اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
لكل مجتمعٍ طقوس في كل مناسبة سواء كانت المناسبة سعيدة أو حزينة، ويحرص الأفراد على تطبيقها، إما حبا وكرماً، أو خوفاً وطمعاً.
ومما اعتادت عليه الأسر الفلسطينية في الأفراح، إحضار وجبة طعام عشاء دسمة للعروسين ليتناولاها بعد يوم شاق من التعب، وتختلف الوجبة من عائلةٍ لأخرى حسب ظروفها المادية، فبعض العائلات تُحضر زغاليل محشوة، وبعضها دجاجاً مشوياً، وبعضها لحم عجل، مع شوربة وخبز صاج، مصحوباً بمشروباتٍ ومكسراتٍ وفواكه، وبعض العائلات تجري تعديلات من حيث الإضافة والحذف.
ولذلك الطقس رونقٌ خاص حيث يبقى شاهداً على أول ليلة فرح باعتباره أول عشاء بينهما في الحياة الزوجية، وفيه من المواقف الطريفة والظريفة التي تبقى مسجلة في ذاكرة الجميع، وتظهر أم العروس مهارتها في إعداد الوجبة حتى يبقى العريس شاهداً على حسن اختياره، ولا يندم.
لكن في فترة عدوان الاحتلال في أكتوبر2023 على غزة، اختلفت كثير من الطقوس، فلم تعد تلك الأصناف موجودة على موائد أحد من الناس عدا أن تكون موجودة على موائد العروسين ليلة الفرح، بحكم العدوان واغلاق المعابر والنزوح المتكرر، وهذا الحصار أوجد تربة خصبة للمجاعة التي أرخت بظلالها على كل مناحي الحياة، فلم نعد نجد الطحين، المعكرونة، السكر، اللحم، الدجاج، السمك.
أمام ذلك الواقع المرير وانعدام مقومات الحياة، لجأت أم العروس إلى تجهيز وجبة ليلة الفرح من أصناف تختلف جداً عن السابق، فالدجاج واللحم والزغاليل، صارت من الأماني الصعبة، وإن وجدت فهي مرهقة مالياً، فصارت وجبة عشاء ليلة الفرح تتكون من علبة تونة، ولحمة معلبات، وعلبة جنبة، وخبز مصنوع من المعكرونة أو العدس أو الأرز، وليس من الطحين، وصحن أرز، وجبة عشاء بلا مكسرات، بلا مشروبات، ولا لحمِ طيرٍ مما يشتهون، ولا فاكهةٍ مما يتخيرون.
أما فيما يتعلق بما تسمى 'صباحية العروس'، فالعرف السائد هو أن تحضر أسرة العروس الحلويات وتأخذها إلى بيت العروس برفقة الأهل والأحباب والأصدقاء ليقدموه لها ويتم توزيعه على الحضور، وكان النوع المفضل هو' البقلاوة'، لكن في العدوان اختفت هذه العادة نظراً لعدم وجود مكوناتها الأصلية، وإن وجُدت فهي مرتفعة الثمن نظراً لارتفاع مكوناتها، التي هي في الغالب ليست المكونات الاصلية، بل هي بديلة عنها، ولا تقوم مقامها إلا قليل جداً جداً، وحينها يذهب الاهل لعروستهم بلا حلويات ولسان حالهم يقول' الحلو ما بدو حلو'.
ما سبق هو جزء من أوجه المعاناة التي عشناها في العدوان على غزة منذ أكتوبر2023، ولا يعلم أحد متى ينتهي النهاية التي تليق بتضحياتنا، لكننا نحمل في نفوسنا ثقة بأن القادم أجمل إن شاء الله.

























































