اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٧ أيلول ٢٠٢٥
نجح مقطع الفيديو الذي بثته كتائب القسام لأسيرا إسرائيليا يتجول داخل مركبة بين ركام المنازل المدمرة في مدينة غزة، بإحداث صدمة وغضبا واسعا داخل مكونات حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تدفع نحو تنفيذ عملية برية عسكرية في المدينة الساحلية والتي يتواجد بداخلها عدد من الأسرى الإسرائيليين ويعيشون ذات الظروف الإنسانية والمعيشية لسكان المدينة.
وأظهر مقطع الفيديو الذي يتحدث فيه الأسير 'غاي غلبوع دلال' داخل المركبة التي تتجول فيه داخل طرقات مدينة غزة وبين الركام وخيام النازحين يوم 28 أغسطس/آب الماضي، قدرات المقاومة أمنيا واستخباراتيا إلى جانب تعميق الجدل الإسرائيلي حول العملية العسكرية البرية في غزة أو الذهاب نحو صفقة تبادل للإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى المقاومة وهو ما يفضله رئيس أركان الجيش وعائلات الأسرى.
وهذا ما أكده الأسير 'غاي' حينما قال في رسائله المصورة: 'أعتقد أننا أسرى لدى حماس (..) لكن الحقيقة أننا أسرى لدى حكومتنا لدى نتنياهو وبن غفير وسموتريتش' إذ حمّل حكومته المسؤولية التي 'لا تهتم لمقتل الجنود والأسرى'، معبرا عن 'رعبه' من هجوم الجيش على المدينة، محذرا من موته وبقية الأسرى المتواجدين داخل غزة.
تحذيرات أمنية
ورأي المحلل السياسي ياسين عز الدين أن مقطع الفيديو للأسير 'غاي' جاء كرسالة تحذيرية للجيش وذلك بعد أيام من تغريدة الناطق العسكري لكتائب القسام 'أبو عبيدة' التي حذر فيها من تداعيات مخططاته العسكرية الرامية إلى احتلال القطاع.
وأكد عز الدين في حديثه لصحيفة 'فلسطين': أن تغريدات 'أبو عبيدة' وحديث الأسير 'غاي' بمثابة رسائل تحذيرية قبل إقدام الجيش على قصف الأبراج والمباني السكنية في المدينة والتي ستتسبب بشكل أو آخر بمقتل الأسرى الإسرائيليين.
وبحسب حديث الأسير الإسرائيلي فإنه يتواجد برفقة أكثر من 8 من أصدقائه في المدينة، قائلا: '8 من مواطني (إسرائيل) سوف نموت هنا'، واستدل بسماعه لأصوات الانفجارات وإطلاق النار المستمر في المدينة التي تشهد عملية عسكرية واسعة في أحياءها الشرقية والجنوبية والشمالية فيما يتكدس سكانها في المناطق الغربية.
وتطرق عز الدين إلى دلالات أخرى تثبت قدرة كتائب القسام على الاحتفاظ بالأسرى الإسرائيليين والميدان عبر تنقل الأسير من مكان إلى آخر والإشارة بيديه إلى مباني غزة ومقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ذات المدينة والتقائه برفقة أسير آخر.
وخلال مقطع الفيديو، التقى 'غاي' بأسير آخر أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأ؛مر - دون الإشارة لاسمه - وتبادلا الحديث وسط تأكيدهما 'أن ما يجري لا يمكن استيعابه'.
وأشار إلى أن هذا الأسير 'غاي' كان سابقا محتجزا في مخيمات وسط القطاع وظهر في إحدى مقاطع الفيديو التي بثتها كتائب القسام إبان عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين السابقين خلال وقف إطلاق النار (يناير- مارس) الماضي، عادا ذلك دليل على نجاح المقاومة في الاحتفاظ به ونقله من الوسط إلى المدينة رغم وجود 'محور نيتساريم' وأجهزة وطائرات التجسس الإسرائيلية والأمريكية.
وقبل ذلك، أكد 'غاي' أنه لا يصدق أنه ما زال على قيد الحياة بعد 22 شهرا من الأسر، مشيرا إلى ظروف قاسية يعيشها الأسرى المحتجزون في ظل سياسة التجويع ضد السكان المدنيين.
واعتبر المحلل السياسي الحديث السابق للأسير دليل على تأثر الأسرى الإسرائيليين بالحياة الإنسانية في غزة من قطع الماء، الدواء، الغاز، الكهرباء، الطعام الذي سمح الاحتلال بدخوله بكميات محدودة خلال الأسابيع الماضية بعد تقارير أممية تثبت حدوث مجاعة إنسانية في القطاع.
ووجّه الأسير الإسرائيلي شكرا لم يخلُ من سخرية إلى رئيس وزرائه، قائلا: 'لقد سمحت لنا أخيرا بتناول الخبز وبعض الجبن والأندومي لكي تمنحنا بعض الطاقة لنظل على قيد الحياة، في وقت يتمتع فيه نجلك (يائير) في ميامي الأميركية باللحوم المشوية'.
وفي رسائل أخرى موجهة للمجتمع الإسرائيلي بحسب عز الدين فإن الأسرى الإسرائيليين في خطير كبير وأن نتنياهو 'يقامر' بحياتهم ويحكم عليهم بالإعدام بسبب قراره الهجوم على مدينة غزة.
واستبعد أن يحدث مقطع الفيديو تأثيرا على عملية التفاوض ولا سيما أن نتنياهو وحكومته الفاشية حسمت قرارها 'التضحية بالأسرى' مقابل الحفاظ على بقاء الائتلاف الحكومي الحاكم، لكن هذه المفارقة ستؤدي في النهاية إلى زيادة الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي وتأجيج الصراع الداخلي. وفق تقديره.
ضغط إسرائيلي
وتتقاطع تقديرات المتحدث السابق مع الباحث السياسي د. على أبو رزق الذي قال إنه: 'لا يمكن الجزم أن الفيديو سيتسبب بإمكانية وقف العملية العسكرية البرية على مدينة غزة المدينة'، واستدل بعشرات الفيديوهات التي نشرتها القسام سابقا.
لكن أبو رزق في حديثه عبر 'فيسبوك' خلص إلى أن مقطع الأسير 'غاي' حمل مجموعة من الرسائل التي تدحض رواية نتنياهو عن العملية العسكرية، ورسائل أخرى تشجع عائلات الأسرى على المضي قدما وممارسة ضغط أكبر، وذلك بعد يومين من وصول المحتجين لبيت نتنياهو نفسه.
ورأي أن المقطع المصور يبعث برسالة للشارع الإسرائيلي من أجل الضغط والتحرك بشكل أكبر ولا سيما بعد إشارة الأسير 'غاي' أن هناك 8 أسرى أحياء معه في غزة المدينة وليس واحدا أو اثنين كما روّج إعلام الاحتلال.
وأوضح أن المقطع جاء تكذيبا للرواية الرسمية الإسرائيلية التي كررها نتنياهو أن العدد الأكبر للأسرى هم في مخيمات وسط القطاع التي لم يجتاحها جيشه وليس في مدينة غزة للاستمرار في عمليته لاحتلال المدينة وتدميرها.
وحول حديثه الأسير 'غاي' عن تناوله الخبز والجبن والأندومي، عد ذلك دليل على استمرار المجاعة وحملة التجويع الممنهجة التي فرضها الاحتلال وقد يدفع ثمنها الأسرى الإسرائيليين.
وربط بين توقيت مقطع الفيديو الذي جاء بعد يوميين من إشارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ضرورة تسليم الأسرى الإسرائيليين والذي يقدر عددهم بـ 20 أسيرا لوقف الحرب، ورد حركة حماس 'الإيجابي' الذي عبّر عن جاهزيتهم لذلك.
وفي رسالة أخرى، أكد أبو رزق أن مقطع الفيديو لا يخلو من توجيه رسائل سياسية إسرائيلية داخلية، ولليمين الإسرائيلي المتطرف خصوصا وتحميله المسئولية الأولى والأخيرة عن إفشال صفقات التبادل والاستمرار في الحرب لأسباب حزبية ضيقة.
صدمة وانقسام
وإسرائيليا، أوقع مقطع الفيديو ردود فعل غاضبة داخل الساحة السياسية الإسرائيلية، واعتبرت زعيم ائتلاف الديمقراطيين يائير غولان 'إشارة الحياة من المختطف غاي دلال، تمزق القلوب وتؤكد الحاجة الملحة لإعادة جميع الأسرى'، مؤكدًا التزامه وفريقه بوقف 'الحرب السياسية وإعادة دلال و47 من رفاقه إلى منازلهم'.
واعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، نشر إشارات الحياة للأسير يذكّر بضرورة العودة إلى المفاوضات لإبرام صفقة وإعادة الأسرى إلى ديارهم، مشددا على وجوب بذل كل الجهود لتحقيق ذلك.
وأبدت عائلات الأسرى الإسرائيليين صدمة واسعة من قرار رئيس الأركان بالتعاون مع 'حرب غير ضرورية'، معتبرين أن هناك صفقة مطروحة يمكن أن تنهي الأزمة دون تعريض ذويهم للخطر.
وطالبوا بلقاء عاجل مع رئيس الحكومة ووزير الجيش ورئيس الأركان لشرح كيفية حماية أبناءهم، مؤكدين أن أي عملية مستقبلية لن تنجح إلا في إطار اتفاق شامل يعيد الأسرى جميعهم.
وحذّر اللواء احتياط في الجيش إسحاق بريك، من أن 'خطة احتلال مدينة غزة بعيدة المنال'، معتبرًا أن تنفيذها 'سيؤدي إلى فوضى عارمة داخل (إسرائيل)'.

























































