اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٥
لم يكن إعلان وقف إطلاق النار في غزة لحظة هدوء كما يتوقعها العالم، بل كانت لحظة انفجار عاطفي غير مسبوق.
فبينما أُطفئت أصوات القذائف، انطلقت أصوات البكاء من كل بيتٍ وشارعٍ ومستشفى.
لم يكن بكاء راحة، بل بكاء نجاةٍ مؤقتة، بكاء من عاش أكثر مما يحتمل، ورأى أكثر مما يُطاق.
هستيريا جماعية.. وذاكرة مثقلة بالنار
يرى مختصون نفسيون أن ما حدث أشبه بـ'تفريغ جماعي' لمشاعر مكبوتة، تراكمت خلال أسابيع طويلة من الخوف والفقد والصدمة.
فحين يُعلن وقف النار، لا تهدأ النفوس فورًا، بل تنفجر.
فالعقل الذي ظلّ في حالة “نجاة مستمرة” يفقد السيطرة، فتتحول المشاعر إلى فوضى: بكاء، ضحك متقطع، صمت عميق، أو حتى نوبات غضب بلا سبب واضح.
دموع الخوف لا تشبه دموع الفرح
في تلك اللحظات، اختلطت الدموع: دموع على الأحبة الذين غابوا، وأخرى على البيوت التي لم تعد، ودموع خجولة للفرح بأن الموت أخطأ الباب هذه المرة.
الأطفال بدوا تائهين بين ضحكةٍ مرتجفة ودمعةٍ بلا تفسير، والنساء بين الدعاء والذهول، والرجال بين الانكسار والتظاهر بالقوة.
علم النفس يقرأ المشهد
أصف هذه الحالة بأنها “انفجار انفعالي بعد الصدمة”، حيث يتراجع الجهاز العصبي فجأة من حالة الطوارئ القصوى إلى مساحةٍ رمادية من التعب والانهيار.
فالجسد يفرغ ما تبقى من طاقته عبر البكاء، والدماغ يحاول إعادة تنظيم الفوضى الداخلية.
إنها ليست هستيريا مرضية، بل رد فعل طبيعي بعد تجربةٍ غير إنسانية بكل المقاييس.
غزة تبكي.. لتستعيد وعيها
إن بكاء غزة لم يكن ضعفًا، بل لحظة شفاء أولى.
البكاء الهستيري كان شهادة على عمق الجرح، ودليلًا على أن الروح ما زالت قادرة على الإحساس بعد كل ما مرت به.
وفي فوضى المشاعر تلك، ولدت من جديد إرادة الحياة.. لأن من يعرف طعم البكاء، يعرف أيضًا كيف يخلق من دموعه بداية جديدة.