اخبار فلسطين
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٣١ أيار ٢٠٢٥
استراتيجية من 5 نقاط تمهيداً للإعلان عن 'خريطة طريق' لحل الدولتين في يونيو
تترأس فرنسا والسعودية بين الـ17 والـ20 من يونيو (حزيران) المقبل مؤتمر 'حل الدولتين'، وسط تطلعات عربية إلى الدفع نحو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، إلا أن هذا الزخم غير المسبوق يتزامن مع تردد لدى الدول الغربية، فحتى باريس نفسها التي حشدت لهذا التجمع الدولي في نيويورك لم تحسم موقفها بعد من مسألة الاعتراف، وسط انقسام واضح في الاتحاد الأوروبي.
وتعطي وثيقة فرنسية رسمية اطلعت عليها 'اندبندنت عربية' لمحة عن طريقة تفكير صانع القرار الفرنسي الذي يحدد خمس نقاط رئيسة لتحقيق حل سياسي دائم بين فلسطين وإسرائيل وهي وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن ونزع سلاح 'حماس' وتوسيع وصول المساعدات الإنسانية والتزام إقليمي ودولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
تفاهم محمد بن سلمان - ماكرون
تعرج الوثيقة على الرئاسة الفرنسية - السعودية للمؤتمر، مشيرة إلى أن الفكرة ولدت بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وجاء فيها أن 'الرئيس ماكرون توصل خلال زيارته للسعودية إلى اتفاق حول عقد المؤتمر مع الأمير محمد بن سلمان المعروف بتأثيره في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى علاقته المميزة مع إدارة ترمب، مما يجعله طرفاً محورياً في حل النزاع'.
وسيعقد المؤتمر الذي انفردت 'اندبندنت عربية' بالكشف عن موعده في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجرى تبنّيه بالتوازي مع الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس الفرنسي إلى السعودية، وجهود مشتركة بين الرياض وباريس لعقده، بدعم الأمم المتحدة بغية إحياء 'حل الدولتين' وتطبيقه.
وأوضحت الوثيقة أن 'الوحدة العربية خلف الموقف السعودي مبررة للغاية' وأن التحركات الخليجية والعربية النشطة مدفوعة بإحساس ملحّ بأهمية إنهاء حرب غزة بعد 20 شهراً من القتال، وشددت على موقف باريس الرافض لـ'الخطة الإسرائيلية' لتهجير سكان القطاع، نظراً إلى تداعياتها السلبية على استقرار دول المنطقة، بخاصة مصر والأردن.
الاعتراف الفرنسي بفلسطين
حتى الآن تكثر التكهنات حول مسألة الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطينية مستقلة، وبدا ماكرون خلال تصريحات صحافية سابقة قريباً من اتخاذ قرار الاعتراف. لكن الوثيقة تكشف عن التردد داخل دوائر صناعة القرار، فهي تقر بأن الرئيس يأخذ في الحسبان مسألة الاعتراف، لكنها تؤكد أن المؤتمر ليس هدفه 'الاعتراف'، بل 'بناء إطار سياسي'.
ويرى ماكرون أن الاعتراف بدولة فلسطين أداة فاعلة لحل النزاع ويشجع على تبنيها في هذا الإطار. كما تؤكد الوثيقة أن فرنسا تعتبر الاعتراف قراراً صائباً يحقق تطلعات الفلسطينيين المشروعة، وجاء فيها أن 'الاعتراف يمثل مطلباً تقدمت به أطراف فاعلة عدة، ومن الممكن أن يسهم في حشد الدعم حول القضايا الجوهرية والمعقدة المرتبطة بهذا النزاع.'
وفي ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، ترى فرنسا أننا لم نصِل بعد إلى مرحلة 'رسم الخرائط' النهائية. ومع ذلك، من الواضح لديها أن غزة يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المقبلة. ولتحقيق ذلك، تؤكد باريس أهمية تقديم مقترح متكامل يعالج 'المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل، وفي الوقت نفسه يضمن تأسيس دولة فلسطينية مستقرة وقابلة للبقاء'.
'يوم السلام' المنشود
وتكشف الوثيقة عن أن ثماني مجموعات عمل تشارك في نقاش ومعالجة القضايا الجوهرية للنزاع التي تشمل الأمن وقابلية قيام الدولة الفلسطينية والجدوى الاقتصادية وإعادة الإعمار، بمشاركة وفود من 20 دولة في الاجتماع التحضيري في نيويورك الأسبوع الماضي.
ولا يهدف المؤتمر إلى إنهاء أزمة غزة وحسب، بل إلى وضع حد للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي عبر خمس خطوات وهي وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن ونزع سلاح 'حماس' وتوسيع وصول المساعدات الإنسانية، أما الخطوة الخامسة والأهم بحسب الوثيقة، فهي 'ربط هذه الخطوات الآنية بمسار طويل الأمد، يضمن التزاماً إقليمياً ودوليا بإقامة دولة فلسطينية، كجزء من رؤية أشمل للسلام الإقليمي، تستعيد منطق مبادرة السلام العربية كإحدى ركائز هذه الرؤية التي تعمل فرنسا مع الجانب السعودي عليها'.
وتعرّف الوثيقة الفرنسية الوضع النهائي المنشود بمصطلح 'يوم السلام' أي أن يغدو الشرق الأوسط منطقة تنعم بالسلام والأمن، وتنسج فيها علاقات متينة بين مختلف الأطراف، بما يفضي إلى استقرار دائم. وتسعى فرنسا إلى بلورة 'يوم السلام' في وثيقة ختامية تعد بمثابة خطة عمل ملموسة، تتضمن مراحل التنفيذ والجدول الزمني ومساهمات الدول المشاركة. وفي حال التوافق عليها، فستعرض للمصادقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.'
ويسعى المؤتمر إلى الخروج بـ'ورقة غير رسمية' هدفها التوفيق بين مقاربتين، الأولى بناء الدولة الفلسطينية وهو أمر يستلزم تفاوضاً مباشراً بين الطرفين برعاية دولية، والثانية مقاربة إقليمية لإنجاح مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإدماج إسرائيل في الشرق الأوسط.
لكن الدبلوماسيين الغربيين أصبحوا أكثر إحباطاً من حكومة بنيامين نتنياهو، كما تجلى في تصريحات كبار المسؤولين في فرنسا وبريطانيا الذين انتقدوا تطرف الحكومة الإسرائيلية. ومع ذلك، لا تستبعد الوثيقة الفرنسية إصغاء إسرائيل إلى هاتين المقاربتين لأن فكرة الإدماج الإقليمي لإسرائيل، بما يشمل قيام دولة فلسطينية، تحظى بدعم الغالبية في إسرائيل.
فرنسا بدور 'المكمل' للرؤية الأميركية
ورفضت الولايات المتحدة العام الماضي آخر المساعي الفلسطينية للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وبررت قرارها بأن تنفيذ 'حل الدولتين' وقيام دولة فلسطينية يجب أن يتما في إطار ثنائي وبعد مفاوضات مباشرة بين فلسطين وإسرائيل، بخاصة أن الكونغرس الأميركي يمنع الاعتراف بدولة فلسطينية من دون اتفاق سلام دائم مع إسرائيل.
وتؤكد الوثيقة الفرنسية أن المنطق الذي تسعى باريس إلى اعتماده يتمثل في تقديم مقاربة 'مكمّلة' لرؤية الرئيس الأميركي، سواء لإنهاء الحرب الحالية، أو لتهيئة الظروف السياسية الضرورية لتسوية النزاع الأوسع، إلى جانب مساعدة واشنطن في توسيع دائرة 'اتفاقات أبراهام' من خلال طرح إطار مفاهيمي يسهل التقدم نحو هذه الأهداف.
وتوضح الوثيقة أن باريس تجري حالياً مشاورات مع واشنطن حول مشاركتها في المؤتمر.
كما تبدي فرنسا حرصها على عدم الظهور في موقع البديل عن الولايات المتحدة بالنسبة إلى قيادة مفاوضات غزة، إذ جاء ضمن الوثيقة 'لا نهدف إلى أن نحل محل المفاوضين الأميركيين، ولا القطريين أو المصريين. هدفنا واضح، الوصول إلى توافق قوي حول عدد من القضايا الرئيسة، بما يتيح دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل للنزاع. بالتالي، لا ننوي فتح قناة مباشرة مع حركة ’حماس‘'.
الحبل السري بين إيران ووكلائها مقطوع
وفي ما يخص إيران واحتمال تقويضها جهود السلام، ترى فرنسا أن طهران لا تقوم بدور جوهري في هذا الملف لأن الحبل السري الذي كان يربطها بعدد من وكلائها في المنطقة ومن بينهم ’حماس‘ انقطع إلى حد كبير، بسبب الوضع في غزة والضغوط الإسرائيلية. وتعرب الحكومة الفرنسية عن أملها في ألا تضطلع إيران بدور سلبي في هذه المرحلة، كما تلحظ خطاباً أكثر اعتدالاً من المعتاد من الجانب الإيراني حيال قضايا المنطقة، ويعتقد بأن هذا الاعتدال يعود بالأساس للمفاوضات الجارية مع الأميركيين حول الملف النووي.