اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٨ أيلول ٢٠٢٥
مع استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ نحو 23 شهرا، تتكشف يومًا بعد يوم تداعيات كارثية على صحة السكان، خصوصًا الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال والنساء الحوامل.
ودق تقرير نشرته صحيفة 'تليغراف' البريطانية ناقوس الخطر، محذرًا من تزايد ملحوظ في حالات العيوب الخِلقية بين المواليد الجدد في غزة، نتيجة سوء التغذية الحاد، وانعدام الرعاية الطبية، والظروف البيئية السامة التي خلّفتها الحرب.
يروي أطباء يعملون في مستشفيات القطاع صورة مأساوية، حيث باتوا يشاهدون بشكل شبه يومي حالات ولادات مبكرة وأطفالًا مصابين بعيوب في القلب والشفاه الأرنبية.
والأخطر، بحسب شهاداتهم، تزايد تشوهات الأنبوب العصبي مثل السنسنة المشقوقة واستسقاء الرأس، وهي أمراض تهدد حياة المواليد وتتطلب عمليات جراحية عاجلة لا تتوفر لها الأدوات الطبية في ظل الحصار ونقص الإمدادات.
وأكد الدكتور أسعد نواجحة، اختصاصي طب الأطفال في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، أن الأعداد التي يراها اليوم من الأطفال المولودين قبل أوانهم أو المصابين بتشوهات لم يسبق أن صادفها طوال مسيرته المهنية.
أما الدكتور ماهر كامل، استشاري جراحة الأعصاب في مستشفى الشفاء بغزة، فأشار إلى أنه أجرى خلال أسبوعين فقط ست عمليات جراحية لأطفال مصابين باستسقاء الرأس، تتراوح أعمارهم بين 15 يومًا وأربعة أشهر، في ظروف شبه مستحيلة بسبب نقص المعدات والمضادات الحيوية.
أوضحت الصحيفة أن استسقاء الرأس – الذي يؤدي إلى تراكم السوائل في الدماغ – لا يمكن علاجه إلا بعمليات دقيقة تتضمن تركيب أنبوب لتحويل السائل الزائد، وهو إجراء يحتاج إلى تجهيزات طبية أساسية مفقودة في غزة حاليًا.
والنقص لا يقتصر على المعدات، بل يشمل المستلزمات البسيطة مثل المضادات الحيوية، ما يجعل العلاج أقرب إلى المستحيل، ويترك حياة هؤلاء الأطفال معلقة بين الموت والإعاقة الدائمة.
وقد ربط الخبراء بشكل مباشر بين المجاعة التي تأكدت رسميًا في غزة وبين ارتفاع حالات التشوهات. إذ وثّقت وزارة الصحة في القطاع وفاة ما لا يقل عن 185 شخصًا جراء سوء التغذية خلال شهر واحد، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 361 حالة وفاة، فيما يعاني عشرات الآلاف من الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات من سوء التغذية الحاد.
ووصف البروفيسور أندرو وايتلو، أستاذ طب الأطفال حديثي الولادة بجامعة بريستول، نقص الغذاء في غزة بأنه 'سبب واضح' لزيادة العيوب الخِلقية.
وأكد أن غياب الأغذية الطازجة يعني أن النساء الحوامل لا يحصلن على كميات كافية من حمض الفوليك، وهو عنصر أساسي في الوقاية من التشوهات العصبية.
المأساة لا تقف عند حدود الجوع، فالأبحاث تشير إلى أن الإجهاد المزمن الذي يتعرض له سكان غزة – بفعل القصف المستمر والتهجير والنقص الحاد في الأمان – يرفع مستويات هرمونات مثل الكورتيزول لدى النساء الحوامل، ما يتداخل مع نمو الأجنة ويزيد من خطر الولادة المبكرة.
كما أن التعرض للسموم البيئية الناتجة عن القصف، بما فيها بقايا الأسلحة والمواد الكيماوية، قد يفاقم حالات التشوهات.
وذكرت الطبيبة روزماري تاونسند من جامعة إدنبرة، أن الحروب عادة ما ترتبط بارتفاع العيوب الخِلقية بسبب اضطراب الرعاية قبل الولادة، ونقص الغذاء، والآثار السامة للأسلحة المستخدمة.
الأمر ليس جديدًا تمامًا، إذ سبق أن وثقت دراسات ميدانية في غزة ارتفاعًا ملحوظًا في العيوب الخِلقية بعد حرب 2014.
ووجدت دراسة بين 2011 و2016 أن معدلات التشوهات تضاعفت تقريبًا، من 1.1% إلى 1.8% من المواليد. ما يجري اليوم يبدو استمرارًا أكثر قسوة لهذه الظاهرة، مدفوعًا بمستوى غير مسبوق من التجويع وانهيار النظام الصحي بالكامل.
وتحذر 'تليغراف' من أن ما يظهر الآن هو فقط الجيل الذي تعرض للجوع خلال الأشهر التسعة الماضية في أرحام أمهاتهم، لكن الموجة القادمة ستكون أشد فتكًا، إذ إن النساء الحوامل اليوم يعانين من مستويات جوع وانعدام رعاية غير مسبوقة، ما يعني أن نسبة التشوهات في المواليد الجدد قد ترتفع بشكل كارثي خلال الأشهر المقبلة.