الاحتلال يصعّد عدوانه على مخيمات شمال الضفة والسلطة "لا تحرك ساكناً"

لم تتوقف ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية بحق مخيمات شمال الضفة الغريبة المحتلة، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، في محاولة إسرائيلية ممنهجة لإنهاء قضية اللاجئين وعودتهم إلى أراضيهم، خصوصاً أن المخيمات تُعد الشاهد الوحيد على حق العودة.

ويواصل الاحتلال عمليات الاجتياح لمخيمات شمال الضفة، وتحديداً جنين وطولكرم ونور شمس، وتدمير عشرات المنازل والقضاء على البنية التحتية وكل مقومات الحياة هناك، وهو ما يضاعف معاناة النازحين الفلسطينيين الذين باتوا لا يستطيعون الوصول إلى منازل خشية إطلاق النار عليهم من قوات الاحتلال التي تُغلق كل مداخل المخيمات.

وتتزامن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في مخيمات شمال الضفة، وسط صمت واضح من السلطة في رام الله اتجاه المخيمات والنازحين الذين تركوا منازلهم وهجروا إلى أماكن مختلفة مجاورة، حيث لم تقدم لهم أي مساعدات ترتقي لحجم المأساة التي يتعرضون لها من جراء النزوح.

وبدأ الاحتلال حملته ضد مخيمات شمال الضفة الغربية في الـ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك بعد يومين من دخول اتفاق التهدئة في قطاع غزة حيّز التنفيذ، فكانت باكورتها في مخيم جنين، حيث ارتقى حتى الآن أكثر من 50 شهيداً وإصابة العشرات، ثم تبعها في مخيمي نور شمس وطولكرم، ولا تزال العملية متواصلة.

دمار واسع

يؤكد عضو اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين أشرف الناطور، أـن ممارسات الاحتلال بحق المخيم لم تتوقف على مدار أكثر من ثلاثة شهور، إذ تتواصل أصوات الانفجارات وهدم وتفجير البيوت، مشيراً إلى أن أكثر من 70% من المخيم أصبح مدمراً.

ويقول الناطور لـ'فلسطين أون لاين'، إن الاحتلال دمّر البنية التحتية بالكامل، حيث لم يعد هناك مياه أو كهرباء أو شوارع كما في السابق، كما يتم إطلاق النار على أي شخص يحاول الدخول إلى المخيم.

ويشدد على أن 'الاحتلال يسعى من خلال هذه العملية إلى تهجير السكان والقضاء على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء قضيتهم، عبر تدمير المخيمات كونها الشاهد الوحيد على قضيتهم'، لافتاً إلى أن عدد النازحين من المخيم فاق الـ 14 ألف مواطن.

العدوان الإسرائيلي الواسع طال أيضاً مخيمي نور شمس وطولكرم، إذ يؤكد رئيس لجنة خدمات مخيم نور شمس بطولكرم نهاد الشاويش، أن الاحتلال أحدث دماراً واسعاً في المخيم ولا يزال يوّسع العملية العسكرية.

ويوضح الشاويش لـ'فلسطين أون لاين'، أن الاحتلال هدم أكثر من 2900 منزل في مخيمي نور شمس وطولكرم منذ بداية العملية العسكرية، منها 1600 في نور شمس لوحده، عدا عن التدمير الشامل للبنية التحتية للمخيمين.

وبيّن أن حكومة الاحتلال المتطرفة تسعى لتدمير المخيمات لإنهاء قضية اللاجئين التي تشكّل عنواناً للقضية الفلسطينية، إضافة إلى وجود نوايا تعكس رغبتها بعدم عودة السكان إلى منازلهم في المخيمات، مشدداً على أن الاحتلال 'يريد طمس المخيم الذي يعتبر آخر المعالم على حق العودة'.

دور ضعيف

ويتفق المسؤولان على أن السلطة في رام الله لا تزال تُطلق الوعود من أجل تحسين أوضاع النازحين لكنها لم ترقى للتنفيذ الفعلي على الأرض، خصوصاً أن النازحين يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية في أماكن النزوح.

ويقول الشاويش، إن السلطة لم تقم بأي دور تجاه المخيمات وسكانها، إذ أنها لا تزال تدرس خطة لمعالجة أوضاع اللاجئين وتعقد اجتماعاتها من أجل تقديم المساعدات لهم، 'لكن لم يتم تنفيذ أي شيء على الأرض'.

ويتساءل 'العملية العسكرية الإسرائيلية مستمرة منذ أكثر من 100 يوم، فهل من المنطق أن يتم عقد اجتماعات لدراسة خطط مساعدة النازحين بعد هذه المدة الطويلة؟'، مطالباً بضرورة أن يكون هناك وقفة جدية من الجهات الحكومية من خلال التواصل مع مؤسسات العالم من أجل وقف الدمار في المخيمات، حتى يتمكن سكانها من العودة إليها.

ويؤيد الناطور ما قاله سابقه، حيث أفاد بأن مجلس الوزارة عقد اجتماعاً قبل أكثر من أسبوع من أجل مناقشة الأوضاع في المخيمات، وأقرّت خطوات 'لكّنها لم تنفذ أي شيء لغاية الآن، وما زلنا ننتظر الانفراجات المالية من حكومة رام الله'.

ويوضح أن النازحين تلقوا بعض المساعدات العينية من المؤسسات المجتمعية والغرفة التجارية وبعض التجار، في حين أن دور الحكومة لا يزال ضعيفاً ولا يرقى لمستوى معاناة النازحين والأوضاع في المخيمات.

ويطالب الجهات الرسمية في السلطة بدعم صمود المواطنين وتثبيتهم والسعي من أجل إعادتهم إلى المخيم الذي يشكل أساس قضية اللاجئين.

وحول العمليات البطولية الأخيرة في جنين والخليل، يؤكد المسؤولان أنها جاءت رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال في مخيمات شمال الضفة وحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة التي لا تزال مستمرة منذ ما يزيد عن 18 شهراً.

ويشدد المسؤولان، على أن 'الشعب الفلسطيني في غزة والضفة مستهدفاً من الاحتلال الإسرائيلي الذي لضرب وحدته وصولاً إلى انهاء القضية الفلسطينية'.