اخبار فلسطين
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٣ نيسان ٢٠٢٥
يذهب الطبيب خالد السر الذي يعمل جراحاً في مستشفى الناصر شمال غزة إلى أنه تعرض للضرب المبرح فيما أسر إليه سجناء آخرون أنهم تعرضوا للاغتصاب في معتقل سدي تيمان العسكري الواقع جنوب إسرائيل
تحذير: تقرير ذو محتوى صادم
وجه أطباء فلسطينيون يعملون في غزة اتهامات إلى القوات الإسرائيلية باستخدام الصعق بالكهرباء واتخاذ الأطباء دروعاً بشرية وتعذيبهم على نحو متواصل، بعد اعتقالهم من دون تهم.
وقال الدكتور خالد السر وهو جراح في مستشفى الناصر داخل خان يونس، إن الجيش الإسرائيلي داهم المنشأة مرتين واعتقل العشرات من أفراد الطاقم الطبي فيما كانوا يعالجون فلسطينيين جرحى.
ويزعم أنه عند اعتقاله خلال مارس (آذار) 2024، جرد من ملابسه تماماً مع أربعة أشخاص آخرين واستخدموا قسراً كدروع بشرية، قبل أن يقتادوا إلى معتقل سدي تيمان العسكري جنوبي إسرائيل.
ويقول إنه أجبر أثناء وجوده داخل المعتقل على الإدلاء باعترافات فيما ظل مكبل اليدين لمدة ثلاثة أشهر حتى أثناء النوم، وتعرض لضرب مبرح كسر أضلاعه، وجرى التحقيق معه في شأن المستشفى.
وقدم هذه الشهادة خلال وقت قالت فيه الأمم المتحدة الإثنين الماضي، إن إسرائيل قتلت أكثر من 15 فرداً من الطواقم الطبية والإغاثية فيما كانوا يحاولون إجلاء المصابين في مدينة رفح جنوب القطاع.
ويعتقد أن أكثر من 250 فلسطينياً من القطاع الطبي، من بينهم أطباء وممرضون ومسعفون، اعتقلوا داخل إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لمجموعة حقوق الإنسان 'أطباء لحقوق الإنسان إسرائيل' التي تزعم أن 180 من بين هؤلاء لا يزالون وراء القضبان 'من دون أية مراعاة للأصول القانونية أو توضيح'.
وخلال أكتوبر الماضي، خلصت لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل نفذت 'سياسة منسقة' لتدمير نظام الرعاية الطبية داخل غزة، عبر شن 'هجمات متعمدة ومتواصلة' استهدفت الطواقم والمرافق الطبية، ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وجريمة الإبادة التي تعد جريمة ضد الإنسانية.
وفي المقابل، نفى الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً جميع الاتهامات الموجهة إليه بممارسة التنكيل واستهداف الأطباء، متهماً بدوره مسلحي 'حماس' باستخدام المستشفيات في غزة كقواعد عسكرية لها مع أنه لم يقدم أدلة كافية على هذه التهمة الخطرة.
لكن أفراد الطواقم الطبية الفلسطينية يتحدثون من جهتهم عن مداهمات عنيفة وتفجير للمستشفيات واعتقالات بالجملة، واختفاء قسري للعاملين في المستشفى وتعذيب وقتل في مراكز الاعتقال.
وتظهر تفاصيل هذه الانتهاكات المزعومة إلى الضوء فيما نشرت 'اندبندنت' تحقيقها الخاص الذي كشفت من خلاله أدلة على تعرض السجناء الفلسطينيين، بما فيهم بعض أبرز أطباء غزة، إلى تنكيل وتعذيب وقتل داخل السجون الإسرائيلية.
وروى الدكتور خالد السر تفاصيل المعاملة المزعومة التي تلقاها في إحدى الليالي فقال لـ'اندبندنت'، 'كنت مقيداً من كل طرف، من كاحلي حتى معصمي. وقبعت مسمراً عاجزاً عن الحركة وعن التنفس كما يجب'.
'جلس جنود فوقي ووضعوا أحذيتهم علي. ظل أحدهم يركلني ويلكمني بكعب مسدسه أو رجله... كانوا يسددون لي ضربة كل دقيقتين إما من قبضة أو ركلة أو يضربون ظهري بأعقاب مسدساتهم. أصف ذلك [ما اختبرته] بأنه طريق الجحيم'.
وأضاف أن السجناء الجرحى كانوا يقصدونه لمساعدتهم، ومنهم أربعة رجال أخبروه بتعرضهم للاغتصاب على يد حراس السجن الإسرائيليين، الذين استخدموا أدوات حادة تسببت بنزف شرجي.
وقد تأثر أحد الرجال، وهو شاب عمره 24 سنة، بالتعذيب الذي تعرض له - وأخبر الدكتور السر أن الضرب شمل الاغتصاب وإبلاغه أن إسرائيل قصفت عائلته في غزة لأنه لم يعترف- حد الانهيار وأصبح يتبول ويتغوط في ملابسه لا إرادياً عند وصول الحراس. وبلغ الأمر درجة كبيرة من السوء حملت الدكتور السر إلى الإصرار على أن يعطيه الحراس حفاضات ليرتديها.
ومن جهته، قال الدكتور إياد البرش طبيب الصحة العامة الذي كان يعمل في مستشفى الشفاء أكبر مستشفيات غزة، إنه تعرض هو الآخر للاعتقال أثناء ممارسة عمله خلال مارس الماضي. وتكلم عن قضاء أربعة أشهر في [معتقل] سدي تيمان احتجز بعدها لمدة سبعة أشهر في سجن عوفر داخل الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف 'كانت حياة قاسية وصعبة وتجربة تخللها التعذيب بجميع ألوانه، من التعذيب الجسدي بسبب الضرب والركل والصدمات الكهربائية إلى التعذيب الجسدي والإهمال الطبي'، مضيفاً أنه فقد عدة أفراد من عائلته جراء القصف الإسرائيلي.
'حرمنا من حقوقنا الإنسانية ومُنعنا من الاتصال بعائلاتنا أو أية سلطة قانونية'.
حقق الجيش الإسرائيلي مرة واحدة في الأقل في مزاعم قيام الحراس في سدي تيمان بتعذيب سجين، وجاء في لائحة الاتهامات التي اطلعت عليها 'اندبندنت' أن خمسة حراس متهمون بالاعتداء المشدد الذي شمل 'طعن' سجين بأداة حادة سبب له تمزقاً داخلياً في منطقة الشرج.
لكنه أعلن أن هذه الحال تشكل حادثة 'استثنائية'، ونفى إساءة معاملته للأطباء.
وقال الجيش في بيان أرسله لـ'اندبندنت'، 'في ما يتعلق باحتجاز الطواقم الطبية، فإن بعض المشتبه فيهم اعتقلوا خلال عمليات داخل منشآت طبية استخدمتها ’حماس‘ وغيرها من المنظمات الإرهابية لغايات عسكرية'.
'وكان بين المعتقلين أيضاً أفراد من الطاقم الطبي أو أشخاص انتحلوا شخصية فرد من هذا الطاقم، وتبين أنهم متورطون بنشاطات إرهابية، فيما ظهر أن بعضاً منهم أفراد من الجناح العسكري لـ’حماس‘ ويعملون في الوقت نفسه داخل المؤسسة الطبية. إن جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل وفقاً للقانون الدولي ولا يعتقل أفراداً من الطاقم الطبي بسبب عملهم'.
من جانب آخر، تحدثت ياسمين البرش زوجة الجراح الفلسطيني ذائع الصيت الدكتور عدنان البرش إلى 'اندبندنت'، واصفة طريقة جمعها لتفاصيل ما حدث معه إثر وفاته داخل سجن عوفر خلال أبريل (نيسان) 2024، بعد مرور أربعة أشهر على اعتقاله.
وأعلنت أن رفاقه السابقين في الزنزانة أخبروها أنه خسر نصف وزنه تقريباً، وتعرض إلى أشد أنواع العنف والتعذيب.
وقال الدكتور غاي شاليف الطبيب الإسرائيلي ومدير جمعية 'أطباء لحقوق الإنسان، إسرائيل' إن إسرائيل استهدفت الأطباء الفلسطينيين على رغم الحماية الخاصة التي تكفلها لهم المواثيق والقوانين الدولية، خلال وقت يخلف فيه تدمير البنية التحتية لنظام الرعاية الصحية وقعاً أشد بعد.
وقال 'نعلم أنه حين يحتجز طبيب عظام الأطفال الوحيد في منطقة غزة داخل مركز اعتقال إسرائيلي، فذلك الشخص لا يعود على رأس عمله المهم'.
'إن هاجمت نظام رعاية صحية، فأنت لا تهاجم مئات الأشخاص المحددين الذين تستهدفهم فحسب، أو المئات الذين تعتقلهم. بل تضر شعباً بأكمله'.
وحذر من أن انتهاك المواثيق الدولية وحماية قطاع الرعاية الصحية في غزة شيء 'سوف ندفع ثمنه نحن كبشرية، في الصراعات المستقبلية'.
و'ترتكب هذه الانتهاكات بصورة علنية وسافرة ولا نرى أية محاسبة عليها، فلا يمارس على إسرائيل أي ضغط كي تحترم هذه المواثيق مما يعني فعلياً أن هذه المعاهدات لا معنى لها، أو أنها غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع'.
'هذا مقلق جداً على مستوى مستقبل الرعاية، سواء مفهوم الرعاية أو القدرة على رعاية شخص آخر'.
وشنت إسرائيل اجتياحاً مدمراً داخل غزة رداً على هجمات مسلحي 'حماس' الدموية جنوب إسرائيل يوم السابع من أكتوبر 2023، التي قتلوا فيها أكثر من 1200 شخص وأخذوا أكثر من 250 رهينة.
وفي المقابل، قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينية، من بينهم أكثر من 1057 من أفراد طواقم الرعاية الصحية والطبية الفلسطينية، بحسب ما أفادت الأمم المتحدة.
وخلال يناير (كانون الثاني) الماضي، حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن الأمم المتحدة وثقت 136 ضربة في الأقل على 27 مستشفى و12 مرفقاً صحياً مختلفاً داخل غزة، مضيفاً أن 'حماية المستشفيات أثناء الحرب أمر بالغ الأهمية ويجب على جميع الأطراف احترامه في كل الأوقات'.
وفي الوقت الحالي يعمل 15 مستشفى من أصل 24، فيما يتعذر عمل عدة أقسام داخل هذه المرافق جراء وقوع عدد مرتفع من الأطباء في الأسر.