اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لم تحتمل مروة العاجز أن يستمر انقطاع الأطفال عن الدراسة مع اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، على الرغم من خطورة الأوضاع الميدانية، فأسست بعد أقل من ثلاثة أشهر من بدء الحرب مبادرةً تعليميةً حملت اسم 'أطفالنا.. ليسوا أرقامًا'، يواصل طلبتها اليوم عامهم الدراسي الثالث في مدرستهم التي وُلدت من بين الركام والألم.
منذ اللحظة الأولى، رفضت العاجز أن تكون المبادرة داخل خيام، وأصرّت على أن تكون في مبنى يوفّر للطلبة بيئة تعليمية آمنة بعيدًا عن أجواء النزوح والمعاناة.
تقول: 'أردتُ أن أُخرج الأطفال من جوّ الخيام التي أصبحت بيوتًا لمعظمهم بعد أن دمّر الاحتلال منازلهم. وبعد بحث طويل، وجدنا مكانًا مناسبًا وفتحنا باب التسجيل لأبناء مخيم النصيرات والنازحين فيه.'
وتتابع العاجز قائلة: 'لم تكن البداية سهلة أبدًا، فالجميع كان يعاني من أوضاع نفسية قاسية. أنا مثلًا نجوتُ مع طفلي من قصف الاحتلال لمنزلنا فوق رؤوسنا، وكثير من الطلبة ناجون وحيدون من أسرهم، فيما ذاق آخرون ويلات الفقد والنزوح والجوع.'
انطلاقًا من تلك المعاناة، قررت العاجز أن تركز المبادرة في بدايتها على الصحة النفسية للطلاب، لتفريغ الصدمات والضغوط النفسية التي تعرضوا لها خلال الحرب. وانطلقت رسميًا في التاسع من يناير عام 2024.
وتوضح أن من أهم مرتكزات تحقيق الصحة النفسية للطلاب هو أن تكون المدرسة في مبنى إسمنتي متكامل الخدمات الصحية، لا في خيام تذكّرهم بالحرب، مضيفةً: 'حرصنا على أن نُخرج الطالب من أجواء الحرب لأربع ساعات يوميًا، في بيئة سليمة وإنسانية.'
أما عن الطاقم التعليمي، فتشير العاجز إلى أن اختيار المدرسين كان دقيقًا للغاية، نظرًا لطول فترة الدوام التي تمتد لأكثر من ثماني ساعات، إذ يُطلب من المعلمين القدرة على التدريس المتدرج من الصف الأول حتى الثالث لتغطية الفترات الدراسية المختلفة.
وتوضح أن أهداف المبادرة تتمثل في خلق بيئة آمنة وداعمة للطفل، يستطيع من خلالها الشعور بالراحة والأمان، إلى جانب تعويض الفاقد التعليمي خلال فترة الحرب.
وتضيف: 'الميزة لدينا أن الطلاب هم أنفسهم منذ ثلاث سنوات، ما ساعدنا على البناء المتواصل وتعويض ما فاتهم في التعليم.'
ولا يقتصر عمل المدرسة على الجانب التعليمي فحسب، بل يشمل أيضًا حصصًا للمهارات وجلسات مع الأخصائيين الاجتماعيين لتنمية المهارات الاجتماعية والتفريغ النفسي، إضافة إلى أنشطة ترفيهية وسينما للأطفال.
تقول العاجز: 'نركّز بشكل خاص على الأطفال الذين عانوا من صدمات نفسية قاسية خلال الحرب، مثل أولئك الذين فقدوا أسرهم بالكامل.'
وتروي مثالًا على ذلك قصة الطفلة (أ. هـ) التي انضمت إلى المدرسة في عمر ست سنوات، وكانت الناجية الوحيدة من أسرتها، وتعيش مع عمّها الذي فقد هو الآخر عددًا كبيرًا من أقاربه.
'عملت الأخصائية الاجتماعية معها تدريجيًا حتى بدأت تُعبّر عمّا في داخلها وتتقبل الحادث الأليم الذي أصابها، وأصبحت أكثر تفاعلًا في الصف وتشارك في الإذاعة والأنشطة المدرسية بعد أن كانت منطوية ومنعزلة.'

























































