اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣١ كانون الثاني ٢٠٢٥
بعد 14 شهراً من النزوح القسري، عاد محمود موسى إلى منزله المدمر في غزة، الذي تحول إلى كومة من الأنقاض بفعل القصف 'الإسرائيلي'.
كان كل شيء حول الثلاثيني موسى، عبارة عن ذكريات محطمة، وأطلال لا تشي إلا بما عايشه من معاناة، حيث فجر في نفسه الشعور بالضياع والفقد، بعد أن قصفت طائرات الاحتلال منزله في 27 ديسمبر 2023م.
لكن موسى، لم يكن بمفرده في هذه اللحظات القاسية فقد ارتقى في ذات المنزل 23 شهيداً من أفراد عائلته، الذين كانوا قد لجأوا إليه بعد أن هربوا من منزلهم الأول في منطقة التوام، التي توغلت فيها قوات الاحتلال، وارتكبت المجازر بحق المدنيين العزل.
إعادة إعمار
بينما كان موسى، يتجول بين الأنقاض، انتشل بعضًا من مقتنياته التي نجا بعضها من التدمير، بدءاً من ألعاب أطفاله وملابسهم، وصولاً إلى بعض الأشياء الشخصية التي ما زال يتعلق بها، لكن أكثر ما لفت انتباهه كان غطاء ذو اللون الأبيض والأزرق، الذي كان قد جلبه له والده من الأردن قبل عدة أعوام، قبل أن يلقيه القدر بين يديه الآن، بعد أن فقد والده خلال الحرب.
وقال موسى لـ 'فلسطين أون لاين' وهو يحمل الغطاء، بحزن شديد: 'هذا الحِرام جلبه لي أبي قبل أن يرحل، ولم استخدمه حتى الآن، أخيراً جاء الوقت لاستخدامه في تدفئة أطفالي'.
سرعان ما بدا الحزن يخيّم على وجهه، لكنه في ذات الوقت كان يجد في تلك القطعة الصغيرة من الماضي، شيئاً من العزاء والتواصل مع من رحل.
وكانت مشاعر موسى تتفاوت بين الحزن والأمل، فكان يتنقل بين الخراب الذي أوقعته الحرب، لكن قلبه كان يملؤه الإصرار على إعادة بناء ما دمر.
وأشار إلى أنه اجتاز العديد من محطات النزوح والهرب من الموت تحت القصف الإسرائيلي، الذي طال جميع مناطق القطاع، ولكنه كان دائمًا ما يحاول أن يحمي أسرته من خلال الانتقال إلى أماكن أقل خطورة، بالرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي كان يتوغل في كل مكان، حتى في تلك المناطق التي كان يعتقد البعض أنها آمنة، والتي دعا المواطنين إلى التوجه لها.
كان موسى خلال أيام الحرب يتنقل بصعوبة بين المناطق التي فرض عليها الاحتلال الحصار، كمدينة خانيونس، ورفح جنوبي القطاع بعد أن نزح إليهما.
ويروي أنه 'لم يذق النوم لعدة ليالٍ' في جنوبي القطاع، حيث كانت قوات الاحتلال تستهدف خيام النازحين بكل وحشية، وبالرغم من محاولاته للابتعاد عن مناطق القصف.
نزوح مستمر
ويكمل موسى: أنه لم ينعم بالراحة طوال أيام الحرب ورحلة النزوح حتى وصل إلى مدينة رفح، فوجد نفسه مضطراً للهرب مرة أخرى عندما توغلت قوات الاحتلال في المدينة، فمكث فترة في خانيونس التي عاد إليها مجددًا، حيث لم تكن الخيمة التي أنشأها تتسع لعائلته فمكث أيامًا بها وسط معاناة لم يكن يتخيلها في يوم من الأيام، نقص في الأموال، والملابس والأغطية.
فبعد أن انتهت الحرب، والقول لموسى، هرع وأسرته إلى مدينة غزة لتفقد منزله، لكنه لم يكن يتوقع أن يجد كل شيء قد دُمر بشكل كامل، وهو ما جعل قلبه ينفطر عندما علم بمصيره.
وقال بصوتٍ ممزوج بالحزن: 'كنت أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني، عندما رأيت المنزل كومة من الحجارة، فالمكان الذي جمعنا معاً أصبح كومة من الركام'.
ورغم الدمار الذي لحق بمنزله، لا يزال محمود يتمسك بالأمل في إعادة بنائه من جديد، قال: 'سأبقى بالقرب من منزلي، وسأعيد بناءه بمساعدة أسرتي، لا يهم كم كان الأمر صعباً، سأصمد وأبني من جديد'.
وعن عائلته، قال بحزن، كنا نسكن في منزل مكون من خمسة طوابق، فقد باتت اليوم مشتتة في مختلف مناطق القطاع، بعد أن كانت تلك الطوابق تجمعهم في مكان واحد، ولكن مثلنا مثل العديد من العائلات في القطاع، التي دمر الاحتلال منازلهم.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، توصلت المقاومة الفلسطينية وسلطات الاحتلال 'الإسرائيلي' بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يستمر في مرحلته الأولى 42 يومًا، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة.