اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
تُمعن سلطات الاحتلال الإسرائيلي في استخدام سلاح التجويع ضد أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، في مسعى منها لفرض سيطرتها المطلقة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، من خلال المصادقة على خطة لتوزيعها على المواطنين، ظاهرها تخفيف الأزمة، وباطنها الابتزاز السياسي والأمني، وفقًا لمراقبين.
ويتذرع الاحتلال بأن هذه الخطة من شأنها رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، حيث تقترح تنفيذها من خلال مراكز توزيع تخضع لسيطرته وتُؤمَّن بواسطة شركات أمنية أمريكية خاصة، لكن هذه الخطة قوبلت برفض فلسطيني وشعبي، وكذلك من المؤسسات الدولية الأممية والإغاثية العاملة في القطاع.
ووفقًا للخطة، ستسمح (إسرائيل) بدخول نحو 60 شاحنة يوميًا فقط، وهو ما لا يتجاوز عُشر الكميات التي كانت تدخل خلال فترة وقف إطلاق النار.
ويُشرف جيش الاحتلال على تفتيش الشاحنات عند معبر كرم أبو سالم، قبل أن تتوجه إلى مراكز توزيع يحددها الاحتلال جنوب القطاع، حيث تتولى شركات أمنية خاصة تأمين المواقع، بينما تنفذ منظمات الإغاثة عمليات التوزيع المباشر للفلسطينيين، دون إشراف محلي أو دولي مستقل.
وأكدت العديد من المنظمات الدولية والأممية رفضها التعامل مع الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، معتبرةً إياها 'لا تلتزم بالقوانين الدولية ولا بمبادئ الاستقلالية والحياد'.
ويكشف الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية، نضال أبو زيد، أن الشركات المعلنة لتوزيع المساعدات في جنوب قطاع غزة يقودها 'عوديد عيلام'، وهو عنصر سابق في جهاز 'الموساد' الإسرائيلي.
وأوضح أبو زيد لـ 'فلسطين أون لاين' أن أغلب عناصر هذه الشركات هم من القوات الخاصة الأمريكية والإسرائيلية، ومن جهازَي 'أمان' و'الشاباك'، محذرًا سكان القطاع من التعامل معها، واصفًا الأمر بأنه 'محاولة لاختراق الجبهة الداخلية الفلسطينية وفصلها عن المقاومة، بعد فشل الحرب النفسية والإعلامية'.
التفاف على القانون الدولي
قال مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية 'شمس' في رام الله، د. عمر رحال، إن '(إسرائيل) تسعى من خلال هذه الخطة إلى الظهور أمام العالم كطرف إنساني يلتزم بالقانون الدولي واتفاقيات جنيف، في محاولة واضحة للتنصل من مسؤولياتها كقوة احتلال'.
وأضاف رحال لـ'فلسطين أون لاين' أن الاحتلال يحاول أن يُظهر أنه لا يرتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، بينما يواصل فعليًا سياسات الإبادة والتجويع من خلال منع دخول المساعدات وفرض شروط أمنية مشددة.
وشدد على أن توزيع المساعدات يجب أن يتم من خلال المؤسسات الدولية والإغاثية، لا عبر جيش الاحتلال، معتبرًا أن هذه المساعدات 'ليست إلا محاولة لذر الرماد في العيون، وهي أداة للعلاقات العامة السياسية، لا عملاً إنسانيًا حقيقيًا'.
ودعا إلى فتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة، والسماح بإدخال شاحنات المساعدات الغذائية المكدسة على الجانب المصري، مؤكدًا ضرورة تمكين المنظمات الدولية من العمل بحرية، وإنهاء العدوان على غزة.
من جانبه، وصف الكاتب والمحلل السياسي، ذو الفقار سويرجو، الخطة بأنها 'فزاعة دعائية'، مشيرًا إلى أنها وُضعت نتيجة غياب أي بدائل سياسية لدى حكومة الاحتلال، بينما يرفضها الجيش لأنها تجبره على التعامل الإنساني المباشر مع المدنيين، وهو 'غير مهيأ لمثل هذه المهام'.
وأوضح سويرجو لـ'فلسطين أون لاين' أن جيش الاحتلال 'مدرب على القتل والتدمير، لا على تقديم مساعدات إنسانية'.
ورأى سويرجو أن هدف الخطة هو 'خلق صدمة وارتباك ونزوح جديد في صفوف الفلسطينيين المنهكين أصلًا'، واصفًا إياها بأنها 'شكل جديد من الإرهاب الإعلامي والضغط التفاوضي'.
وحذر من أن الخطة تُعدّ تجاوزًا خطيرًا لعمل المؤسسات الأممية، قائلًا: 'إجبار المدنيين على التعامل مع نقاط توزيع خاضعة للجيش يعني إدخالهم في تماس مباشر مع آلة الاحتلال، ما قد يؤدي إلى عمليات قتل علني أو إعدامات ميدانية تحت غطاء إنساني'.
وأكد سويرجو أن البديل الوحيد هو وقف العدوان والاعتراف الإسرائيلي بفشل الخيار العسكري، والعودة إلى طاولة السياسة بدلًا من استمرار المعالجة الأمنية للأزمة.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد دعا المجتمع الدولي إلى رفض الانخراط في هذه الآلية أو تمويلها بأي شكل، مطالبًا بتحرك فوري لفتح المعابر دون شروط، وضمان تدفّق المساعدات عبر مؤسسات حيادية ومستقلة، تحفظ كرامة الإنسان وتحترم القانون الدولي.