اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢ أيلول ٢٠٢٥
نحن أهل غزة لسنا بحاجة إلى التقارير الإسرائيلية التي تؤكد على فشل عملية مركبات جدعون 1، التي روّح لها العدو الإسرائيلي، وحاول ان يقدمها كقوة جبارة قادرة على حسم المعركة في غزة، وتحرير الجنود الإسرائيليين الأسرى، وقطع رأس حركة حماس، وجمع المقاومين في أقفاص، وعرضهم أمام شاشات الفضائيات تائبين عن مقاومتهم، تائهين عن تاريخهم ومستقبلهم، فجاءت النتائج بعد عدة أشهر على عكس ما تمنى نتانياهو، وعلى خلاف خطة وزير الحرب ورئيس الأركان.
نحن العرب الفلسطينيين في قطاع غزة تلمسنا فشل العملية من ساعاتها الأولى، ونحن نسمع دوي الصواريخ والقذائف، وهي تستهدف خيام النازحين، وتستهدف المستشفيات ومدارس الإيواء، فالمنتصر في المعركة لا يقتل المدنيين، ولا يجوع الناس، ولا يفرض عليهم الحصار، ويحول بينهم وبين كوب الماء ورغيف الخبز، لقد أدرك أهل غزة من البداية أنهم المستهدفون من مركبات جدعون التي اقتصرت مهمتها على الدفاع عن نفسها كما قال قادة الجيش الإسرائيلي، ثم تدمير المنازل الفلسطينية بالمفخخات عن بعد، والتعمد في تشديد الحصار على أهل غزة، حتى صار التجويع هو المعادل الموضوعي للركوع، ولن ننسى نحن أهل غزة تلك الصباحات الشقية التي كان الناس فيها يفتشون عن كسرة خبز، أو بعض العدس، أو كمشة أرز، أو كوب من الشاي بلا سكر، فلا يجدون إلا بقايا فتات من طعام وشراب.
لقد انهزم الجيش الإسرائيلي في كل معاركه على قطاع غزة، بما في ذلك عملية مركبات جدعون 1، وتم الإعلان عن الفشل المبكر لعملية مركبات جدعون2 قبل أن تبدأ، وهذا ما أكده رئيس أركان الجيش الإسرائيلي مدعوماً بكافة قيادات الأجهزة الأمنية، فقد نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن رئيس الأركان قوله: عملية مركبات جدعون قد تستغرق سنة كاملة، ولا تتوفر أماكن آمنة للنازحين، وهي غير مضمونة النتائج.
الإعلان الرسمي عن فشل عملية مركبات جدعون 1، فتح أبواب النقد والاعتراض عل عملية مركبات جدعون 2، وكان أول المعترضين نتانياهو، الذي طالب بأن يكون اسم العملية 'القبضة الحديدية، في إشارة واضحة لفشل عملية مركبات جدعون 1، والفشل المبكر لعملية مركبات جدعون 2، الذي أمسى حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد 696 يوماً من العدوان على غزة، فقد ذكرت صحيفة هآرتس العبري أن جميع ممثلي المنظومة الأمنية عرضوا موقفا واضحا مؤيدا لصفقة جزئية لتبادل الأسرى، محذرين من تداعيات السيطرة العسكرية على مدينة غزة، معتبرين أنها ستكلف 'إسرائيل' ثمنا باهظا على الأرجح ولن تهزم حركة حماس، وقد أثار بعد وزراء الليكود في اجتماع الوزاري تساؤلات حول نجاح العملية.
ومنهم المتطرف وزير الخارجية ساعر، ووزيرة العلوم غمليئيل، ووزير التعاون الإقليمي أمسالم وحتى وزير القضاء ليفين طرحوا أسئلة صعبة.
وقد حذر بعض وزراء الليكود من أن قطاع غزة قد يتحول إلى 'فيتنام إسرائيل' إضافة إلى تحذير وزير الخارجية من تدهور مكانة إسرائيل الدولية في ظل استمرار الحرب، وسأل لماذا تغيرت المواقف الإسرائيلية من صفقة تبادل الأسرى؟
ووفق تقدير جميع قادة وهيئات المنظومة الأمنية، فإن عملية عسكرية واسعة في غزة لن تؤدي إلى هزيمة سريعة لحماس كما يزعم نتنياهو، ولن ترغم الحركة على قبول شروط صفقة كاملة، بالمقابل، ستفاقم العملية وضع إسرائيل الدولي، مع خطر متزايد لتصعيد أمني آخر في الضفة الغربية.
التركيز الإعلامي الإسرائيلي على فشل عملية مركبات جدعون الثانية يفتح الباب لعودة الحكومة الإسرائيلية إلى المفاوضات مع المقاومة، والتوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار، مع صفقة تبادل أسرى، فذلك أهون على الحكومة ألف مرة من الإعلان الرسمي عن فشل عملية مركبات جدعون، والاصطدام بحائط الحقيقة العنيد.