اخبار فلسطين
موقع كل يوم -راديو بيت لحم ٢٠٠٠
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بيت لحم 2000 -في زمنٍ باتت فيه الصورة لغةً للعالم، ونافذةً تكسر الصمت المحيط بالمأساة، استطاع المصور الصحفي الفلسطيني عمر نعمان اشتوي أن يجعل من عدسته شهادةً إنسانية حية تنقل وجع غزة وصمودها إلى العالم. فقد تُوّج اشتوي بجائزة إيان باري العالمية للتصوير الصحفي لعام 2025، وهي من أبرز الجوائز الدولية التي تُمنح لدعم المواهب الشابة تحت سن الرابعة والعشرين في مجال التصوير الصحفي، تقديرًا لجهوده في توثيق المعاناة اليومية في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة.
اشتوي، الذي بدأ مسيرته في عالم التصوير عام 2020، تحدّث عن مشاعره بعد إعلان فوزه، قائلاً إن الجائزة تمثل “خطوة مهمة في مسيرة مهنية بدأت منذ سنوات قليلة”، لكنها كانت مليئة بالتحديات والمخاطر. وأضاف أن هذا الفوز “ليس انتصارًا شخصيًا بقدر ما هو فوز لغزة التي وثّقت عدسته آلامها وموتها ومجاعة أهلها”، مشيرًا إلى أن المشروع الذي فاز من خلاله تضمن اثنتي عشرة صورة جسّدت مختلف وجوه المأساة في القطاع، من الدمار والموت إلى قصص المجاعة والصمود الإنساني.
وقال اشتوي في حديث خلال برنامج 'يوم جديد' مع الزميلة سارة رزق، الذي يبث عبر أثير راديو 'بيت لحم 2000': إن عمله جاء لتوثيق ما يعيشه الفلسطينيون من مآسٍ متواصلة، مضيفًا: “كانت صوري تحكي عن غزة التي تعيش تحت النار، عن الأطفال الذين يعانون الجوع، وعن البيوت التي تحولت إلى ركام، لكنها أيضًا تحكي عن شعب يحب الحياة رغم الموت.”
المصور الشاب تحدث عن الصعوبات التي واجهها أثناء عمله في الميدان، موضحًا أن العمل الصحفي في غزة لا يختلف عن المعاناة اليومية للمواطنين، بل قد يكون أكثر خطرًا. وأكد أنه وزملاءه كثيرًا ما اضطروا إلى التصوير في مناطق خطرة وتحت القصف المباشر، حتى في ظل انقطاع الإنترنت أو أثناء اشتداد الغارات، قائلًا: “كنا نخرج رغم الخوف، لأن الصورة يجب أن تخرج. كنا نبقى في الميدان حتى منتصف الليل بين الركام والبرد، لنروي للعالم ما يحدث هنا.”
وعند سؤاله عن أكثر الصور التي تركت أثرًا في نفسه، قال اشتوي إن أكثر مشهدٍ لا يغادر ذاكرته كان لإمرأة مسنة في مخيم جباليا، أصيبت خلال قصفٍ استهدف المنطقة، موضحًا أنه التقط لها صورة وهي لا تزال على قيد الحياة، ثم أخرى بعد لحظات من استشهادها أثناء نقلها بسيارة الإسعاف. وأضاف بأسى: “كانت الصورة موجعة… جسدت لحظة بين الحياة والموت، لحظة أصبحت غزة كلها تعيشها يوميًا.”
وتحدث اشتوي عن التأثير النفسي العميق الذي يتركه العمل الميداني على المصورين الصحفيين في غزة، قائلاً: “في البداية كنا نتأثر ونبكي، لكن مع تكرار المشاهد أصبح الموت جزءًا من يومنا. تمر الجنازات أمامنا وكأنها مشهد اعتيادي… لم يعد للموت رهبة كما كان، وهذا مؤلم أكثر من الموت نفسه.”
واستعرض اشتوي بداياته مع الكاميرا قائلاً إنه بدأ التصوير كهواية عام 2020 مستخدمًا كاميرا بسيطة لتوثيق جمال غزة ليلاً وشوارعها المضيئة وبحرها الهادئ، قبل أن ينضم إلى وكالة “ABA Images” كمساعد مصور، ثم كمصور ومحرر صور معتمد.
وفي حديثه عن الجانب الإنساني في عمله، أشار إلى أن الصحفي في غزة لا يكتفي بتوثيق المشهد، بل يعيش تفاصيله، موضحًا أنه كثيرًا ما نقل المصابين بسيارته إلى المستشفيات قبل وصول سيارات الإسعاف، وكان حاضرًا في الجنازات والوداع الأخير، مشاركًا الأهالي لحظات الحزن والتشييع، في مشاهد تختلط فيها المهنية بالإنسانية.
وعن خصوصية الصورة الفلسطينية، أكد اشتوي أن ما يميزها هو صدقها الإنساني ومضمونها الوجودي، قائلاً: “لا توجد صور في أي صراع بالعالم تشبه صور غزة… نحن وثّقنا كل أشكال الموت والمعاناة التي قد لا يراها العالم في أي مكان آخر.”
أما عن تأثير الصورة في الرأي العام العالمي، فأوضح أن توثيق مشاهد المجاعة وسوء التغذية في غزة أسهم جزئيًا في تحريك العالم لإدخال بعض المساعدات الإنسانية، رغم أن الاحتلال – كما يقول – “حوّل مناطق إدخال المساعدات إلى مصائد موت” لاستهداف المدنيين.
وفي ختام حديثه، وجّه اشتوي رسالة إلى الشباب الفلسطينيين الطموحين في مجال التصوير الصحفي، داعيًا إياهم إلى مواصلة العمل رغم الظروف الصعبة، قائلاً: “يجب أن يكون هناك من يُظهر الصورة ويُظهر الحقيقة، لأن الاحتلال لا يعرف معنى للإنسانية. يجب أن نُري العالم أننا نحب الحياة رغم الألم.”
واختتم المصور الغزي حديثه برسالة موجعة إلى العالم قال فيها: “عدسة عمر تقول… كفى لغزة. كفى موتًا، كفى معاناة، كفى دمارًا. غزة ما زالت فيها أرواح تحب الحياة وتريد أن تعيش.”
المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي التالي:

























































