اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
على الرغم من امتلاكه كل منظومات المراقبة من طائرات حربية واستطلاع وأقمار صناعية وأدوات تكنولوجية تفوق القدرات البشرية، وأبراج وثكنات عسكرية لا تغفو لحظة عن تتبع كل ما يجري في غزة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي فشل في توقع عملية المقاومة التاريخية يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما جعل العملية انتكاسة عسكرية لجيش الاحتلال بجميع أذرعه العسكرية والاستخبارية.
وعبر نحو ألف مقاوم من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس للمستوطنات المحاذية لغزة ونحو 25 موقعا عسكريا تابعا لفرقة غزة بجيش الاحتلال. أدت العملية لقتل مئات الجنود وأسر العشرات منهم وإسقاط الفرقة بالكامل في أكبر فشل استخباري وعسكري وأمني على مدار تاريخ دولة الاحتلال.
جاء ذلك بعدما زعم رئيس أركان الاحتلال السابق هرتسي هاليفي أن 'حماس ضعيفة وجرى ردعها' بعد تقييم للوضع قدمه قادة فرقة غزة خلال زيارة هاليفي للفرقة يوم 12 سبتمبر/أيلول 2023، مؤكدا أن 'القوات الموجودة على الحدود مستعدة لأي حدث مفاجئ'. ويرى مراقبون وخبراء عسكريون، أن حماس مارست عملية تضليل وخداع، جعلت قادة الاحتلال يصلون لتلك القناعة.
ويعتقد خبراء لـ 'فلسطين أون لاين' أن الحركة كانت تحضر نفسها ومقاتليها بعيدا عن كل وسائل المراقبة للعملية التاريخية التي شارك فيه نحو 3 آلاف مقاوم، نصفهم قاموا بالهجوم والنصف الآخر قام بالإسناد عبر اطلاق قذائف الهاون والصواريخ لتثبيت مواقع الطائرات الحربية القريبة من المكان لمنع إقلاعها أو أي عملية اسناد.
إخفاقات كثيرة
بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي أمين الحاج، أن الإخفاقات كثيرة جدا وعلى جميع المستويات لدى الاحتلال منها تحييد منظومات الانذار المبكر من خلال ضربة افتتاحية بوسائل متعددة من مسيرات وقناصة عطلت المنظومة بشكل كامل ما فتح الطريق لاقتحامات متزامنة من عشرات النقاط خلال وقت قصير جدا وبشكل مفاجئ وبالتالي هجمات متزامنة على عدة مواقع عسكرية ومستوطنات.
وقال الحاج لـ 'فلسطين أون لاين': 'إضافة لذلك حدث فشل استخباري مركب حيث خلصت تقارير كثيرة الى أن ذلك عائد الى الاعتماد المفرط على التكنولوجيا وتحييد العامل البشري إلى حد كبير، ثم تعثر الاستجابة العملياتية، وأن جيش الاحتلال نفسه أقر ببطء الاستجابة والارتباك الأولي، فضلا عن انه كشف عن قصور في جاهزية الأجهزة الأمنية الأخرى الامر الذي قاد إلى انهيار المنظومات جميعها امام هجوم كوماندوز مستعد جيدا ومتعدد الوسائط الهجومية وبالتالي شكل السابع من أكتوبر فشلا تاريخيا للاحتلال على كافة المستويات'.
وحول أبرز التداعيات والارتدادات على المستوى الاستراتيجي، يؤكد أن أولها تآكل الردع الإسرائيلي واتساع رقعة المواجهة إلى جبهات متعددة، حيث فتحت العملية الباب لاشتعال جبهة الشمال مع حزب الله ونزوح عشرات آلاف المستوطنين من مستوطنات شمال فلسطين ولفترات طويلة ما كشف عن هشاشة الجبهة الداخلية على جبهتين وفي آن واحد، وكذلك اتسع الجدل داخل دولة الاحتلال حول العقيدة الأمنية بعد عجز الردع ضد تنظيمات (أي ليست دولة) وبالتالي حقيقة ان الاسوار والاسلاك والتكنولوجيا والكاميرات لا تغني عن العامل والبشري او الجنود.
ومن بين التداعيات، وفق الحاج، الكلفة الاقتصادية والمالية الثقيلة وطويلة الأمد، حيث قدر الإنفاق الحربي إلى الآن بحوالي ربع تريليون شيكل وارتفع عجز الموازنة الى قرابة 7% ، وهناك التداعيات السياسية والقانونية الدولية المتمثلة بمذكرات التوقيف من مدعي المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يؤاف جالانت، الامر الذي عمق العزلة والضغط الدولي وأدخل عاملا قانونيا ثقيلا على معادلة الحرب والردع.
أزمات داخلية
ولا ينفك عن تلك الارتدادات كما أشار الحاج إلى الأزمات الداخلية من خلال المطالبة بلجان تحقيق وهو الامر الذي تتهرب منه حكومة الاحتلال لخشيتها من النتاج التي ستكون كارثية على مستقبل الحكومة السياسي.
وبالتالي كانت الكثير من الاستقالات المرتبطة مباشرة بهذا الإخفاق أهمها استقالة رئيس الأركان هاليفي ونائبه برعام وقائد القيادة الجنوبية فينكلمان ورئيس الشاباك رونين بار ورئيس شعبة الاستخبارات ' امان ' وقائد فرقة غزة، ورئيس شعبة العمليات ومفوض الشرطة والقائمة تطول وستطول اكثر في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب او عند اجراء التحقيقات اللازمة، وفق الحاج.
ورأى أن هذه الاستقالات غير المسبوقة تعبر عن انهيار الثقة الداخلية في القيادة العسكرية والأمنية للاحتلال، وإقرار ضمني بحجم الفشل في منع اكبر هجوم على دولة الاحتلال منذ 1948.