والسماح بإدخال حليب الأطفال.”
أمهات لا يستطعن الإرضاع
أبرزت الغارديان أن الأزمة تتجاوز نقص الحليب إلى وضع مأساوي للأمهات اللواتي يعانين من سوء تغذية شديد أو فقدن حياتهن في القصف الإسرائيلي.
تقول هناء الطويل (27 عامًا)، وهي أم لخمسة أطفال وتعيش في مخيم النصيرات للاجئين: “مشكلة الحصول على الحليب بدأت منذ ولادة ابني، حيث لم أتمكن من إرضاع طفلي بسبب سوء التغذية والضعف العام الذي أعاني منه.”
تضيف الطويل بأسى: “أحاول أن أحتفظ بقطعة خبز صغيرة بجانبي عندما ينام، لأنه يستيقظ كثيرًا طالبًا الطعام. أشعر بالحزن والخوف على أطفالي، أخشى أن يموتوا جوعًا وعطشًا ومرضًا.”
وأوضحت أنها لاحظت تأخر نمو طفلها مقارنة بأشقائه، إذ لم يبدأ بالكلام أو المشي كما اعتاد أطفالها السابقون في عمره.
أرقام مفزعة
ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، توفي 66 طفلًا فلسطينيًا بسبب الجوع منذ بداية الحرب. كما حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مؤخرًا من أن حوالي 112 طفلًا يدخلون يوميًا مستشفيات غزة للعلاج من سوء التغذية، مشيرًا إلى أن سوء التغذية في سن مبكرة قد يسبب مشاكل نمو دائمة، بينها ضعف الذاكرة وتأخر التطور العقلي والجسدي.
وأكد الفرا: “هذا الجيل بأكمله مُستهدف. سيعاني من مشاكل في الذاكرة وتأخر في النمو، وحتى لو توفرت التغذية لاحقًا، فإن الضرر سيكون دائمًا.”
وتؤكد منظمات حقوقية وإغاثية دولية أن دولة الاحتلال تستخدم التجويع كسلاح حرب، وتفرض قيودا مشددة على دخول حليب الأطفال.
كما يؤكد الأطباء في غزة أن ما يدخل قطاع غزة لا يلبي أدنى الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
يقول الدكتور ثائر أحمد، عضو وفد طبي يسعى لإدخال مساعدات عبر منظمة “آفااز” الدولية: “عندما ترى الأطفال يموتون، يجب أن يتصاعد الذعر والقلق. فالأطفال هم أول من يموت في أزمات الجوع.”
وذكر أطباء أن بعض زملائهم لجأوا إلى تهريب عبوات حليب أطفال فردية في أمتعتهم الشخصية عند دخولهم غزة في مهمات إنسانية.
لكن الدكتورة ديانا نزال، وهي جراحة عيون فلسطينية ألمانية، كشفت أن السلطات الإسرائيلية صادرت عشر عبوات حليب أطفال من حقيبة طبيب أمريكي مؤخراً. وقالت: “صادروا جميع علب حليب الأطفال المخصص للأطفال الخدج. ما الذي سيفعله حليب الأطفال ضد أمن دولة إسرائيل؟”
أسعار خيالية ومجاعة تلوح في الأفق
الأزمة تتفاقم في السوق الموازية، إذ وصل سعر علبة حليب الأطفال إلى حوالي 50 دولارًا أمريكيًا، أي عشرة أضعاف سعرها المعتاد، ما يجعلها بعيدة عن متناول غالبية الأسر في القطاع الذي يعاني سكانه من الفقر المدقع والبطالة.
نورهان بركات (25 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال نازحة إلى خان يونس، قالت: “تمكنتُ من إرضاع ابنتي طبيعيًا لمدة شهر، لكن بسبب نقص الغذاء لم أعد أستطيع الاستمرار.” وأضافت: “أعلم أن الرضاعة الطبيعية تُقوي الرابطة بين الأم وطفلها، ولكن ماذا عساي أن أفعل؟”
وأوضحت منظمات أممية أن غزة بحاجة إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية والدوائية، بينما لا يُسمح بدخول أكثر من 50 شاحنة في أغلب الأيام، بحسب العاملين في المجال الإنساني. وغالبًا ما تتعرض قوافل المساعدات للنهب أو المصادرة بسبب حالة الفوضى واليأس.
وقالت منظمة العفو الدولية إن دولة الاحتلال تستخدم التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين الفلسطينيين، ووصفت ذلك بأنه “تكتيك إبادة جماعية”.
يختم الدكتور الفرا تحذيره قائلاً: “الأطفال هم أول ضحايا الحصار. ما لم يتم إنهاء الحرب وفتح المعابر فوراً، سنفقد جيلاً كاملاً.”