اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٥ أيار ٢٠٢٥
تبدّد ليل شمال قطاع غزة، لتحلّ مكانه رائحة البارود والدخان التي خيّمت على الأرجاء، بعدما تحوّل هدوء الليل إلى جحيم نيران وصواريخ.
فقد استهدفت الغارات الإسرائيلية المكثفة فجر أمس، منازل المدنيين ومراكز الإيواء، في واحدة من أعنف الهجمات التي يشهدها القطاع منذ بدء الحرب الإسرائيلية الضروس على غزة.
تصاعدت ألسنة اللهب من بين الركام، في حين سُمع صوت استغاثات العالقين تحت الأنقاض، وسط عجز فرق الإنقاذ عن الوصول إليهم.
لم يعد شمال غزة مكانًا آمنًا، بل أصبح ساحة للمجازر، حيث يُقصف الأبرياء في منامهم، وتُمحى العائلات بأكملها من السجلات، في ظل صمت دولي مطبق ومشهد إنساني يزداد سوداوية.
فقد بدأت قوات الاحتلال ذلك الفجر بارتكاب مجازر مروعة عبر قصف متواصل استهدف منازل مأهولة، وأدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال.
ووصفت مصادر طبية وميدانية تلك الليلة بـ'الأكثر دموية' منذ بدء التصعيد الأخير على القطاع.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن الغارات أسفرت عن ارتقاء أكثر من 70 شهيدًا، في حين لا يزال عدد غير معروف من الضحايا تحت أنقاض البيوت أو في الشوارع، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب شدة القصف وخطورته.
وتداول ناشطون مقاطع فيديو توثق لحظات مؤلمة لتكدّس جثامين الشهداء في ممرات المستشفى الإندونيسي، الذي لم يعد قادرًا على استيعاب الأعداد المتزايدة من الشهداء والجرحى.
وأفادت وزارة الصحة بأن عائلات بأكملها تم استهدافها وتدمير منازلها فوق رؤوسها، من بينها عائلات النجار، وخلة، وسويلم، والقطناني، ومقبل، في مناطق شمالي القطاع.
وبعض هذه العائلات، بحسب المصدر، تم 'شطبها بالكامل من السجل المدني' بعد استشهاد جميع أفرادها.
وضع كارثي
ووصف مدير المستشفى الإندونيسي، الدكتور مروان السلطان، ما جرى ليلة المجزرة بأنه 'مجزرة كاملة ضد المدنيين'، حيث استقبل المستشفى 52 شهيدًا، من بينهم 20 طفلًا و15 سيدة، إضافة إلى أكثر من 60 إصابة.
وأشار السلطان لـ 'فلسطين أون لاين' إلى أن الأعداد قابلة للارتفاع في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية على شمال غزة.
وأوضح أن المستشفى يعمل بطاقته القصوى، حيث وصلت نسبة الإشغال إلى 130%، مع نقص حاد في الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية.
وبيّن أن غرف العناية المركزة والعمليات ممتلئة بالكامل، ما يهدد حياة العديد من الجرحى الذين يحتاجون إلى تدخل جراحي عاجل، مؤكدًا أن الكوادر الطبية تعمل بشكل متواصل رغم التعب والإرهاق الشديد.
وناشد السلطان المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية توفير الحماية للطواقم الطبية والمستشفى، والسماح بإدخال الوقود والإمدادات الطبية بشكل فوري.
ولفت إلى أن المستشفى يقع ضمن المناطق المصنفة 'خطرة' بحسب خرائط جيش الاحتلال، وهو ما يزيد المخاوف من تعرضه للاستهداف.
ممرات آمنة
من جانبه، أكد مدير الإسعاف في الخدمات الطبية، حسين محيسن، أن الأوضاع في شمال القطاع 'كارثية بكل المقاييس'.
وقال محيسن لـ'فلسطين أون لاين' إن الاحتلال استهدف منازل ومراكز إيواء، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين بشكل غير مسبوق خلال ساعات قليلة.
وأضاف أن طواقم الإسعاف في مدينة غزة توجهت لمساندة إسعاف الشمال، وتعمل منذ مساء الثلاثاء الماضي دون توقف، في ظروف غاية في الخطورة، في ظل الاستهداف المباشر والمستمر.
وأوضح أن كثيرًا من العائلات تم محوها من السجل المدني نتيجة الاستهداف الكامل لجميع أفرادها، وهو ما يعكس حجم الجريمة التي تُرتكب بحق المدنيين العزّل.
كما حذّر محيسن من نقص حاد في المركبات والطواقم الطبية، مطالبًا بتوفير ممرات آمنة لحركة الإسعاف والدفاع المدني حتى يتمكنوا من إنقاذ المصابين وانتشال الشهداء من تحت الأنقاض دون التعرض للقصف.