اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
في محاولة للالتفاف على محطات التاريخ وهزيمة الكيان الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية صبيحة السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 (طوفان الأقصى)، لا يزال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول الخروج بأفكار ومقترحات للهروب من الفشل والهزيمة الإسرائيلية.
وحاول تكرارا 'نتنياهو' المطلوب للجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، تغير الاسم الأول الذي أطلقه الجيش على هذه الحرب 'السيوف الحديدية' لارتباطه بأكبر فشل أمني وعسكري وسياسي في تاريخ الكيان الإسرائيلي.
وعرض 'نتنياهو' اقتراحه لتغيير اسم الحرب لأول مرة رسميا في اجتماع عقد في 7 أكتوبر/تشرين أول 2024 بمناسبة مرور عام على الحرب، واقترح سابقا إطلاق اسم حرب 'سمحات هتوراه' أو 'حرب القيامة' إلى أن نجح أخيرا هذا الأسبوع بتغير الاسم إلى 'حرب النهضة/ حرب الانبعاث'.
وبرر تلك التسمية بأن 'الحرب لم تقتصر على غزة، بل تطورت إلى حملة عسكرية على 7 جبهات مختلفة، ولأن هذه الحرب تمثل نقطة تحول في نهضة (إسرائيل)' وفق تفسيره.
وقال في اجتماع الحكومة، الأحد الماضي: 'لقد نهضنا من كارثة 7 أكتوبر'، في المقابل عارضت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك القرار وصوتت ضده، قائلة 'إن الحرب لم تنته بعد بيقين في النهضة'، كما امتنع وزير الشتات عميحاي شيكلي عن التصويت، لأنه يعتبر مسميات 'الانبعاث والنهضة أمرا يتعلق بتأسيس الدولة'.
'طمس الهزيمة'
وقالت صحيفة 'هآرتس' العبرية إن تغير 'اسم الحرب' يكشف حجم الانفصال بين القيادة السياسية والواقع الميداني، ويعكس استمرار معركة السرديات التي يقودها 'نتنياهو' منذ السابع من أكتوبر.
ورأي محرر الشؤون الحزبية في 'هآرتس' يوسي فيرتر، أن الاجتماع الذي خُصص لمناقشة تغيير اسم الحرب ليس سوى 'محاولة جديدة لإعادة تسويق الفشل أنه بطولة'، و'الهزيمة على أنها نهضة قومية'.
وذكر أن 'نتنياهو لا يريد لجنة تحقيق، بل لجنة تسميات'، معتبرا أن الهدف من تغيير الاسم هو 'طمس ذكرى أكبر إخفاق في تاريخ (إسرائيل)'. وأضاف: 'الأسهل عليه أن يغيّر اسم الحرب بدلا من مواجهة نتائجها، فالتاريخ بالنسبة له ليس سجلا للحقائق، بل مساحة يمكنه إعادة كتابتها وفق حاجته السياسية'.
وأشار فيرتر إلى أن الخطوة تأتي بعد مرور عامين على اندلاع الحرب، بينما لا يزال أكثر من 100 ألف إسرائيلي نازحين عن منازلهم، وجثامين الأسرى الأموات لدى حماس، في وقت تنشغل فيه الحكومة بالأسماء والشعارات.
وتابع: 'كل حرب حملت اسمها الطبيعي، حتى عندما تضمنت إخفاقات أو خسائر فادحة. أما اليوم، فالحكومة التي يقودها نتنياهو تحاول استبدال كلمة كارثة بكلمة نهضة، وكأن الكلمة وحدها قادرة على محو الغضب'.
ويعتقد أن الحرب التي دامت عامين في جوهرها 'حرب نتنياهو'، لأنها استمرت لخدمة مصالحه الشخصية، ولذلك ذهب لتغير الاسم بدلا من فتح تحقيق رسمي.
وختم الكاتب الإسرائيلي: 'نتنياهو يعلم أن لجنة التحقيق ستصل إليه في النهاية، لذلك يفضّل الحديث عن الكلمات لا عن القرارات، وعن المصطلحات لا عن الأرواح التي أزهقت بسبب الإهمال'.
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد علق في الماضي على اقتراح تغيير اسم الحرب، قائلا لـ'نتنياهو': 'هل تريد حرب النهضة؟ ابدأ بشيء بسيط: أعتذر' عن الفشل أمام المقاومة الفلسطينية.
تكلفة وجدال
وينص القرار الحكومي على أن تغيير الاسم سيتم دون أي ميزانية إضافية من ميزانيات الوزارات القائمة، وذلك في محاولة لتهدئة الأوضاع، كما أن المقترح لا يمس وضع قوات الأمن أو حقوق العسكريين المحددة بموجب قانون الجنود المسرحين أو قانون الأشخاص ذوي الإعاقة، وأنه لم تُثر أي اعتراضات من الوزارات الحكومية المعنية.
لكن مصادر إسرائيلية كشفت أن تكلفة التغيير ستُكلّف دافعي الضرائب ما لا يقل عن مليوني شيقل.
ولتجنب الجدال مع عائلات القتلى، آثر القرار عدم إلزام عائلات قتلى الحرب بتغيير اسم الحرب على شواهد قبور أبنائها.
وجاء في القرار 'في التعديلات التي ستُجرى على قبور القتلى ستُمنح العائلات خيار الاحتفاظ باسم سيوف حديدية أو الاسم الذي تختاره'، لكن بعد القرار كتب إيال إيشيل (والد الجندية التي قتلت في الحرب روني إيشيل) على شبكة إكس 'كل من يجرؤ على الاقتراب من قبر روني شيلي لتغيير اسم الحرب سيواجه مشكلة معي، إن شاهد قبر روني شيلي ليس لوحة إعلانية لحملة سردية سياسية كاذبة'.
وفي مقابلة مع موقع 'واي نت' تناول الوزير السابق يزهار شاي -الذي قُتل ابنه يارون في معركة 7 أكتوبر/تشرين الأول- هذه القضية، وقال 'الاسم السابق كان أحمق، وهذا الاسم دعاية سياسية ساخرة تريد الحكومة الإسرائيلية فرضها على القبور'.
ولم يتوقف الهجوم على 'نتنياهو' عند هذا الحد، بل اعتبر باراك ساري في موقع 'والا' العبري أن سعي الأخير لتغيير اسم الحرب هو 'خطوة أخرى في سعيه لطمس مسؤوليته عن هجوم 7 أكتوبر، إنه يحاول بناء رواية جديدة لا تدور حول أكبر فشل في تاريخ الدولة، بل حول قصة نهضة قادها بنفسه'.
وقال: 'سيُكتب اسمه في كتب التاريخ، كان يعلم أنه بعد 100 عام و200 عام و700 عام سيُذكر عنه شيء واحد، سيُهدى إليه سطر واحد: في عهده، وقعت أكبر مجزرة للشعب اليهودي منذ المحرقة'.
كما أن المعلقة السياسية طال شنايدر كتبت بعد صدور القرار 'يعلمنا تاريخ (إسرائيل) أن الأسماء الرسمية التي تستخدمها الحكومات لإخفاء اللحظات الصعبة أو تجميلها لا تلقى رواجا'.
وقالت: 'واضح أن نتنياهو -الذي حكم (إسرائيل) أكثر من أي زعيم آخر- ليس معنيا بأن ينهي حياته كزعيم فاشل، ولذلك هو أكثر من أي شخص آخر كان مصمما على تغيير الاسم'.
يذكر أن 'نتنياهو' يمتنع حتى اللحظة من تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الكيان؛ حول إخفاقات هجوم 'طوفان الأقصى' رغم تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية.