اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في ظل المنخفض الجوي، استيقظت مدينة غزة على مشاهد مضاعِفة لوجع الحرب؛ إذ لم تعد الأمطار مناسبة للفرح أو بداية موسم جديد، بل تحوّلت إلى كابوس يؤرّق آلاف الأسر النازحة التي تعيش بين خيام مهترئة أو بقايا منازل مدمّرة لا تقي بردًا ولا تمنع ماءً.
فعلى مدار عامين من حرب الإبادة، دمّر الاحتلال الإسرائيلي عشرات الآلاف من المساكن، تاركًا مئات الآلاف بلا مأوى حقيقي، يواجهون قسوة الشتاء بوسائل بدائية لا تليق بكرامة البشر.
ومع الساعات الأولى للمنخفض، كشفت الأمطار حجم الكارثة؛ إذ غرقت الخيام في مناطق متعددة من المدينة، وتحولت الأرض سريعًا إلى برك طينية، بينما بدأت المياه تتسرّب إلى داخل الملاذات المؤقتة، في مشاهد تؤكد أن الحرب لم تنتهِ، وأن آثارها لا تزال تلاحق النازحين في كل تفاصيل حياتهم.
وفي الأحياء المدمرة التي عاد إليها سكانها رغم الخراب، انهارت جدران جديدة، وتدفقت المياه عبر الأسقف المتشققة، محوّلة البيوت إلى أماكن غير صالحة للعيش.
'استيقظنا غارقين'
عند مدخل إحدى الخيام القريبة من شارع الوحدة، بالقرب من ملعب اليرموك، كانت أم وائل حسونة تحاول تجفيف غطاء مبلّل علّها توفر مكانًا جافًا لأطفالها.
تقول حسونة لـ 'فلسطين أون لاين': 'استيقظنا منذ ساعات الصباح على صراخ الأولاد… المياه كانت تدخل من كل جهة. الخيمة لم تصمد نصف ساعة أمام المطر. حملت أطفالي ووقفت بهم خارجًا تحت الرياح… لم أعرف ماذا أفعل.'
وتتابع: 'الحرب أخذت بيتنا في حي الشجاعية، والشتاء يأخذ ما تبقى من صبرنا. تمنّيت أن يفرح أولادي بالمطر… لكنهم اليوم يبكون خوفًا وبردًا. لا نعلم أين نذهب، ولا كيف أحمي أطفالي من المطر، وليس لدي سوى خيمة حصلت عليها منذ نزوحنا الأول إلى جنوب قطاع غزة.'
وفي حي تل الهوا، وقف سامي الوحيدي على بقايا منزله الذي تهشّم سقفه بفعل القصف. حاول قبل أيام إصلاح الجزء العلوي بقطع نايلون وصفائح معدنية جمعها من بين الركام، لكن المنخفض كان أقوى من كل محاولاته.
يقول الوحيدي: 'ما إن بدأت الأمطار حتى بدأ السقف يرشّ علينا. خلال ساعة كانت الغرفة غارقة… زوجتي ظلت تجمع الماء بالدلاء، وأنا أحاول سدّ الفتحات. لم نستطع النوم.'
ويضيف: 'عدت إلى بيتي المدمّر لأحافظ على ما تبقى منه… لكني شعرت اليوم أن الشتاء يطردنا منه من جديد.'
الخوف والبرد
لم يكن المشهد أقل قسوة على الأطفال الذين ارتبط الشتاء لديهم يومًا باللعب تحت المطر؛ أما اليوم، فقد تغيّر كل شيء.
تقول ملك الدحدوح (10 سنوات): 'كنت أحب المطر… لكن الآن عندما أسمع صوت الهواء أخاف. الخيمة تهتزّ… والماء يدخل عند قدمي.'
ويقول شقيقها لؤي (12 عامًا): 'نمت وأنا لابس جاكيتين… لكن كنت أشعر أن المطر فوق رأسي وبجانبي.'
المنخفض الأول هذا العام لم يحمل المطر فقط، بل كشف جروح الحرب المتواصلة وعمّق مأساة النازحين. فقد بدا واضحًا أن الناس يعيشون بين خيارين مرّيْن: خيمة لا تصمد أمام المطر، أو بيت مدمّر لا يصلح للسكن. أما الشتاء… فقد أصبح موسمًا آخر من المواجهة.

























































