اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٥
تتصاعد المخاطر التي تهدد القدس والمسجد الأقصى المبارك، حيث تتكثف محاولات الاحتلال لفرض السيطرة الكاملة على المدينة وتحويل معالمها وسكانها لتصبح ذات طابع يهودي، وقد عزّز صعود الصهيونية الدينية كشريك رئيسي في السياسة الإسرائيلية من وتيرة هذه الاعتداءات، خاصة في جوانب الإحلال الديني والديموغرافي. وفي مواجهة هذه التحديات الكبرى، تستعرض هذه المادة جملة من المعطيات الموثقة حول واقع التهويد في القدس المحتلة، مسلّطة الضوء على أبرز السياسات العنصرية التي يعاني منها المقدسيون، وتضعها بين يدي صانعي القرار والمتابعين والمهتمين.
• المقدسات:
تستهدف سلطات الاحتلال المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة على حدٍ سواء، إذ تفرض القيود المختلفة أمام وصول المسلمين والمسيحيين إلى المسجد الأقصى والكنائس المسيحية في القدس المحتلة، وتنغص عليهم احتفالاتهم الدينيّة، ومواسمهم العباديّة، وتعتدي على المصلين والمتعبدين.
استهداف الأقصى:
يتعرض المسجد الأقصى لحملة شرسة من قبل سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة، إذ تتنوع الاعتداءات على المسجد من اقتحامات شبه يوميّة، وأداء الطقوس اليهودية العلنية داخل ساحاته، واستهداف العنصر البشري الإسلامي من مصلين ومرابطين.
وتسعى سلطات الاحتلال إلى تثبيت اقتحامات الأقصى بشكلٍ شبه يومي، وتكثيف الوجود اليهودي داخله، وحماية أداء المستوطنين للصلوات اليهوديّة العلنية، في محاولة ليتحول الأقصى أو أجزاء منه، إلى مساحة يؤدي فيها المقتحمون صلواتهم اليهودية العلنية، من دون أي عوائق وعراقيل من قبل حراس الأقصى والمرابطين، ومن ثم الانتقال إلى اقتطاع أجزاء من الأقصى لبناء كنيس يهوديٍّ أو تخصيصه لصلاة اليهود.
وتصعد أذرع الاحتلال التهويديّة اقتحامات الأقصى، وتعمل على ترسيخ الأعياد اليهوديّة والوطنية مناسباتٍ لتدنيس المسجد والاعتداء على مكوناته البشرية، ورفع حجم أعداد المشاركين في الاقتحام، وأبرز الأعياد الدينية 'عيد الفصح اليهودي' وذكرى 'خراب المعبد'، أما تلك الوطنية الإسرائيلية فأبرزها 'يوم القدس'. وإلى جانب 'منظمات المعبد' التي تعمل على جذب المستوطنين للمشاركة في اقتحام الأقصى، وتضم عددًا من المنظمات المختلفة، يشارك في اقتحام المسجد الأقصى، جنود الاحتلال باللباس العسكري والمدني، والطلاب اليهود وخاصة طلاب المعاهد التلمودية.
وقد بلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى ما بين 2009 و2024، نحو 356889 مقتحمًا، وفي عام 2025 تصاعد العدوان على الأقصى بشكلٍ بالغ، وشهدت الأشهر الماضية تصاعدًا مضطردًا في أعداد مقتحمي الأقصى بالتزامن مع موسم الأعياد اليهوديّة، تجاوز في شهر تشرين الأول/أكتوبر نحو عشرة آلاف مقتحم.
وتعمل سلطات الاحتلال على إفراغ المسجد من العنصر البشري الإسلامي، لذلك تعتدي على المصلين والمرابطين وحراس الأقصى، فتقوم بإبعادهم عن القدس والأقصى، ومنعهم من الصلاة، وتفرض عليهم غرامات مالية باهظة، إلى جانب الاعتقال وما يرافقه من تعنيف جسدي ونفسي. وتتراوح مدد الإبعاد ما بين 3 أيام و6 أشهر، وبلغ عدد المبعدين عن الأقصى ما بين 2013 و2024، نحو 4077 فلسطينيًا.
تهويد محيط الأقصى:
o تعمل سلطات الاحتلال على تغيير الهوية الحضارية لمدينة القدس، وإحاطة الأقصى بعشرات المعالم اليهودية، إذ تنفذ الجهات الإسرائيلية المختلفة عددًا كبيرًا من الحفريات، في سياق إنشاء مدينة يهوديّة أسفل البلدة القديمة وفي محيطها، ضمن مشروع 'تأهيل الحوض المقدس'، ويعمل الاحتلال على ربط الحفريات بشبكة من الأنفاق، وحوَّل بعضها إلى متاحف وكنس.
o في السنوات الماضية صعد الاحتلال من بناء المعالم التهويديّة، التي تهدف إلى إدارة عمليات اقتحام الأقصى، وتشويه المظهر العربي والإسلامي للمدينة، وقد تصاعد بناء هذه المعالم منذ افتتاح كنيس الخراب في عام 2010، وبحسب مصادر مقدسية بنت أذرع الاحتلال أكثر من 100 كنيس ومعلم يهودي في البلدة القديمة ومحيطها، من أبرزها مشروع 'بيت شتراوس' على بعد أمتار من سور الأقصى الغربي.
المقدسات المسيحيّة:
ضيقت سلطات الاحتلال على المسيحيين وكنائسهم منذ احتلال القدس، عبر عرقلة الاحتفال بالأعياد المسيحيّة، والاعتداء على الكنائس، ومحاولة التدخل في إدارتها، والاستيلاء على الأوقاف المسيحية، وقد أدت سياسات الاحتلال إلى انخفاض أعداد المسيحيين بشكلٍ كبير، وهم لا يشكلون اليوم سوى 1% فقط من نسبة السكان المقدسيين، ولا يتجاوز عددهم نحو 16200 مسيحي في القدس في عام 2021، من بينهم 12900 مسيحي عربي، و3300 مسيحي من غير العرب. وشهد عام 2025 تصعيدًا عدوانيًّا صهيونيًّا كبيرًا ضدَّ المسيحيين، والمقدسات، والأملاك، والأوقاف، والكنائس، والمقابر المسيحية في القدس، شملت الاعتداء على الكنائس والتضييق على المسيحيين خلال الأعياد وغيرها.
• تهويد السكان والسكن
الاستيطان:
يشكل الاستيطان عصب سياسات الاحتلال الرامية إلى التدخل في الميزان الديموغرافي، إذ تُشير معطيات الاحتلال إلى أن الأحياء ذات الغالبية اليهودية تضم نحو 174500 وحدة استيطانية. ولا تكتف سلطات الاحتلال بحجم الوجود الاستيطاني، بل تعمل على رفع حجمه عامًا بعد آخر.
وفي عام 2023 صادقت حكومة الاحتلال على مخططات لبناء نحو 18300 وحدة سكنية استيطانية في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، من بينها 12200 وحدة إما للمستوطنات الجديدة أو التوسعات الاستيطانية. وبلغ عدد الوحدات الاستيطانية التي شرع الاحتلال في بنائها أو خطط لذلك في القدس عام 2023 أكثر من 23000 وحدة، ومن خلال قراءة سلوك الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة، فإنها حاولت في السنوات العشر الأخيرة أن تضاعف أرقام الاستيطان في المدينة المحتلة، في محاولة لإحداث قفزة في عدد المستوطنين، وما يتصل بهذه الأعداد من امتداد مناطقهم، وفرض المزيد من السيطرة على مناطق الفلسطينيين، فما بين عامي 2014 و2024 أقرت سلطات الاحتلال مخططات لبناء نحو 124352 وحدة استيطانية جديدة
• المصادرة
o تسعى سلطات الاحتلال إلى إخلاء عددٍ من الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة، ومنذ بداية عام 2023 أعادت سلطات الاحتلال فتح قضية تهجير تجمع الخان الأحمر البدوي بتحريضٍ من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، إضافةً إلى استمرار استهداف أهالي حي الشيخ جراح. مع بقاء أخطار تهجير 6 أحياء فلسطينية في سلوان، تضم نحو 15 ألف فلسطيني.
هدم البيوت
o يشكل هدم منازل الفلسطينيين ومنشآتهم سياسة دائمة لدى الاحتلال، وبحسب معطيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) هدمت سطات الاحتلال ما بين 1/1/2009 و6/10/2024 نحو 2084 منزلًا ومنشأة في القدس المحتلة، وهذا ما أدى إلى تهجير نحو 4159 فلسطيني، وتضرر أكثر من 50 ألفًا آخرين.
• استهداف الإنسان الفلسطيني
استهداف اقتصاد المقدسيين: تسعى سلطات الاحتلال إلى إفقار المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، وربطه بشكلٍ كامل بمنظومات الاحتلال الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وقد أظهرت الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال في عام 2023، نية الاحتلال تحويل الفلسطينيين في القدس المحتلة إلى 'عمالة رخيصة' في مشاريع الاحتلال، والتقنية منها على وجه الخصوص، وتحاول سلطات الاحتلال استغلال حالة الفقر المستشرية في القدس المحلة، إذ يقدّر مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن نحو 80% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، ويُشير المركز إلى أن الوصول إلى هذه الأرقام جاءت نتيجة مخططاتٍ إسرائيليًة على مدار السنوات الماضية بهدف إفقار المقدسيين.
وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات الاقتصاديّة، إلا أن أذرع الاحتلال تصعّد من محاولات إفقار المجتمع الفلسطيني في القدس المحتلة، مستخدمةً أداة الضرائب، ففي 28/7/2024 أعلنت بلدية الاحتلال عن رفع 'ضريبة الأرنونا' ما بين 20 و40%، على الشقق الجديدة بداية العام القادم 2025، وبحسب قرار البلدية ستطال الزيادة الشقق السكنية التي بُنيت منذ بداية عام 2020 في القدس المحتلة، كما سيتم طرح القرار للمصادقة عليه في اجتماع المجلس البلدي الإسرائيلي القادم، بعد أن صادقت عليه اللجنة المالية في البلدية، وتشكل 'الأرنونا' من أدوات الضغط على الفلسطينيين، وتستخدم كأداة قمعية بحق المقدسيين، خاصة أنها تتراكم وتتحول إلى ديون كبيرة.
استهداف القطاع الصحي: تفرض سلطات الاحتلال قيودًا على تطوير القطاع الصحي الفلسطيني في القدس المحتلة، وتجبر المقدسيين على الالتحاق بالتأمين الصحي الإسرائيلي، وتستخدمه ورقةً للضغط على الفلسطينيين والقطاع الصحي في آن معًا. ويعاني القطاع الصحي في القدس من شح في التمويل، وتراكم الديون، ويضيق الاحتلال على المؤسسات الصحيّة القائمة، ففي بداية عام 2022 بلغت ديون مشفى المقاصد في القدس المحتلة نحو 200 مليون شيكل (نحو 60 مليون دولار أمريكي)، وهذا ما يؤثر في قدرة المشافي على توفير المعدات الطبية ورواتب الكوادر العاملة وغيرها.

























































