اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ كانون الثاني ٢٠٢٥
وسط أجواء مفعمة بالأمل والترقب، تعد عائلة الأسير القسامي عبد الناصر عيسى الدقائق والساعات، في انتظار لحظة 'وفاء المقاومة بوعدها' بالإفراج عن نجلها الذي يقضى حكمًا بالسجن المؤبد (مدى الحياة) في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أمضى منها نحو ثلاثة عقود.
ورغم السنوات الطوال في الأسر، 'بقيت ثقة عبد الناصر (56 عامًا)، بالمقاومة الفلسطينية صلبة لا تهتز'، كما تقول شقيقته أم حمزة: 'كان دائماً يقول 'المقاومة لا تخذل أبناءها وستعمل على تحريرنا مهما طال الزمن'. مؤكدة أن عبد الناصر كان على وعده دائماً ولم تهتز ثقته بالمقاومة.
وتثني أم حمزة في حديثه لـ 'فلسطين أون لاين'، على دور المقاومة وتضحياتها، مؤكدة أن هذا الإنجاز هو ثمرة صبر وجهود كبيرة. تقول أم حمزة: 'دماء أهل غزة هي التي مهدت لهذا اللقاء. لا نجد كلمات كافية لنشكرهم على تضحياتهم الكبيرة، ونسأل الله أن يعوضهم خيراً'.
وتستذكر بحسرة كيف كان اسم عبد الناصر مدرجًا في صفقة 'وفاء الأحرار' عام 2011، لكن الاحتلال رفض الإفراج عنه في اللحظة الأخيرة: 'كان والدي ووالدتي يأملان أن يرى عبد الناصر محرراً، لكن قدر الله أن يتوفى قبل أن يتحقق هذا الحلم'.
مسيرة مقاومة
واعتقل عبد الناصر للمرة الأولى عام 1985، والثانية عام 1986، وفي تلك الفترة، التقى بالمفكر القيادي جمال منصور. كما أصيب برصاص الاحتلال عام 1988 اعتقل على أثرها للمرة الثالثة بتهمة إعداد عبوة ناسفة، وصناعة قنابل 'المولوتوف' ورميها على دوريات جنود الاحتلال، وقضى سنوات بالسجن، وهدم بيت أسرته.
وفي عام 1994، وبعد الإفراج عنه، سارع عبد الناصر إلى الانضمام إلى كتائب القسام، وتواصل مع قائد أركانها محمد الضيف لإعادة تفعيل خلاياها في الضفة الغربية. كما لازم الشهيد المهندس يحيى عياش وتعلم من خبراته، ما جعل اسمه على رأس سجلات المطاردة الإسرائيلية، وليكون المطلوب الثاني بعد عياش.
وفي عام 1995، اعتقل مجددا عقب مطاردة استمرت عامًا، بتهمة تنفيذ عمليتي 'رمات غان' و'رمات أشكول' اللتين قتل إثرهما 12 إسرائيليا وأصيب العشرات، حيث واجه تحقيقا قاسيا استمر لمدة طويلة، وحُكم عليه لاحقا بالسّجن مدى الحياة.
سنوات الأسر الطويلة
عبد الناصر الذي اعتقل وهو في السابعة والعشرين من عمره، يعود اليوم ليجد جيلاً جديداً من أفراد عائلته لم يعرفه إلا من خلال الحكايات والصور.
السنوات الـ35 التي قضاها عبد الناصر في الأسر تركت بصماتها على عائلته: 'كان عمره 27 عاماً عندما اعتقل، وهو الآن يعود ليجد جيلاً كامل من أبناء العائلة لا يعرفه'، تقول أم حمزة، مشيرة إلى أن الأسرة بذلت جهداً كبيراً لغرس حب عبد الناصر في قلوب أبنائها رغم غيابه الطويل.
وتصف أم حمزة صعوبة تلك السنوات: 'الثلاثين عاماً الماضية كانت ممتلئة بالمعاناة. غاب عن كل المناسبات، الأفراح والأحزان، وكانت الزيارات صعبة جداً. أحياناً كنا نُمنع من الزيارة عند وصولنا إلى بوابة السجن'.
غياب عبد الناصر أثر بعمق على العائلة، خاصة بعد وفاة والديه. 'أكثر شيء أثر فيه كان وفاة والدي ووالدتي'، تقول أم حمزة. 'والدي توفي عقب منعه من زيارة عبد الناصر في سجن 'هداريم' عام 2006، بعدها أصابه المرض حتى توفاه الله، خلال شهر من تلك الحادثة'.
تعمل عبد الناصر الآن على إجراء الترتيبات لاستقبال عبد الناصر، تقول أم حمزة: 'الكل مشتاق لرؤيته، لضمه، وللحديث معه بعد سنوات طويلة من الغياب'.
وتضيف بكلمات تفيض بالأمل: 'كان أملنا أن يفرج عنه ليعود إلى منزله إلى نابلس ونتمكن من استقباله لكن الاحتلال قرار ابعاده إلى الخارج'.
وعبد الناصر عيسى، هو واحد من نحو 600 أسير فلسطيني محكومين بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، ويحضّر الاحتلال لإبعاد عدد كبير منهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضمن شروط الإفراج عنهم في الصفقة الجديدة.