اخبار فلسطين
موقع كل يوم -سما الإخبارية
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
أقرّ مسؤول رفيع في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، اليوم الإثنين، باستخدام نيران مدفعية 'غير محسوبة' ضد مدنيين في قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات من منتظري تلقي المساعدات قرب مراكز التوزيع التي تعمل وفقا للآلية الأميركية الإسرائيلي.
ويأتي هذا الاعتراف الجزئي في أعقاب ما أوردته صحيفة 'هآرتس' في شهادات لجنود وضباط أكدوا أنهم تلقّوا أوامر بإطلاق النار على حشود غير مسلحة بهدف إبعادها، حتى دون وجود تهديد فعلي على قوات الجيش الإسرائيلي المتمركزة في محيط مراكز توزيع الطرود الغذائية.
وقال المسؤول العسكري، اليوم الإثنين، إن الجيش 'يعمل حاليًا بوسائل مختلفة'، مشيرًا إلى أن إطلاق النار جرى 'لأجل الحفاظ على النظام في نقاط توزيع الغذاء'، وأضاف أن بعض تلك العمليات أدّت إلى مقتل مدنيين بسبب نيران مدفعية وُصفت بأنها 'غير محسوبة'.
وأضاف أن إحدى الحوادث، التي ضنفها على أنها 'الأخطر'، أسفرت عن إصابة ما بين 30 و40 شخصًا، بعضهم استشهدوا، علما بأن المصادر المحلية في قطاع غزة ومنظمات حقوقية وإغاثية دولية وأممية، تؤكد تحول مراكز المساعدات إلى 'مصائد موت' لاستهداف المدنيين.
وكانت 'هآرتس' قد نشرت شهادات مباشرة من جنود وضباط خدموا مؤخرًا في القطاع، وقالوا إنهم تلقّوا خلال الشهر الماضي أوامر بإطلاق النار على حشود مدنية غير مسلحة، بغرض إبعادهم عن شاحنات الغذاء، على الرغم من عدم وجود تهديد مباشر.
الناطق باسم الجيش الإسرائيلي لم ينفِ بشكل صريح، في رده الأولي للصحيفة، وجود مثل هذه التعليمات. لكن في بيان لاحق، زعم أن 'الجيش لا يصدر تعليمات بإطلاق النار عمدًا على مدنيين بشكل عام، ولا على من يتواجدون في محيط نقاط توزيع المساعدات بشكل خاص'.
وأضاف أن 'أحداثًا أُبلغ فيها عن إصابات في صفوف المدنيين خضعت لتحقيقات معمّقة، ونُقلت إلى هيئة التحقيق التابعة لهيئة الأركان'، وأشار إلى 'إصدار تعليمات ميدانية جديدة على ضوء ما تم استخلاصه من هذه الوقائع'.
وفي تناقض مع تصريحات رئيس أركان الجيش، إيال زامير، الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن عملية 'عربات جدعوت' العسكرية في غزة 'شارفت على تحقيق أهدافها'، أكّد المسؤول العسكري اليوم أن مواصلة العملية ما زالت ضرورية.
وأشار إلى أن 'التحركات الحالية في القطاع قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية'، لكنه نبّه إلى ضرورة 'تجنّب الغرق في سيناريو مشابه للبنان أو فيتنام'، في إشارة إلى خطر الانزلاق في مستنقع عسكري طويل الأمد.
وفي ما يتعلق بالوضع الإنساني، قدّم المسؤول رواية تُناقض مجمل التقارير الأممية والميدانية، بالقول إن 'لا وجود لمجاعة حاليًا في القطاع'، وزعم أن 'سكان غزة راضون عن طريقة توزيع المساعدات'، مضيفًا أن الجيش 'يعمل على معالجة الإشكالات في هذا الملف'.
في المقابل، أفاد جنود تحدّثوا إلى الصحيفة بأنهم تلقّوا أوامر بإطلاق النار على من يُشتبه في نهبهم لشاحنات المساعدات، رغم أنهم يُرصدون عادةً من مسافات بعيدة، 'ولا يشكلون خطرًا فعليًا'، بحسب تعبير أحد الجنود.
وأشار الجيش إلى أن مهمته تنحصر في 'ضمان دخول المساعدات إلى داخل القطاع'، وليس إيصالها إلى مراكز التوزيع في العمق. وتُدار نقاط التوزيع بشكل أساسي من قبل شركة أميركية (SRS)، لكن الجيش قال أن هناك أيضًا مساعدات تُوزع خارج هذا الإطار، بناءً على تعليمات صادرة عن المستوى السياسي.
وفي سياق 'استخلاص الدروس'، قررت قيادة الجيش إغلاق مركز توزيع المساعدات في حي تل السلطان جنوبي القطاع بشكل مؤقت، وإنشاء نقطة جديدة قربه، بهدف 'تقليص الاحتكاك مع السكان المدنيين وضمان أمن موظفي التوزيع'، بحسب وصف الجيش.
وستواصل 3 نقاط توزيع أخرى عملها بناء على الآلية الأميركية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي: اثنتان في الجنوب، وواحدة في وسط القطاع، جنوب حاجز 'نيتساريم'. وأشار الجيش إلى أن المستوى السياسي هو من قرر وقف إدخال المساعدات عبر شمال القطاع.
وتزعم تقديرات الجيش الإسرائيلي أنه جرى إدخال ما يقرب من 50 مليون وجبة غذائية إلى غزة حتى الآن، ويزعم الجيش أن أسعار الطحين وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023. في الوقت نفسه، أقرّ الجيش بأن 'الفوضى وانعدام النظام' في القطاع يُصعّبان السيطرة على حركة السكان، وأن القوات 'غير قادرة على تنظيم الحشود كما هو مرغوب'.
وانتقدت قيادة المنطقة الجنوبية المنظمات الدولية العاملة في غزة، متهمة إياها بـ'عدم التعاون مع مؤسسة المساعدات الإنسانية' (GHF)، بل و'الرغبة في إفشال مشروع توزيع المساعدات'، وفق تعبيرها. وأضافت القيادة أنها تُشارك المؤسسة بالمعلومات الاستخبارية لضمان سلامة العاملين، وأكدت أنها ستواصل التعاون معها حتى في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى منع صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي بوقف عمل 'مؤسسة غزة الإنسانية' (GHF)، التي توصف مراكزها لتوزيع مساعدات إنسانية في قطاع غزة بأنها 'مصائد موت' ضد السكان الغزيين الذين يتعرضون لمجاعة تمارسها إسرائيل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أول من أمس الجمعة، إن عملية المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة في غزة 'غير آمنة بطبيعتها'، وأعطى تقييما صريحا: 'إنها تقتل الناس'.
ورفضت الأمم المتحدة سعي إسرائيل والولايات المتحدة بأن تعمل وكالاتها من خلال 'مؤسسة غزة الإنسانية'، وشككت في حيادها واتهمت نموذج التوزيع بعسكرة المساعدات وإجبار السكان على النزوح.