بعنوان "الإعلام الفلسطيني في زمن الإبادة".. ملتقى لمة صحافة يعود بنسخته

بيت لحم 2000 -ينطلق ملتقى 'لمةصحافة' للإعلام المجتمعي بنسخته الثانية تحت عنوان 'الإعلام الفلسطيني في زمن الإبادة بين البقاء والذكاء'، وذلك يوم الثلاثاء القادم، الثلاثين من الشهر الجاري، في مؤسسة عبد المحسن القطان بمدينة رام الله. ويأتي الملتقى في وقت يشهد فيه الإعلام الفلسطيني تحديات غير مسبوقة، حيث يواجه الصحفيون والمؤسسات الإعلامية حرب إبادة ممنهجة استهدفت حياتهم المهنية وأدوات عملهم، في ظل ضغوط اقتصادية وتقنية تزيد من صعوبة الاستمرار في الميدان الصحفي.

ويهدف الملتقى إلى توفير مساحة للتواصل والاتصال بين الصحفيين، وإتاحة فرصة لمناقشة قضايا الإعلام الرقمي، وتطور الصحافة، ودور الصحفي في ظل التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى جلسة مساءلة حول الحريات وحق الوصول إلى المعلومات.

وفي مقابلة مع زميل الصحفي محمود حربات، أحد مؤسسي ملتقى 'لمةصحافة'، قال: 'كانت الفكرة الأساسية منذ بداية المؤسسة أن يكون هناك دائمًا مساحة للتواصل والتشابك بين الصحفيين، لأن الصحفي يغطي كل القضايا التي تخص المجتمع، لكن غالبًا لا أحد يغطي احتياجاته الخاصة. الميدان والعمل الصحفي دائمًا يكونان الأولوية، بينما تتأجل القضايا الشخصية والمشكلات الحقيقية للصحفي.'

وأضاف حرباتفيحديث خلال برنامج 'يوم جديد' مع الزميلة سارة رزق، الذي يبث عبر أثير راديو 'بيت لحم 2000': 'لذلك جاءت فكرة الملتقى لتوفير مكان يركز على الصحفيين وما يحتاجونه. التجربة الأولى قبل الحرب ناقشت استدامة المؤسسات الإعلامية، واليوم، وبعد تصاعد الاستهداف الواضح للصحفي الفلسطيني، بما في ذلك الاغتيالات والاعتقالات والملاحقات على منصات التواصل، أصبح هذا الملتقى ضرورة لمناقشة التحديات التي تواجه الإعلام الفلسطيني وصون صوته.'

وأوضح أن الهدف من الملتقى هو 'تمكين الصحفيين من سماع أصوات بعضهم البعض، ومناقشة الإشكاليات والتحديات اليومية التي تواجههم، والبحث عن سبل البقاء في مواجهة محاولات استهداف المؤسسة الإعلامية والصوت الفلسطيني'.

ويؤكد الملتقى، من خلال هذه النسخة، على أهمية التضامن بين الإعلاميين الفلسطينيين، ومواصلة العمل على حماية الحق في نقل الحقيقة والحفاظ على الإعلام الفلسطيني كأداة حيوية لصوت المجتمع الفلسطيني وصون وجوده في المشهد الإقليمي والدولي.

اختار منظمو ملتقى 'لمت صحافة' عنوان نسخته الثانية: 'الإعلام الفلسطيني في زمن الإبادة بين البقاء والذكاء'، ليعكس الواقع الصعب الذي يعيشه الصحفي الفلسطيني منذ عامين، في ظل الحرب والإبادة المستمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما خلفته من استشهاد عدد كبير من الزملاء الصحفيين.

وأشار محمود حربات، أحد مؤسسي الملتقى، إلى أن الإعلام الفلسطيني اليوم يواجه تحديات جديدة ومعقدة:

'التحدي الآن عالمي، مرتبط بالذكاء الصناعي وتقنيات الصناعة الإعلامية الحديثة، التي باتت تشكل أدوات اقتصادية قوية يمكن أن تواجه الصحفي أو أي مؤتمر صحفي، ما يفرض على المؤسسات الإعلامية تطوير مهاراتها وأدواتها لمواكبة هذا الواقع.'

وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، كانت في السابق محورًا رئيسيًا لعمل المؤسسات الإعلامية، لكنها اليوم تواجه تحديات إضافية تشمل استخدام الذكاء الصناعي بطريقة أخلاقية وفعالة:

'يجب أن تكون هناك أدوات وطرق تفكير دقيقة، بحيث يمكن للصحفي استخدام هذه التقنيات لخدمة مهمته الإعلامية، مع مراعاة الضغوط والتحديات التي يواجهها في فلسطين، بما في ذلك الاستهداف المباشر والخطر على حياته.'

وبخصوص ما يميز النسخة الثانية من الملتقى، قال حربات: 'الفرق الأساسي أن النسخة الثانية تأتي في ظل استمرار الحرب، ما يجعل النقاش حول واقع الإعلام الفلسطيني أكثر إلحاحًا. أولى جلسات الملتقى ستخصص للصحفيين لمناقشة الإشكاليات الحقيقية التي تواجههم، وتوثيق تجاربهم اليومية في الميدان.'

كما تناول حربات قضايا استغلال الصحفيين الشباب من قبل بعض المؤسسات الإعلامية، وما يعرف باسم 'البكسة'، الذي يمثل انتهاكًا لحقوقهم: 'وجدنا أن بعض المؤسسات تستغل الصحفيين الصغار، وهناك مصطلح جديد يسمى 'البكسة'، يعكس أفعالًا غير قانونية تستهدف هذه الفئة.'

وأضاف أن جلسة خاصة ستناقش واقع الصحفيات الفلسطينيات تحت عنوان 'زميلاتشيرين': 'الصحفيات يواجهن صعوبات مضاعفة أثناء التغطية، لذلك خصصنا هذه الجلسة لمناقشة التحديات التي يواجهنها، مع جلسات إضافية حول تأثير الذكاء الاصطناعي والتوجهات المؤسساتية، وكذلك الترجمة الإعلامية للإعلام الإسرائيلي وتأثيرها على الجمهور الفلسطيني والعربي.'

وأخيرًا، ستكون هناك جلسة تفاعلية للمشاركين لطرح الاستفسارات والأسئلة على الضيوف، بهدف خلق نقاش شامل حول التحديات اليومية التي تواجه الإعلام الفلسطيني، وسبل دعم الصحفيين وتمكينهم من أداء مهامهم في ظل الحرب المستمرة.

تبدأ افتتاحية النسخة الثانية من ملتقى 'لمةصحافة' من قلب قطاع غزة، مسلطة الضوء على واقع الإعلام الفلسطيني في ظل الحرب المستمرة والاستهداف المباشر للصحفيين والمؤسسات الإعلامية. فقد استشهد أكثر من 250 صحفيًا وصحفية، فيما دمر الاحتلال نحو 90% من المؤسسات الإعلامية في القطاع، خاصة بعد الدور الكبير الذي لعبه الإعلام في فضح جرائم الإبادة، ضمن استراتيجية الاحتلال لإسكات الصوت الفلسطيني.

وأكد محمود حربات أن الصحفي الفلسطيني هو أحد أهم أدوات مواجهة الرواية الإسرائيلية، قائلاً: 'الصحفي وعمله يشكلان سلاحًا فاعلًا في تفنيد الأكاذيب، والاحتلال يدرك أهميته، ولذلك يستهدفه بشكل ممنهج، من قتل متعمد إلى اعتقالات وتضييق على المؤسسات الإعلامية وتقليل مصادر التمويل، ما يؤثر بشكل مباشر على القدرة الاقتصادية للصحفيين والمؤسسات في الضفة الغربية.'

وأضاف حربات أن الهدف من الملتقى هو إيجاد حلول واقعية ومستدامة للاستمرار في العمل الصحفي: 'الاستمرار في تغطية الأحداث ليس رفاهية، بل قرار حقيقي يتطلب استراتيجيات واضحة ودعم شامل للصحفيين.'

وأشار إلى أهمية الشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – ديوان المظالم، التي أضفت بعدًا حقوقيًا وإنسانيًا على جلسات الملتقى، مع التركيز على تعزيز الثقة والدعم للصحفيين الشباب والمؤسسات الصغيرة، وتقديم دفعة معنوية لهم.

وأوضح حربات أن الملتقى يسعى لتعزيز بيئة أكثر أمانًا وحرية للعمل الصحفي، من خلال رفع الصوت الفلسطيني ومناقشة جميع القضايا والبدائل الممكنة: 'نحاول قدر الإمكان أن يصل صوتنا للعالم، فالملفات الإنسانية تتعلق بكل فئات المجتمع الفلسطيني، من الأطفال والنساء إلى الصحفيين، ونحن نركز على إيصال صوت الصحفي الفلسطيني للجميع.'

وفيما يخص الإعلام الدولي، أشار حربات إلى أن التغطية تختلف عن الإعلام المحلي: 'الإعلام المحلي محدود في أصالة الرسالة، بينما الإعلام الدولي، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر، شهد تغييرات وضغوطًا كبيرة، مع تضامن عالمي حقيقي مع القضية الفلسطينية، نتيجة بشاعة الجرائم المرتكبة في الضفة الغربية.'

وأكد أن الصوت الصحفي الفلسطيني أصبح يفرض نفسه على الساحة الدولية، ويشكل تحديًا محرجًا للاحتلال الإسرائيلي وحكومته، ويعكس الواقع والتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية، رغم الدعم الأمريكي المستمر للاحتلال وجرائمه.

في ختام حديثه، استعرض محمود حربات، أحد مؤسسي ملتقى 'لمت صحافة'، تطلعات الملتقى للسنوات القادمة، مؤكداً أن الهدف الأساسي هو تعزيز قدرة الصحفيين على الاستمرار في أداء مهامهم رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الإعلام الفلسطيني. وأوضح أن التطلعات تشمل إيجاد مساحات داعمة للصحفيين، توفر لهم الاهتمام والرعاية النفسية والمعنوية، خصوصاً للزملاء الذين تعرضوا لضغوط نفسية أو مهنية نتيجة الحرب والاستهداف المستمر.

وأشار حربات إلى أن الملتقى لا يقتصر على الصحفيين وحدهم، بل يشمل المجتمع الفلسطيني بكافة قطاعاته، من مؤسسات وشركات وبسطات وأفراد، مشدداً على ضرورة تكاتف الجميع لدعم الإعلام الفلسطيني. وأضاف: 'الإعلام الفلسطيني اليوم يواجه إشكالية كبرى في موضوع الاستدامة، ووجوده يمثل مصلحة وطنية ومجتمعية، ويخدم المواطن نفسه. لذلك يجب على الجميع أن يقف إلى جانب الصحفيين والمؤسسات الصحفية، وأن يدافع عن وجودهم وصوتهم، فالصوت الصحفي هو صوت المواطن في النهاية.'

وأكد حربات أن الملتقى يسعى لتسليط الضوء على أهمية دعم الصحفي الفلسطيني وتمكينه من مواجهة التحديات، مع التركيز على الاستدامة كقيمة أساسية للحفاظ على الإعلام كأداة وطنية ومجتمعية، مضيفاً أن هذه الجهود تأتي في إطار تعزيز مكانة الإعلام الفلسطيني كركيزة أساسية في نقل الحقيقة ومواجهة محاولات إسكات الصوت الفلسطيني.

المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي التالي: