اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة مصدر الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٥ حزيران ٢٠٢٥
بملامح يائسة ووجه شاحب، تُعاني أمل الحرازين من التجول في الأسواق بحثًا عن الحليب الصناعي للأطفال، لطفلتها الرضيعة (9 أشهر) مريضة القلب والمصابة بسوء التغذية، إذ لا تستطيع تبديل نوع الحليب دون استشارة طبية.
'أسعار الحليب باتت غير طبيعية وصل سعرها من 25 شيقل إلى 120 شيقلًا، وبسبب الفقر الذي اشتد علينا في الحرب اضطريت لشراء أنواع أخرى مثل حليب الوكالة والجوكر رغم أنها ممنوعة لابنتي'، تقول أمل لـ'شبكة مصدر الإخبارية' بقهر.
نزحت أمل من شمال قطاع غزة إلى وسط القطاع وهي حامل بطفلتها في الشهر الرابع، مع زوجها وهو من ذوي الإعاقة لا يستطع مساندتها في جلب بعض مقومات الحياة.
تخبرنا: 'التجار في كل يوم يرفعون أسعار الحليب كل ما هو مطلوب سعره يرتفع، وتضاعف ثمنه لا تغطي احتياجات طفلتي فهي كل ثلاثة أيام تحتاج تجديد الحليب'.
وتكمل: 'اضطريت بيع بعض من ملابسي وملابس أطفالي الاثنين لاستكمال شراء الحليب، لأن في أغلب الأحيان لا أستطع توفيره وأصبحت أقوم بعمل الحليب مخفف حتى يكفي مدة أطول'.
وتؤكد أن الأطعمة البديلة التي من الممكن تغذي طفلتها الرضيعة منقطعة، وإن وجدت فهي باهظة الثمن، معربًة عن خشيتها من أن تُصاب بأمراض أخرى'.
'جسدها متهالك' بهذه الكلمات وصفت حالة طفلتها، تردف: 'بنتي كان جسدها عظم فقط ومناعتها ضعيفة جدًا دخلت فيها المستشفيات كثيرًا، وتحسنت صحتها ولكن أخشى عودتها لما كانت عليه'.
وعن شُح وغلاء الحليب الصناعي، تقول أمل: 'في الوقت الحالي أحاول تغذيتها من خلال الطعام الذي أعدّه لنا وأعاني بشكل كبير معها لأنها في بعض الأوقات ترفض تناول الأطعمة وتريد فقط أن تشرب الحليب'.
وفي السياق، تؤكد أديل خضر المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: 'لا تزال الصور المروعة من غزة تظهر أطفالاً يموتون أمام أعين أسرهم بسبب استمرار نقص الطعام والمواد الغذائية وتدمير خدمات الرعاية الصحية'.
وتضيف خضر أنه إذا لم يُستأنَف بسرعة علاج هؤلاء الأطفال، وعددهم 3,000، فإنهم معرضون لخطر محدق وخطير للإصابة بأمراض حادة ومضاعفات تهدد حياتهم، والانضمام إلى القائمة المتزايدة من الأولاد والبنات الذين قُتلوا جراء هذا الحرمان الأحمق الذي سبَّبه البشر.
لا بديل آخر
'من وين نجيب حليب ومن وين نجيب فلوس للأسعار الأوروبية، وأين تذهب المساعدات للأطفال الرضع فالوضع الاقتصادي بات كارثي'، يتساءل طلال كلاب بغضب.
يقول طلال: 'طفلي الرضيع عمره 8 أشهر رفض بشكل قاطع الرضاعة الطبيعية، فيقبل على الحليب الصناعي وكنت أشتري عبوات الحليب بسعر مرتفع، ولكن فجأة بات هناك شح وغلاء في أسعار الحليب'.
ويلفت إلى أن ما يحدث أمر كارثي يحلُ على الأطفال الرضع، على إثر ذلك سيصابوا بسوء التغذية وأمراض أخرى، أو نفقد عددًا منهم.
ويبين أن عبوات الحليب في الأسواق شحيحة جدًا وباهظة الثمن، فلذلك اضطريت شراء حليب آخر يناسب الظروف المادية فالبديل أيضًا سعره مرتفع ولكنه يبقى فترة أطول من العبوات.
ويخبرنا طلال: 'الحليب غالي وكل شي بديل غالي وغير متوفر وقليل بسبب عدم توفر الحليب اضطررت للاعتماد على الطعام كالخضار التي هي أيضًا شحيحة من عمر مبكر للطفل'.
ويزيد 'الوقت الحالي الخضار أسعارهم غالية جدًا ومن غير المستطاع إحضارها ولا إحضار الحليب والرضاعة الطبيعية غير مشبعة للطفل ويبقى طول الليل والنهار يبكي من الجوع'.
وأطلق مدير مستشفى الرنتيسي بمدينة غزة جميل علي، نداء عاجلاً من قلب المعاناة في غزة، حيث يواجه الأطفال كارثة صحية حقيقية بسبب الانقطاع التام لحليب الأطفال.
وأكد أن المستشفى لا يملك حالياً أي علبة حليب واحدة، رغم استقباله يوميًا عشرات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وضعف الامتصاص، ما اعتبره “أزمة إنسانية حقيقية تمسّ حق الطفولة في الحياة”.
وناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتحرّك الفوري والعاجل لتوفير الحليب وإنقاذ حياة مئات الرضّع من خطر الموت جوعًا.
أما نمر مطر لديه طفلين توأم توفي علي، وظل أخيه يصارع للبقاء وسط الحرب بسبب عدم توفر الحليب العلاجي لهم، وانقطاعه من الأسواق.
يخبرنا مطر: 'رزقنا الله بالتوأم بعد عشر سنوات جاءوا للحياة بولادة طبيعية دون أي مشاكل في الحرب، ولكن بعد عمر 4 أشهر حدثت انتكاسة معهم، طفلي علي تعرض لإسهال شديد وتم دخوله في مستشفى شهداء الأقصى مكث شهر ونصف، احتار فيه الطب بعدها اكتشفوا أنه يعاني من حساسية الحليب والاكتوز'.
ويضيف لـ'شبكة مصدر الإخبارية': 'بسبب عدم توفر الحليب واكتشاف حالته تقطعت أمعاء طفلي علي وتم أخذ قرار لعمل له عمليه جراحية وما كان أمامي خيار آخر، ونقلوه إلى حضانة الأطفال'.
'بعد خمسة أيام توفى علي وبقي لي طفل يعاني أيضًا من حساسية مثل أخوه وتم عزله عن جميع أنواع الحليب لمدة شهر متواصل، ووضعه تحت المحاليل وكنا نوفر الحليب بصعوبة وباهظ الثمن'.
'طفلي متعطش للحليب، بسبب يتم تناوله رضعتين فقط في اليوم، شح الحليب سبب كارثة صحية للأطفال، وبكل أسف الاحتلال يتلذذ على معاناتهم'.
ويكمل قوله: 'من شدة بكاء وجوع طفلي أتمنى في يومها أن تبلعني الأرض، لعجزي بتوفير الحليب خاصة لعدم وجود بديل آخر غيره'.
الكميات المتوفرة لا تلبي الأطفال
يقول أخصائي طب الأطفال د. أحمد الفرا، إن شُح حليب الأطفال في الصيدليات والمستشفيات، شكل أمراض صحية للأطفال وبعضهم من فارق الحياة.
ويضيف الفرا أن كميات الحليب المتوفرة لا تُلبي احتياجات الأطفال خاصة ممن يعانون من الأمراض كحساسية الحليب وسوء التغذية وضعف المناعة.
ويشير إلى أن الأطفال بحاجة لأنواع معينة من الحليب خاصة الفيتامينات لتعويض النقص الغذائي واكتمال النمو بشكل سليم.
ويؤكد أن أزمة شُح الحليب تتفاقم يومًا بعد يوم، والآن رقم 1 و2 غير متوفرين خاصة الحليب العلاجي، مشيرًا إلى أن أجساد الأطفال منهكة خاصة الذين أنجبوا غير مكتملين النمو.
ويلفت أن هناك سيدات مريضات بالسرطان لا يستطعن تقديم الرضاعة الطبيعية ويعانين من سوء التغذية، هناك سيدات استشهدت بعضهن ولجأ عوائلهم للرضاعة الصناعية.
ويزيد الفرا أن الأزمة ستعرض الأطفال لخطر الموت إذ استمر الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق المعابر ومنعه إدخال الحليب للمرافق الصحية.
اقرأ/ي أيضًا: الأطفال الرضّع يواجهون الموت جوعًا بسبب نفاد الحليب