اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
أثار المرسوم الصادر عن رئيس السلطة محمود عباس الذي يدعو إلى اجراء انتخابات للمجلس الوطني قبل نهاية العام جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، إذ اعتبره سياسيون تكريساً للانقسام وسياسة التفرد بالقرارات من السلطة من جهة، وتجاهلاً لحرب الإبادة في قطاع غزة من جهة أخرى.
ويأتي مرسوم عباس في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة إلى أبشع حرب إبادة منذ أكثر من 20 شهراً، والذي التزمت خلالها السلطة سياسة الصمت وعدم التحرك لوقف هذه الحرب، في مشهد يعكس مدى تجاهلها للشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يتعرض لحصار مُطبق، وتعزيز سياسة الانقسام بين الوطن الواحد.
وقال عباس في نص المرسوم: 'إجراء الانتخابات مجلس وطني جديد قبل نهاية العام 2025، وفقاً لنظام انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، ويحدد موعدها بقرار من رئيس اللجنة التنفيذية'، مطالباً اللجنة التنفيذية بإصدار قرارٍ بتشكيل لجنة تحضيرية تختص باتخاذ الترتيبات اللازمة لإجراء الانتخابات.
من جهته هاجم الدبلوماسي د. ربحي حلوم، مرسوم عباس الداعي لإجراء انتخابات للمجلس الوطني، معتبراً الخطوة 'فضيحة سياسية' تُعبّر عن انفصال كامل عن نبض الشعب الفلسطيني، وتكريساً للهوان والانقسام والتفرد بالقرار.
وقال حلوم لصحيفة 'فلسطين': 'بكل مرارة، هذا المرسوم عار على السلطة التي تُسمّى زوراً وطنية، وهي لا تمت للوطنية بصلة. سلطة تكتفي بالصمت حتى تقترب نهاية ولايتها، فتُخرج صوتها بحثاً عن شرعية مفقودة'.
وانتقد توقيت المرسوم الذي يأتي في ذروة المجازر الإسرائيلية المستمرة في غزة، قائلاً: 'منذ اليوم الأول للعدوان، كان الأولى برئيس السلطة أن يدعو إلى مؤتمر قمة طارئ يُناقش كيفيّة دعم المقاومة المسلحة، لا أن يغطّ في سبات عميق ثم يصحو ليعلن انتخابات لا مكان لها في ظل الحصار والإبادة'.
وأضاف: 'السلطة منذ 17 عامًا تتفرّج على الكارثة ولا تُحرّك ساكنًا، لم يصدر عنها موقف واحد يرقى إلى مستوى المسؤولية، ولم تُحرّض، لم تُعلن عصيانًا، لم تُقدّم دعماً للمقاومة، بل تفرّغت لتكريس التنسيق الأمني وسحب سلاح المقاومين'.
وأبدى حلوم أسفه للصمت الرسمي الذي تلتزمه السلطة، والذي وصفه بأنه 'صمت مريب لم يشهد له التاريخ مثيلًا'، محملاً إياها المسؤولية الكاملة عن 'الخذلان الرسمي'.
وقال: 'هذه السلطة تخلّت عن قطاع غزة منذ سنوات، ولم تفعل شيئًا منذ بدء العدوان سوى الانتظار'.
واتهم حلوم السلطة بتعزيز الانقسام الوطني، مؤكداً أنها 'انفصلت عن شعبها، وجنّدت الآلاف لمطاردة المقاومة ونزع سلاحها'.
من ناحيته، وصف المحلل السياسي هاني المصري المرسوم بأنه 'محاولة محفوفة بالمخاطر لاستعادة زمام المبادرة من قيادة السلطة، لكنه جاء في التوقيت والسياق الخاطئين، وبالطريقة الخاطئة أيضاً'.
وأوضح المصري، أن أولى إشكاليات المرسوم تكمن في كونه صدر بصورة أحادية، دون أي تشاور وطني شامل يشمل مؤسسات منظمة التحرير والسلطة، والفصائل الوطنية والإسلامية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والشخصيات الوطنية في الداخل والشتات.
وقال: 'هذه المقاربة تُضعف شرعية المرسوم، بل تُفقده الغطاء الوطني الضروري لتنفيذه على الأرض، وأي خطوة انتخابية لا يمكن أن تكتسب المصداقية إلا من خلال توافق وطني جامع'.
ورأى المصري أن المرسوم تجاهل جملة من الأولويات العاجلة، وعلى رأسها وقف الإبادة الجماعية والتهجير القسري في قطاع غزة، والتصدي لمخططات الضم والتهويد، وضرورة إعادة الإعمار.
ويطرح المصري تساؤلات حول جدوى التفكير في الانتخابات في ظل عدم وجود استراتيجية وطنية موحدة وقيادة جامعة قادرة على التصدي لهذه التحديات، وكيف يمكن تصور إجراء انتخابات في غزة في ظل العدوان المستمر، أو في الضفة حيث الضم الزاحف والاقتحامات اليومية؟'.
وانتقد المصري اشتراط المرسوم على المشاركين الالتزام ببرنامج منظمة التحرير والتزاماتها، معتبراً ذلك 'انحرافاً عن جوهر العملية الديمقراطية، التي تقوم على التعددية وحرية التنافس بين البرامج'.
ودعا إلى صياغة ميثاق وطني جامع، يستند إلى الثوابت الوطنية والقيم الإنسانية، عوضًا عن فرض شروط مسبقة قد تُقصي قوى وازنة.
ولفت المصري إلى أن المرسوم اقتصر على الدعوة لانتخابات المجلس الوطني، دون الإشارة إلى انتخابات رئاسية أو تشريعية، ما يعكس 'اتجاهاً مقلقاً نحو تجاوز السلطة ومؤسساتها، لصالح منظمة تحرير مشلولة لم تُفعّل منذ سنوات، ودون أي مشروع إصلاح داخلي حقيقي لها'.