اخبار فلسطين
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
باتت ملجأ المقاومين الجدد بعد سيطرة الجيش على مخيمات الضفة ومراقبون: عصية على أجهزة المراقبة
شكلت الجبال والكهوف ملجئاً آمناً نسبياً للمقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها قبل عشرات السنين، وانطلق منها المقاتلون لتنفيذ هجماتهم منذ الانتداب البريطاني في ثلاثينيات القرن الـ20، ثم الانطلاقة الثانية للثورة الفلسطينية في ستينيات ذلك القرن، مروراً بالانتفاضتين الأولى والثانية وحتى هذه الأيام.
عاد المقاومون الفلسطينيون خلال الأشهر الماضية للاحتماء بالكهوف التي تعج بها جبال الضفة الغربية، بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على مخيمات شمال الضفة وطرد سكانها منها، وبينهم الكتائب المسلحة.
على مدار السنوات الماضية كانت المخيمات تشكل بيئة حاضنة للمقاومة المسلحة الفلسطينية، على رغم وجود مكان ثابت ومعلوم لها، مما يسهل على إسرائيل استهدافها.
ودفع هجوم الجيش الإسرائيلي بداية العام الحالي على ثلاثة مخيمات للاجئين في شمال الضفة الغربية بعض المقاومين، بخاصة المطلوبين منهم، إلى اللجوء إلى الجبال والكهوف والقرى.
وبعد طردها سكان مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس منذ مطلع العام الحالي، تمنع إسرائيل حتى الآن هؤلاء اللاجئين من العودة لمنازلهم.
ومع أن الضفة الغربية تشهد تراجعاً حاداً في الهجمات ضد إسرائيل، لكن الجيش الإسرائيلي يعمل بقوة عبر الاقتحامات والاعتقالات اليومية في المدن والقرى والبلدات.
وفجر يوم الثلاثاء الماضي، هاجمت قوات خاصة إسرائيلية مدعومة بالمروحيات كهفاً يتحصن بداخله ثلاثة مقاومين فلسطينيين في وادي حسن غرب جنين، وقتلت الشبان الثلاثة الذين كانت تطاردهم بعد اندلاع اشتباكات مسلحة.
واتهمت إسرائيل الشبان الثلاثة، وهم من مخيم جنين، بالتخطيط لتنفيذ هجمات مسلحة ضدها.
في مكان ليس ببعيد من وادي حسن، قتل عام 1935 الشيخ السوري عز الدين القسام ومجموعة من رفاقه كانوا يتحصنون في جبال بلدة يعبد غرب جنين، خلال اشتباكات مع قوات بريطانية.
ومثلت واقعة قتل القسام ورفاقة شرارة بدء الثورة الفلسطينية التي استمرت ثلاث سنوات من 1936 وحتى 1939، إذ كانت الجبال والكهوف منطلقاً للهجمات المسلحة ومأوى للمقاومين.
وبعد 30 سنة ومع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، اتخذ المقاومون من الجبال وكهوفها محطة انطلاق، لشن هجماتهم ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد 1967.
واشتهرت كهوف جبل الجدوع قرب قرية بيت فوريك شرق نابلس خلال تلك الفترة باحتماء المقاومين الفلسطينيين بها، واتخاذها محطة لانطلاقهم منها لشن هجماتهم المسلحة.
بعد أسابيع على هزيمة 1967، تسلل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إلى الضفة الغربية، وأقام في كهف في قرية بيت فوريك، حيث أشرف منها على تأسيس أولى خلايا حركة 'فتح' المسلحة في الضفة الغربية.
واختار عرفات تلك المنطقة بسب موقعها الاستراتيجي، وإطلالتها على السهول الشرقية لمدينة نابلس، وقربها من الحدود الفلسطينية - الأردنية.
وبعد سنوات على ذلك تحصن المقاوم باجس أبو عطوان في أحد الكهوف في مدينة دروا غرب الخليل، قبل أن تقتله القوات الإسرائيلية عام 1974 مع مجموعة من رفاقه المسلحين.
ونفذت خلية أبو عطوان المسلحة 'مجموعة الجبل' 78 عملية فدائية، ضد أهداف إسرائيلية بين عامي 1968 و1976.
وبعد رفض تسليم نفسه لجأ أبو عطوان إلى أحد جبال مدينة دورا، وأقام فيها سنوات طويلة، قبل أن تتمكن إسرائيل من اغتياله عبر إرسالها مع أحد عملائها صندوق ذخيرة مفخخ.
يعتبر الباحث السياسي سليمان بشارات أن لجوء المقاومين الفلسطينيين إلى الكهوف جزء من الحال النضالية منذ عقود طويلة، ويعود ذلك لـ'رغبة المقاومين بعدم تشكيل خطر على حاضنتهم الشعبية، ومحاولتهم التخفي عن الأنظار، واكتساب الصلابة والقوة من الإقامة في الجبال والكهوف'.
وبحسب بشارات فإن المقاومين بدأوا هذه الأيام بالعودة لـ'الأدوات التقليدية ذاتها، بعد فقدانهم أماكنهم في مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية'.
ووفق بشارات فإن 'الكهوف كانت الملاذ الآمن للمقاومين خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، واليوم عاد لها الشبان بعد إخراجهم من المخيمات'.
ومع أن الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد يرى أن لجوء المقاومين الفلسطينيين إلى الكهوف أمر قديم في فلسطين، لكنه أشار إلى أنها 'لم تصل في الوقت الحالي إلى حدود الظاهرة'.
وبحسب أبو عواد فإنه على رغم أن الكهوف كانت آمنة في العقود الماضية، فإنها لم تعد كذلك اليوم بسبب التكنولوجيا المتطورة والرقابة الجوية على مدار الساعة، مضيفاً أن الحال الفلسطينية 'تتكيف وتتغلب على إجراءات الاحتلال، على رغم أن إسرائيل استطاعت القضاء على الموجات المسلحة، فإن الفلسطينيين مع مرور الوقت يتغلبون على تلك الإجراءات عبر إيجاد وسائل جديدة'.
من جانبه اعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد أن الفلسطينيين يواجهون هذه الأيام الوسائل التكنولوجية الحديثة وأجهزة الاتصالات بوسائل وأدوات قديمة، مثل الكهوف في محاولة للابتعاد من أدوات المراقبة الحديثة.

























































