اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بدأت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، أعمال تجريف واسعة في منطقة المسعودية الأثرية التابعة لبلدة سبسطية شمال نابلس، في خطوة تمثل انتهاكًا مزدوجًا للتراث الحضاري الفلسطيني، وتأتي في سياق تسارع وتيرة المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية.
وتُعد منطقة المسعودية موقعًا أثريًا بارزًا، إذ تضم محطة قطار عثمانية قديمة كانت جزءًا من سكة حديد الحجاز التاريخية، وقد تعرّضت المنطقة لاقتحامات متكررة من المستوطنين خلال السنوات الماضية، غير أن بدء أعمال التجريف يُعد الأخطر حتى الآن، في ظل اعتقاد واسع بأن هذه الأعمال تمهّد لإقامة بؤرة استيطانية جديدة أو لتوسيع مستوطنة 'شافي شمرون' القريبة.
ورغم أن المنطقة الواقعة غرب بلدة 'برقة' مُصنّفة كموقع أثري واجب الحماية بموجب الاتفاقيات الدولية، ولا سيما اتفاقية لاهاي لعام 1954 الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في النزاعات المسلحة، إلا أن الاحتلال تجاهل ذلك وشرع بأعمال التجريف، في إطار تكريس سياسة الضم وفرض الأمر الواقع.
واعتبر رئيس مجلس قروي برقة، زياد أبو عمر، أن بدء الاحتلال والمستوطنين أعمال التجريف في منطقة المسعودية الأثرية شرق بلدة سبسطية شمال نابلس يشكّل تطورًا بالغ الخطورة على المستويين السياسي والرمزي.
وقال أبو عمر لـ 'فلسطين أون لاين': إن 'المسعودية ليست مجرد موقع جغرافي، بل رمز حضاري يضم بقايا محطة من سكة حديد الحجاز العثمانية، ويربط الفلسطينيين بجذورهم التاريخية وهويتهم الثقافية'.
وأوضح أن الشروع في تجريف هذا الموقع يندرج ضمن محاولات الاحتلال المتواصلة لطمس الوجود الفلسطيني واستبداله برواية استيطانية تسعى إلى فرض السيطرة الرمزية والمادية في آنٍ واحد.
وأضاف أن ما يجري في المسعودية يأتي ضمن سياسة فرض واقع استيطاني بالقوة، من خلال تسارع عمليات الضم وفرض الوقائع على الأرض، لا سيما في مناطق 'ج' الخاضعة لسيطرة الاحتلال، في ظل غياب ردع دولي فعّال.
وأشار إلى أن الهدف من المشروع هو عزل شمال الضفة الغربية عن وسطها، وتوسيع المستوطنات المحيطة، وعلى رأسها مستوطنة 'شافي شمرون'.
وبيّن أن الاحتلال يوظّف الآثار كأداة سياسية لتبرير أطماعه الاستيطانية، متذرّعًا بعمليات ترميم أو تنقيب أثري، بينما يجري فعليًا تحويل المواقع التاريخية إلى فضاءات استعمارية، في انتهاكٍ صارخ لاتفاقيات لاهاي ومبادئ حماية التراث الثقافي أثناء النزاعات.
وشدد أبو عمر على أن هذه الخطوة تمثّل اختبارًا لردود الفعل الفلسطينية والدولية، حيث تسعى حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة إلى قياس مستوى الاستعداد للتحرك الشعبي والقانوني، ومدى الاهتمام العربي والدولي بمثل هذه الانتهاكات، تمهيدًا لتكرارها في مواقع أثرية أخرى.
بدوره، أكد الخبير في شؤون الاستيطان عبد الناصر مكي أن الاحتلال يروّج لما يُعرف بـ'السردية الإسرائيلية' للسيطرة على المناطق الأثرية في الضفة الغربية، ويعتبرها – وفق روايات المستوطنين – ملكًا لهم، خاصة خلال الفترة الأخيرة.
وقال مكي لـ 'فلسطين أون لاين': 'هذه روايات زائفة، هدفها السيطرة على الأرض الفلسطينية بذريعة السياحة أو المواقع الأثرية، وهي ادعاءات غير صحيحة؛ فالتاريخ يشهد بأن هذه المواقع عربية فلسطينية'.
وأوضح أن الفترة الماضية شهدت تصاعدًا في محاولات المستوطنين الاستيلاء على المواقع الأثرية في الضفة الغربية المحتلة، بدعم مباشر من سلطات الاحتلال.
وأكد أن الإرث التاريخي الفلسطيني قادر على دحض روايات المستوطنين والسردية الإسرائيلية المزيّفة، وإثبات الحق الفلسطيني بالأدلة التاريخية والقانونية.

























































