اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٩ تموز ٢٠٢٥
رأى مختصون عسكريون ومحللون أن فشل عملية 'عربات جدعون' الذريع في الوصول لأسرى الاحتلال أو إحداث اختراق عسكري حاسم في غزة، له علاقة مباشرة بتغير موقف الاحتلال نحو الذهاب للصفقة التي باتت خيارًا وحيدًا مع فشل التجويع والاستعانة بميلشيات مسلحة أو تأليب الشارع الغزي ضد المقاومة في إحداث تغيير بالمشهد في غزة، خاصة مع قلة المعارضين للتوجه نحو الصفقة من داخل حكومة الاحتلال.
وتتضح صورة الموقف لدى الاحتلال، ما نشرته صحيفة 'معاريف' بأن 'نتنياهو وصل إلى واشنطن وهو يحمل في يده ورقة اتفاق للإفراج عن جزء من الأسرى، تهدف إلى تمكينه من تثبيت حكومته'، وما قاله السفير الأمريكي السابق لدى الاحتلال دان شابيرو: 'ترمب يريد إنهاء الحرب في غزة، ولن يوافق على تفويت هذه الفرصة بسبب أعذار سياسية من نتنياهو تتعلق بالحفاظ على الائتلاف'.
بينما ذهب عدد آخر من سياسي الاحتلال لأبعد من الصفقة الجزئية، فقال أفيغدور ليبرمان: 'أمل أن يفرض ترامب على نتنياهو صفقة شاملة، لا يوجد مبرر لصفقة جزئية، الحكومة تدفع بهذا الاتجاه لسبب واحد فقط – الحفاظ على الائتلاف'.
وبالرغم من العمليات العسكرية الواسعة التي نفذها جيش الاحتلال، تحت غطاء العملية المسماة مركبات جدعون، لم يتمكن من الوصول إلى أسراه، وفشلت فشلاً مدويًا وفق وصف محللين عسكريين إسرائيليين. وفق المختص في الشأن العسكري والأمني د. رامي أبو زبيدة.
غياب النتائج الميدانية
وقال أبو زبيدة لـ 'فلسطين أون لاين': إن 'جيش الاحتلال محبط من غياب النتائج الميدانية، رغم كلفتها الإنسانية والسياسية الضخمة، في ظل أن تقارير إسرائيلية متعددة أكدت أن قوات الاحتلال لم تستطع الوصول لأماكن الأسرى بالرغم من دخولها المتكرر لعدة مناطق كانوا يعتقدون أن الأسرى يتواجدون فيها، خاصة في ظل الحديث عن سيطرة الاحتلال عن 65% من مساحة غزة'.
وأضاف، بأن المقاومة تخوض حرب استنزاف وأن تكتيكات المقاومة فاعلة، وتحولت إلى حرب عصابات استنزافية كما وصفها كتاب كثر جعلت من كل محاولة للتقدم الميداني عبارة عن مخاطرة كبيرة غير مضمونة، مع وقوع قتلى وإصابات بجيش الاحتلال.
إضافة لذلك استطاعت المقاومة، وفق أبو زبيدة، استعادة زمام المبادرة في مناطق انسحاب الاحتلال، وتعرف وتفهم طريقة وآلية تواجد قوات الاحتلال وتحركاته ونفذت عمليات نوعية بالمناطق التي يتواجد فيها الاحتلال، بالتالي فإن استمرار العملية والاستعانة بفرق جديدة سيحول الجنود لأهداف سهلة وهو ما يقلص فرص القيام بعمليات ناجحة.
ورأى أن ضغط عائلات الأسرى وتصاعد الاستقطاب الداخلي بشكل غير مسبوق، وسط اتهامات للحكومة بتحصيل مكاسب سياسية، مع دعم أكثر من 60% من المجتمع الإسرائيلي التوجه نحو صفقة تبادل شاملة حتى لو باهظة الثمن، قد يدفع نتنياهو لعدم تعطيل المقترح القطري.
ويعتقد أبو زبيدة أن الضغط الدولي وتآكل شرعية الاحتلال وتزايد الانتقادات الدولية للحرب، يدفع باتجاه الصفقة، كما أن العمليات العسكرية أصبحت عبئا سياسيا وعسكريا بحيث يضغط الجيش لإنهاء الحرب لتفادي تداعيات استراتيجية على الجبهة الشمالية.
وهذا ما يجعل الاحتلال أمام مأزق مركب بالفشل بالوصول للأسرى رغم حرب مدمرة، وهذا عرَّا قصور المنظومة العسكرية والأمنية مع استنزاف الجبهة الداخلية وزيادة الضغط السياسي والأمني، ما يجعل صفقة التبادل ليست خيارا بل ضرورة للخروج من المستنقع الذي أوقع الاحتلال نفسه به. بحسب أبو زبيدة
خيار وحيد
فيما يرى المختص بالشأن الإسرائيلي أمين الحاج أن فشل عملية 'عربات جدعون' أمر بات محسوما حتى أن صحف عبرية تحدثت علنا بذلك ووصفت ما حدث مثل معاريف بأنه 'فشل ذريع' أو انها لم تحقق إنجازات بالتالي من التداعيات المحتملة هو تآكل قدرة الردع.
وقال الحاج لـ'فلسطين أون لاين': 'بعد فشل العملية في تحرير الأسرى والذي كان ضمن أهداف العملية وكشفت عن محدودية القدرات الإسرائيلية، بالرغم من القتل والتجويع وارتكاب مجازر بشعة، إلا أنها وقت عاجزة عن إحداث اختراق عسكري حاسم وبالتالي هذا يمس سمعة جيش الاحتلال أمام جمهوره ويفتح الباب أمام مزيد من التساؤلات حول التخطيط والمعلومات'.
وأضاف: 'هذا ولد ضغطا على القيادة السياسية ما دفعها للبحث عن بدائل وارتفعت معها الأصوات المطالبة بمخرج من هذه الورطة في غزة، لأن الحل العسكري عمليا أخفق في تحقيق أهدافه مع ارتكاب مجازر بشعة بحق الأطفال والنساء'.
وأكد الحاج أن فشل عربات جدعون له علاقة مباشرة بتغير موقف الاحتلال نحو الصفقة، لأن ذلك أحد العوامل المهمة، وهذا الفشل رفع أسهم خيار الصفة لدى الأمريكان ولدى حكومة نتنياهو خاصة مع توالي الإخفاقات العسكرية وتراجع الرهان على العملية ذاتها بعد أن كان الرهان عليها أكبر في السابق.
فضلا عن سقوط خيارات أخرى كالمراهنة على إثارة الشارع الغزي ضد المقاومة أو المليشيات المسلحة المرتبطة بالاحتلال التي جرى تسليحها للقيام بالاشتباك مع المقاومة، ما يعني أن الصفقة أصبحت الخيار شبه الوحيد أمام اعتراف القادة العسكريين بمحدودية الخيار العسكري، فضلا أن المعارضين للصفقة من داخل الحكومة باتوا قلة.
وأشار الحاج إلى حجم التجاذبات والاتهامات المتبادلة بين السياسيين والعسكريين حول المسؤولية عن الفشل العسكري، لتبرئة النفس أمام الرأي العام خاصة أنهم مقبلون على انتخابات خلال العام القادم، بالتالي العسكريين يشككون في طبيعة الأهداف من حيث الوضوح والواقعية ويرون أنها جزء من دعاية سياسية، بالتالي الجميع سيحاول استغلال الفشل وتسجيل نقاط على الطرف الآخر في الصراع السياسي الداخلي.
ويعتقد أن تكرار جيش الاحتلال الإخفاقات العسكرية يعد مشكلة كبيرة جدا، ما يعني أن الصور التي تخرج من غزة عن حدة المعاركة واستبسال المقاومة في التصدي لعربات جدعون تساهم في ذلك وتسهم في هز صورة الجيش ما له تأثيرات نفسية عميقة لدى المجتمع الإسرائيلي، مما يثير تساؤلات حول جدوى الانفاق على منظومات الاستخبارات أمام قدرتها على تقديم معلومات دقيقة أو إحباط مخططات بالمستقبل.