اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تكشف حادثة وصول عشرات المواطنين من غزة إلى جنوب إفريقيا عبر رحلة غامضة خيوطَ واحدة من أخطر القضايا المرتبطة بالحرب على القطاع، والمتصلة بمحاولات التهجير المنظّم أو 'الطوعي' التي تُدار من قبل سلطات الاحتلال ومنظمات تعمل لصالحه.
وتعدّ قضية الطائرة التي وصلت جنوب إفريقيا مؤشرًا على مسارات تهجير تُدار في الخفاء، وتشارك فيها جهات تسهّل خروج المدنيين من غزة عبر ترتيبات غير شفافة ومكلفة، كما حدث مع ركاب الرحلة الأخيرة التي وصلت جوهانسبرغ بلا وثائق رسمية.
هذه الحادثة سلطت الضوء على عمليات مشبوهة تستغل معاناة المواطنين، وتفتح الباب أمام مخاوف من محاولات لإفراغ غزة تدريجيًا من أهلها، في وقت تجمع فيه الجهات الحقوقية على أن أي تهجير قسري أو مقنّع يُعد خرقًا صارخًا للقانون الدولي.
الكاتب والحقوقي مصطفى إبراهيم أكد أن ما نشرته السفارة الفلسطينية قبل أيام بشأن وجود عشرات الفلسطينيين في جنوب إفريقيا، بعد تداول أخبار عن هجرتهم بطرق غير شرعية أو التفافية، يكشف عن مسار خطير يتصل بعمليات تهجير منسّقة انطلقت من غزة وصولًا إلى نيروبي ثم جوهانسبرغ.
وأوضح إبراهيم لـ 'فلسطين أون لاين' أن هناك مؤسسة تبدو تجارية في ظاهرها، لكنها مرتبطة بجهات لها علاقة بالاحتلال الإسرائيلي وبالمخططات الإسرائيلية المتعلقة بـ'الهجرة الطوعية' التي بدأت سلطات الاحتلال الترويج لها منذ طرح خطة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب.
وقال إبراهيم: 'سلطات الاحتلال حاولت خلال العامين الماضيين تشجيع الفلسطينيين على الهجرة خارج فلسطين، وتسهيل بعض عمليات الإجلاء بذريعة المرض أو الدراسة، بينما تخدم هذه الخطوات الرؤية الإسرائيلية الهادفة إلى تقليص الوجود الفلسطيني'.
وأضاف أن هذه السياسات ليست جديدة، فهي امتداد لنهج حكومي إسرائيلي قديم عززته تصريحات بعض الوزراء الذين حرّضوا علنًا على تهجير الفلسطينيين، وطرحوا خططًا لنقلهم إلى أوروبا أو دول عربية.
وأوضح أن الفضيحة الأخيرة المتعلقة بوصول عشرات الفلسطينيين إلى جنوب إفريقيا جاءت لتكشف جانبًا من هذا المسار، إذ منحتهم السلطات الجنوب إفريقية إقامة لمدة تسعين يومًا فقط.
وأشار إبراهيم إلى أن المؤسسات التي تقف خلف تهريب الفلسطينيين تتقاضى مبالغ كبيرة تصل إلى ثلاثة آلاف دولار للشخص، بعد أن بدأت بمبالغ أقل.
وقال إن بعض المواطنين خُدعوا بوعود السفر 'بطريقة شرعية أو ميسّرة'، لكن انتهى بهم الأمر إلى الهجرة بطرق غير قانونية إلى دول مختلفة، بينها دول أوروبية.
وأكد أن السماح بمرور الفلسطينيين عبر معبر كرم أبو سالم، ثم نقلهم إلى النقب والسفر عبر مطار رامون، يشير إلى وجود موافقة إسرائيلية كاملة على هذه العمليات، حتى لو كانت تتم عبر شركات خاصة.
ولفت إلى أن التنسيق—سواء كان مباشرًا أو عبر وسطاء—يعكس رغبة إسرائيلية في استغلال الظروف الإنسانية الكارثية في غزة لدفع الفلسطينيين إلى خارجها، ولو بأعداد قليلة ومكلفة.
وأضاف إبراهيم أن الفضيحة التي كُشفت في جنوب إفريقيا قد تحدّ من اندفاع بعض الفلسطينيين نحو هذه الطرق، لكنها ستجعل آخرين يفكرون مليًا قبل الإقدام عليها، خصوصًا مع وجود عناصر النصب والاحتيال في عمل بعض الجهات.
وأشار إلى أن هذه السياسات تذكّر بتاريخ طويل من المحاولات الإسرائيلية منذ عام 1939، ثم بعد حرب 1967، لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة بوسائل مختلفة، بعضها تمثل بنقل مجموعات إلى الأردن وتشجيعهم على السفر.
وشدد إبراهيم على ضرورة أن تتعامل السلطة الفلسطينية بحزم مع هذه الظاهرة وأن تحذّر المواطنين من الوقوع ضحايا لهذه الشركات، معتبرًا أن الحديث المتداول حول توقف إصدار جوازات السفر 'بحجة منع الهجرة' يحتاج إلى تدقيق.
واختتم بالتأكيد على أن المؤشرات واضحة: سلطات الاحتلال تقف خلف هذه المسارات وتسعى باستمرار لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة، حتى لو كانت بأعداد محدودة حتى الآن.

























































