اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً لافتاً في نشاط 'منظمات المعبد' الاستيطانيّة، التي باتت تمثّل الذراع الديني الأيديولوجي للمشروع الإسرائيلي في المسجد الأقصى. إذ تقوم هذه المنظمات باقتحامات متكررة للمسجد وأداء طقوس علنية داخله، وتسعى إلى فرض حضورٍ يهودي دائم فيه تحت حماية قوات الاحتلال. وتتبنى هذه المنظمات هدفًا مرحليًّا يتمثل في تهويد الأقصى وفرض 'السيادة اليهودية' عليه، وهدفًا بعيد المدى يسعى إلى هدم المسجد وإقامة 'المعبد الثالث' مكانه. وفي هذا السياق، يستعرض هذا المقال النشأة الفكرية والتنظيمية لهذه المنظمات، وتحولها من جمعيات عقائدية هامشية إلى أذرع مؤسسية ذات نفوذ سياسي داخل الكيان الإسرائيلي، كما يتناول التيارات المكوّنة لها وأهدافها العملية تجاه المسجد الأقصى ومحيطه.
الإطار النظري للمنظمات المتطرفة
تقوم الأطر النظرية لـ 'منظمات المعبد'، على أنها كيانات تسعى إلى جعل 'المعبد' وسيلةً لخلق النظام والوحدة داخل كيان الاحتلال، عبر دمج مختلف التوجهات الأيديولوجية لدى شرائح المستوطنين المختلفة، على اختلاف تياراتهم الفكرية والدينية، لما لدمجها في هيئة موحدة من أثر في إعادة بناء 'المعبد'. وقد بدأ تطور حضورها مع منظمتي 'معهد المعبد' و'إلعاد' في عام 1986، لينضم إليهما خلال السنوات التالية عدد من المنظمات التي تضع 'المعبد' ضمن أهدافها المركزية، أو تعمل لتحقيق فكرة 'المعبد' فقط، على غرار منظمات 'حي وقيوم' و'ربفافاه' ثم مدرسة 'جبل المعبد الدينية'، ومنظمة 'شباب هارئيل'، و'السنهدرين الجديد'، و'اتحاد قبائل إسرائيل-يشاي' ومنظمة 'طلاب من أجل المعبد'، و'نساء من أجل المعبد'، و'العودة إلى جبل المعبد'، و'حركة الجوهر-هليبا' وصولاً إلى توحيد تلك المنظمات في ائتلافٍ تنسيقي في عام 2012 ضم نحو 24 جمعية عرف بـ'اتحاد منظمات المعبد'.
ومع تصاعد حضور هذه المؤسسات في البيئة الإسرائيلية، وحصولها على أعداد من المقاعد في 'الكنيست' والحكومة الإسرائيلية على حدٍ سواء، تشعبت المؤسسات التي تحمل أجندات 'المعبد'، وشهدت اندماج عددٍ منها، في سياق تحشيد قدراتها المالية والعددية، فقد اندمجت منظمة 'طلاب من أجل المعبد' مع 'صندوق تراث المعبد' في منظمة جديدة حملت اسم 'جبل المعبد في أيدينا'، ووصل 'منظمات المعبد' في عام 2024 إلى نحو 60 منظمة.
التيارات الموجودة في 'منظمات المعبد'
تشير المعطيات إلى أن تركيبة 'منظمات المعبد' ليست تقليدية، فهي ليست هرمية على غرار المنظمات والمؤسسات الأخرى، والكثير منها قائم على قدرة مؤسسيها على جذب الدعم لها، وتُشير المصادر العبرية إلى أن معظم مسؤولي المنظمات المتطرفة من حاخامات 'الإشكناز الأرثوذكس'، ضمن ما يُعرف بالتيار 'الصهيوني الديني'، ومن أبرز هؤلاء الحاخام يسرائيل أرييل مؤسس 'معهد المعبد'، والحاخام حاييم ريشمان مدير الإدارة الدولية لـ 'معهد المعبد'، إضافةً إلى الحاخاميْن المتطرفيْن يهودا عتصيون ويهودا جليك وعدد من أعضاء 'السنهدرين الجديد'.
وإلى جانب هؤلاء يشكل التيار القومي-الديني أبرز التيارات في هذه المنظمات، ويرتبط تنامي نفوذ التيار القومي الديني المتطرف بالتوجه اليميني الذي يزداد في كيان الاحتلال، وتشير المعلومات إلى أن العديد من المنظمات التي أسست لفكرة 'المعبد' نشأت ضمن هذا التيار، وهو ما أثر في أهداف عددٍ من هذه المنظمات التي ركزت على بناء 'مملكة توراتية' كما مر آنفًا. وتجدر الإشارة إلى وجود أعضاء ينتمون إلى 'منظمات المعبد' من أصحاب الفكر العلماني، ولكن أعدادهم قليلة جدًا في مقابل أتباع التيار القومي-الديني.
عام 2020 تأسست تنسيقية جديدة لعددٍ من المنظمات المتطرفة، وحملت اسم 'ائتلاف المعبد الثالث'، وبذلك انقسمت 'منظمات المعبد' مجموعتين على أساس الجيل والآراء السياسية، ولكنهما تجتمعان على الإحلال الديني في الأقصى بتحويله إلى 'معبد يهودي'، بكامل مساحته، وهاتان المجموعتان هما:
- المجموعة الأولى: المؤسسات القديمة المنضوية تحت مظلة 'ائتلاف منظمات المعبد' الذي تأسس عام 2012، وتتألف من الحاخامات القدامى والأكبر سنًا، على غرار 'معهد المعبد'، و'منظمة تاج الكهنة' و'منظمة إلعاد' و'السنهدرين الجديد'، ويرى أعضاء الائتلاف ضرورة التعاون مع شرطة الاحتلال، والتأثير البطيء في المجتمع والدولة للتأسيس لأجندة الإحلال الديني وتأسيس 'المعبد' مكان المسجد الأقصى، ويصدرون خطاب 'التقاسم في مقابل خطاب 'إزالة الأقصى' من الوجود.
- المجموعة الثانية: تتألف من منظمات حديثة النشأة نسبيًّا، وجل كوادرها من الشباب الأكثر تطرفًا، وتجتمع تحت مظلة 'ائتلاف المعبد الثالث' الذي تشكل نهايات عام 2020، وتضم منظمة 'جبل المعبد في أيدينا' و'أبناء جبل موريا' و'عائدون إلى جبل المعبد' وغيرها، ويرون أن مقاربة الجيل السابق بطيئة، ولن يصلوا إلى التغيير المطلوب، لذلك يضغطون على شرطة الاحتلال، وينتقدون إجراءاتها في الأقصى، ويتهمونها بأنها 'لا سامية'، وبأنها 'تميز ضد اليهود' في الأقصى، ويعتقدون أن وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير بات 'يساريًا مدجناً' ولا يقوم بما يكفي ويرون الفرصة سانحة اليوم لتأسيس 'المعبد' بالقوة.
أهداف المنظمات المتطرفة والوسائل التي تعتمدها في استراتيجيتها تجاه الأقصى
يمكننا تناول أهداف 'منظمات المعبد' من منظورين، الأول ما تتضمنه أهدافهم الرسمية، أما الثاني فهو الممارسات العملية التي تستهدف الأقصى ومكوناته البشرية.
1. أهداف المنظمات المتطرفة بحسب أدبياتها، وما المنظمات التي تتبنى كل واحدٍ من هذه الأهداف:
o بناء 'المعبد الثالث': معهد 'المعبد'، وحركة 'تجديد المعبد'، وصندوق 'خزانة المعبد'، ومنظمة 'نساء من أجل المعبد'.
o الترويج لفكرة 'المعبد'، وتحويله إلى مركزٍ ثقافي لكيان الاحتلال: منظمة 'المؤمنون بجبل المعبد'، و'هور هامور'.
o منح 'حقوق' العبادة لليهود في جبل 'المعبد': حركة 'حقوق الإنسان في جبل المعبد'.
o انتزاع جبل 'المعبد' من أيدي المسلمين وتهويد 'جبل المعبد': منظمة 'جبل المعبد هو بلدنا'.
o دراسة القوانين الدينية الخاصة بـ 'المعبد' وخدمات التضحية: معهد 'الدراسات المعبدية' في 'متسبيه يريشو'.
o إنشاء الأدوات التي كانت تستخدم في الطقوس اليهودية الخاصة بـ 'المعبد': 'معهد المعبد' - موطن للحرفيين العبريين، 'ماشون معايسي حبايت'.
o التعليم ونشر المعلومات حول 'المعبد': معهد 'المعبد'، منظمة 'بيدينو'، 'نساء من أجل المعبد' وغيرها.
o تنفيذ الطقوس اليهوديّة العلنية، وخاصة الطقوس المتعلقة بـ'المعبد': منظمة 'بيدينو'، حركة 'تشاي فيكايام'، جماعة 'أبناء جبل موريا'.
o بث المزيد من التحريض تجاه الأقصى، ودائرة الأوقاف: جماعة 'أبناء جبل موريا'، حركة 'شباب هاريل'.
2. أهداف المنظمات المتطرفة في سياق اعتداءاتها على المسجد الأقصى:
o تثبيت الوجود اليهودي داخل الأقصى عبر اقتحامه بشكلٍ شبه يومي، وحشد أعداد كبيرة من المقتحمين بالتزامن مع الأعياد والمناسبات اليهودية.
o السعي إلى تقسيم الأقصى، والسيطرة على جزء من ساحاته، ومحاولة اقتحام المسجد من أبوابه الأخرى (تسمح الشرطة الإسرائيلية حاليًّا باقتحام اليهود الأقصى عبر باب المغاربة فقط).
o فرض الطقوس اليهودية العلنية داخل المسجد، وتنفيذ الطقوس المتعلقة بـ 'المعبد'، وخاصة تلك المرتبطة بأعياد يهودية محددة، على غرار الإعلان عن نية تقديم 'قرابين الفصح' في شهر نيسان/أبريل 2022.

























































