اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣ أب ٢٠٢٥
تعيش مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، ولا سيما مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، واحدة من أعنف الحملات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023، وسط تدمير ممنهج للبنية التحتية وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين، في ظل غياب أي أفق حقيقي لحل إنساني.
ولا تزال الحملة العدوانية الإسرائيلية التي بدأت في الـ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي متواصلة، حيث كانت باكورتها في مخيم جنين، ثم امتدت إلى مخيمي طولكرم ونور شمس، إذ دمّر الاحتلال آلاف المنازل في تلك المخيمات إضافة إلى تدمير البنية التحتية والشوارع وقطع المياه والكهرباء، ما دفع سكانها إلى النزوح لمدن وقرى ومجاورة.
ورغم دخول هذه الحملة شهرها الثامن، إلا أن تلك المخيمات تواجه مصيراً مجهولاً في ظل عدم تدخل أي جهات على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي للجم هذه الانتهاكات الإسرائيلية، وهو ما يضاعف معاناة النازحين ويشجع الاحتلال لمواصلة تدمير المخيمات بشكل كامل.
ووفق مراقبين فإن ما يجري في مخيمات شمال الضفة الغربية لا يمكن فصله عن السياق الأوسع لمحاولة الاحتلال تصفية القضية الفلسطينية بدءاً من شطب قضية اللاجئين وانهاء ظاهرة 'المخيمات' التي تُشكل معقلاً للمقاومة.
يقول عضو لجنة خدمات مخيم جنين محمد المصري، إن الاحتلال نقل تحذيرات لرئيس بلدية جنين مفادها 'لا شيء يُدعى مخيم جنين بعد اليوم'، وهو ما يُشكّل إعلاناً صريحاً لمساعي الاحتلال لإزالة المخيم من الخارطة وتحويله إلى حي تابع للمدينة، في محاولة لطمس هويته وتاريخه كمكان لجوء وذاكرة جماعية للاجئين الفلسطينيين، وفق المصري.
وأوضح المصري لصحيفة 'فلسطين'، أن المخيم فارغ من سكانه، وتحوّل لثكنة عسكرية مغلقة، ولا أحد يستطيع الدخول إليه، والانفجارات دمرت الأبنية، والطرق، والبنية التحتية حتى أصبح المخيم لا يصلح للعيش، مشيراً إلى أن أكثر من 1200 منزل دُمرت بشكل كلي.
وأضاف 'المجتمع في المخيم تفكك بالكامل، والعائلات وجدت نفسها مشتتة بين مناطق عدة، أبرزها حرم الجامعة الأمريكية التي تحولت إلى مركز إيواء، لكنه يفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم'، لافتاً إلى أن أكثر من 3 آلاف عائلة نازحة تعيش في ظروف قاسية، لا تتلقى أي مساعدات منذ أكثر من 7 شهور.
من جهته، رأى عضو المكتب السياسي لحزب الشعب سهيل السلمان، أن هذه العمليات ليست أمنية فقط، بل لها أهداف استراتيجية واضحة، قائلاً: 'الاحتلال يسعى لشطب صفة اللاجئ، وإنهاء المخيم كرمز سياسي ووطني. يعتقد أن المخيمات هي منبع الثورة، ويحاول كي وعي الناس من خلال التدمير والتهجير'.
وقال السلمان لـ'فلسطين': 'العملية مستمرة، وأكثر من 50 ألف مواطن نزحوا من جنين وطولكرم. الاحتلال يكرر في الضفة ما يفعله في غزة: تدمير، حصار، وعقاب جماعي. 50% من مباني المخيمات تضررت، وتم استهداف البيوت والطرق والمؤسسات لإزالة أي مظهر للحياة'.
وأشار إلى أن الاحتلال أطلق العنان للمستوطنين في مختلف المناطق لتضييق الخناق على الفلسطينيين، وتسهيل الاستيلاء على مزيد من الأراضي، ضمن استراتيجية طويلة الأمد لفرض واقع ديمغرافي وجغرافي جديد.
عجز السلطة
كلا من المصري والسلمان أشارا إلى عجز السلطة في رام الله عن التعامل مع حجم الكارثة. يقول المصري: 'ما يصل للنازحين لا يكفي، مجرد كرتونة تموين كل ثلاثة أشهر. السلطة عاجزة اقتصاديًا، حتى أنها لم تتمكن من إعادة تقديم أي مساعدات بعد الدفعة الأولى'.
أما السلمان، فيضيف: 'ما قامت به السلطة لا يرتقي لحجم الجريمة، دفع بعض الإيجارات وتوزيع مواد غذائية لا يكفي. الناس فقدت بيوتها، أوراقها، حياتها بالكامل، ولا يوجد دعم مالي طارئ حقيقي'.
ورغم حجم الدمار، يرى السلمان أن الشعب الفلسطيني لا يزال متمسكًا بحقوقه، قائلاً: 'نحن واثقون أن هذا الاحتلال إلى زوال. التضامن الدولي يتزايد، والجرائم التي تُرتكب لن تُمحى من الذاكرة'.
وطالب بتوحيد الخطاب السياسي الفلسطيني، وإنهاء الانقسام، ووضع خطة وطنية شاملة لمواجهة هذا العدوان. 'نحن أصحاب الأرض، ومطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بتعزيز صمود أهلنا سواء في غزة أو الضفة'، وفق تعبيره.